24-يوليو-2023
اتفق المجتمعون في مؤتمر روما على اتخاذ المزيد من الخطوات لمواجهة الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا (GETTY)

المجتمعون توافقوا على اتخاذ المزيد من الخطوات لمواجهة الهجرة نحو أوروبا (GETTY)

اختتمت في العاصمة الإيطاليةروما، أعمال "المؤتمر الدولي حول التنمية والهجرة"، بمشاركة 20 دولة من الدول المطلة على البحر المتوسط، ودول أفريقية وأخرى من آسيا، حيث تم الإعلان عن إطلاق "عملية روما لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية"، مع الاتفاق على "خطوات لمواجهة تزايد تدفق أعداد متزايدة من المهاجرين باتجاه أوروبا".

المؤتمر الذي نظم في روما، يأتي ضمن نشاط رئيسة الوزراء اليمينية، لمواجهة الهجرة إلى أوروبا

التوافق على التمويل وتعزيز التعاون الأمني

وجاء في المؤتمر الصحفي الختامي للمؤتمر الذي دعت إليه الحكومة الإيطالية، أن الدول المشاركة في المؤتمر توافقت على "توفير التمويل اللازم لتنمية دول انطلاق طالبي اللجوء، وكذلك دول العبور"، كما تم الاتفاق على "تضييق الخناق على تهريب البشر، وتحسين التعاون بين الدول الأوروبية والأفريقية في مجالات مثل الطاقة المتجددة".

دعت رئيسة الوزراء الإيطالية إلى تعزيز التعاون الأمني بين دول البحر الأبيض المتوسط

وخلال كلمتها في جلسات المؤتمر، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، إن "الهجرة الجماعية غير النظامية نحو أوروبا تديرها عصابات الاتجار بالبشر التي تستغل ظروف المهاجرين، وتصور لهم الرحلة إلى أوروبا رحلة أمل"، ودعت إلى "تعزيز التعاون الأمني بين دول البحر الأبيض المتوسط، وتشديد التشريعات لردع المهربين، لمنعهم من الانتقال من مكان إلى آخر".

وعلى عكس خطاباتها السابقة، أكدت ميلوني، أن "الحكومة الإيطالية منفتحة على استقبال المزيد من الأفراد عبر الطرق القانونية، لأن أوروبا وإيطاليا بحاجة إلى الهجرة"، لكنها أردفت "الهجرة الجماعية غير النظامية تضررنا جميعًا. لا أحد يستفيد من ذلك، باستثناء الجماعات الإجرامية التي تغتني على حساب الفئات الأضعف، وتستخدم قوتها حتى ضد الحكومات".

الاتفاق مع تونس نموذجًا

من جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إننا "نريد أن يكون اتفاقنا مع تونس نموذجًا للمستقبل من أجل عقد شراكات مع دول أخرى في المنطقة"، وأضافت "على الاتحاد الأوروبي أن يقدم مخرجًا قانونيًا لاستقبال المهاجرين بدلًا من المخاطرة بحياتهم في معابر بحرية محفوفة بالمخاطر".

من جهته، طالب الرئيس التونسي قيس سعيّد بوضع حد لظاهرة الهجرة السرية، واصفًا إياها بشكل من أشكال "العبودية الحديثة"، مؤكدًا أنه "لا يمكن حل قضية الهجرة غير النظامية من خلال تحركات منفردة".

وأشار سعيّد "هناك بيع للأسلحة للدول الأفريقية لتغذية النزاعات، بينما بالإمكان استغلال كل هذه الثروات المهدورة في السلاح للقضاء على المجاعات في أفريقيا" ، وشدد سعيّد على أنه "لن يستتب الأمن ولن يتحقق الاستقرار إذا لم نتمكن من دراسة أسباب وجذور انعدام المساواة وانعدام الأمن، هذه الجثث التي نراها أمام أعيننا هي جراء فقدان الأمن"، وتابع: "رأينا قبل بضع سنوات انطلاق عمليات عصابات الاتجار بالبشر وكذلك الاتجار بالأعضاء، والشعب التونسي يقدر القيمة الإنسانية لهؤلاء المهاجرين واللاجئين، ولكنه يتصدى لهذه العصابات الإجرامية"، وفق تعبيره.

أكد الرئيس التونسي أنه لا يمكن حل قضية الهجرة غير النظامية من خلال تحركات منفردة

آلية للتعاون

بدوره، تحدث رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، عن "آلية التعاون" القائمة بين الحكومة الليبية والحكومة الإيطالية، ودعا لإنشاء "آليات دولية مشتركة لا تقوم على المبادرات الفردية"، وأضاف الدبيبة أن بلاده "تحتاج إلى شراكة حقيقية مع الدول الأوروبية لمعالجة ملف الهجرة"، مشيرًا إلى وجود نحو مليوني مهاجر في بلاده.

في سياق متصل، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، عن عقد مؤتمر للمانحين قريبًا بشأن "الهجرة غير النظامية".

تنديد حقوقي

من جانب آخر، وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الاتفاق الذي عقده الاتحاد الأوروبي مع تونس لمكافحة "الهجرة غير النظامية" بأنه "إمعان في الانحطاط"، ويتعارض مع حقوق الإنسان.

وقالت المنظمة الحقوقية: "دعت الزعيمة اليمينية المتطرفة الحكام المستبدين من مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الاجتماع في روما في 23 تموز/يوليو، مع بعض الحكومات الأوروبية، وممثلي مؤسسات مالية دولية"، وأضافت "رغم عدم وضوح التفاصيل بعد، يُتوقع أن يمهد المؤتمر الطريق لصفقات مماثلة لتلك المُبرَمة مع تونس، التي أشادت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ووصفتها بأنها مخطَّط للمنطقة".

وتابعت المنظمة "تفترض الصفقة أن يقدم الاتحاد الأوروبي الدعم المالي إلى تونس والتعاون الوثيق معها مقابل احتوائها مغادرة المهاجرين وطالبي اللجوء نحو أوروبا".

واعتبرت "هيومن رايتس ووتش"، أن الصفقة "تتشدق بالكلام عن حقوق الإنسان دون الاعتراف بالانتهاكات الخطيرة ضد المهاجرين الأفارقة السود على يد السلطات التونسية، ناهيك عن معالجتها. كما أنها لا تنص على أي شروط حقوقية".

وأكدت أن "عقد الصفقة يتعارض تمامًا مع المقاربة الحقوقية للهجرة واللجوء. فهي تظهر أن أوروبا لم تتعلم الدرس من تواطؤها في الانتهاكات الفظيعة ضد المهاجرين في ليبيا"، مشيرةً إلى "نية تكرار الصفقة مع بلدان أخرى من المنطقة، خصوصًا مصر والمغرب".

تنديد حقوقي بالانتهاكات الخطيرة ضد المهاجرين الأفارقة في تونس

يذكر أن الاتحاد الأوروبي وقع مع تونس الأسبوع الماضي اتفاقًا لـ"شراكة استراتيجية"، يتضمن "تضييق الخناق على مهربي البشر، وتشديد الرقابة على الحدود".

بالمقابل، تعهدت أوروبا بتقديم مساعدات قيمتها مليار يورو (1.1 مليار دولار) لدعم الاقتصاد التونسي المنهك، ومساعدة الدولة التونسية.

اعتبرت "هيومن رايتس ووتش"، أن الصفقة "تتشدق بالكلام عن حقوق الإنسان دون الاعتراف بالانتهاكات الخطيرة ضد المهاجرين الأفارقة السود على يد السلطات التونسية، ناهيك عن معالجتها. كما أنها لا تنص على أي شروط حقوقية"

ووفق الاتفاق المذكور الذي لم تظهر معالمه كاملةً، ستشمل "الشراكات الاستراتيجية"، التنمية الاقتصادية والتجارة والاستثمار، مع مزايا ثنائية في مجالات مثل المناخ والطاقة المتجددة.