20-يوليو-2023
gettyimages

منظمات حقوقية ومعارضة، تصف تونس بشرطي حرس الحدود للاتحاد الأوروبي (Getty)

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، الأربعاء 19 تموز/ يوليو 2023، إنّه "نظرًا إلى الانتهاكات الموثقة التي ارتكبتها قوات الأمن والهجمات المعادية للأجانب ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين في تونس، بالإضافة إلى غياب قانون وطني للجوء في تونس، يبدو أن تونس لا تفي بمعايير قانون الاتحاد الأوروبي الخاصة بالدولة الثالثة الآمنة، وينبغي ألا يعاد الأفارقة السود على وجه الخصوص قسرًا أو يتم نقلهم إلى تونس".

أكدت هيومن رايتس ووتش أن قوات الشرطة، والجيش، والحرس الوطني التونسية، بما فيها الحرس البحري، ارتكبت انتهاكات خطيرة ضدّ المهاجرين، واللاجئين، وطالبي اللجوء الأفارقة السود

وطالبت "هيومن رايتس ووتش" الحكومة التونسية بالتحقيق في "جميع الانتهاكات المبلغ عنها ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين المرتكبة من قبل السلطات أو المدنيين؛ وضمان المساءلة، بما يشمل الإجراءات القانونية المناسبة، وتنفيذ الإصلاحات وأنظمة الرقابة ضمن الشرطة والحرس الوطني (بما في ذلك حرس السواحل) والجيش لضمان احترام حقوق الإنسان، وإنهاء التمييز العنصري أو العنف، والامتناع عن زيادة الكراهية العنصرية أو التمييز ضد الأفارقة السود".

وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أن قوات الشرطة، والجيش، والحرس الوطني التونسية، بما فيها الحرس البحري، "ارتكبت انتهاكات خطيرة ضدّ المهاجرين، واللاجئين، وطالبي اللجوء الأفارقة السود. شملت الانتهاكات الموثَّقة الضرب، واستخدام القوّة المفرطة، وفي بعض الحالات التعذيب، والاعتقال والإيقاف التعسفيين، والطرد الجماعي، والأفعال الخطرة في عرض البحر، والإخلاء القسري، وسرقة الأموال والممتلكات".

تنا

ويأتي بيان المنظمة الدولية، بالتزامن مع انتشار صور للمهاجرين في المناطق الصحراوية من تونس، والحدودية مع ليبيا، بعد إرسالهم إليها من قبل قوات الأمن التونسية.

وتتزامن، مع اتفاقية عقدتها تونس مع الاتحاد الأوروبي، بقيمة مليار دولار، تتضمن دعم الاقتصاد، ومنع وصول المهاجرين إلى أوروبا.

وُجّهت سهام نقد عديدة إلى البرلمان التونسي الجديد، وتزايدت الانتقادات بعد انفراد الرئيس التونسي قيس سعيّد بتوقيع عدد من الاتفاقيات الكبرى آخرها مذكرة التفاهم المثيرة للجدل مع الاتحاد الأوروبي حول الشراكة الاستراتيجية الشاملة وفي القلب منها ملف الهجرة والمهاجرين عبر الشواطئ التونسية. 

حيث وجّه عدد من النواب السابقين انتقادات للبرلمان الحالي تتعلق أساسا بدوره وموقفه من تلك الاتفاقيات. مع الإشارة إلى تجريد مجلس النواب من معظم صلاحياته وتركيز معظم الصلاحيات بيد الرئيس سعيد في قرطاج.

وقارن المنتقدون بين البرلمان الحالي والبرلمان الذي أسقطه الانقلاب، منوهين إلى أنّ المجلس السابق كان يناقش يناقش جميع الاتفاقيات والمعاهدات الكبرى تحت قبة برلمان الشعب.

لكن الدستور الذي صاغه الرئيس سعيد جرّد البرلمان من الكثير من الصلاحيات، فالبند 74 من الدستور ينصّ على أن "يصادق رئيس الجمهورية على المعاهدات ويأذن بنشرها. ولا تجوز المصادقة على المعاهدات المتعلقة بحدود الدولة والمعاهدات التجارية والمعاهدات الخاصة بالتنظيم الدولي، وتلك المتعلقة بالتعهدات المالية للدولة، والمعاهدات المتضمنة أحكامًا ذات صبغة تشريعية، إلا بعد الموافقة عليها من قبل مجلس نواب الشعب. ولا تُعدّ المعاهدات نافذة المفعول إلا بعد المصادقة عليها، وشريطة تطبيقها من الطرف الآخر. والمعاهدات المصادق عليها من قبل رئيس الجمهورية والموافق عليها من قبل مجلس نواب الشعب أعلى من القوانين ودون الدستور".

برلمان مغيّب

يرى برلماني سابق  أن البرلمان الحالي نسخة مشوهة لسلطة الانقلاب، ويؤكد  النائب السابق  زياد الهاشمي أن مجلس النواب الجديد "هو مجلس بلا صلاحيات ولا قيمة لدى الشعب، ولهذا غاب الموقف عن هذا البرلمان، وهذا هو الفرق بين برلمان الشعب وبرلمان بودربالة"، وفق تعبيره.

أما حول الاتفاقية الشاملة المثير للجدل مع الاتحاد الأوروبي فقال زياد الهاشمي في حديث لصحيفة العربي الجديد: "كما عوّدنا قيس سعيّد أنه لا يعمل ولا يتفق على تسويات إلا داخل الغرف المظلمة لقصر قرطاج، واستمراراً لهذا النهج جاءت هذه الاتفاقية بينه وبين ترويكا الاتحاد الأوروبي، والتي يتم الترويج لها من خلال صفحات إلكترونية داعمة للانقلاب على أنها فتح مبين، وانتصار سياسي واقتصادي كبير لسلطة الانقلاب، والغريب أنّ هذا الانتصار يتكتم على تفاصيله قيس سعيّد وكل من معه".

getty

وأردف الهاشمي قائلًا: "كالعادة ما تكتم عنه قيس سعيّد فضحته الصحافة الأجنبية، خصوصاً الهولندية، التي قالت إنّ اتفاق الهجرة مع تونس أهم ما جاء فيه رفع الدعم عن المحروقات، وبيع المؤسسات العمومية، وقرض بـ900 مليون يورو بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ومساعدة مالية عاجلة لتونس في شكل لوجستي للحدّ من ظاهرة الهجرة غير النظامية".

مضيفًا القول: "شخصيًا لا أعتقد أنّ هذا هو الاتفاق، وإلا لما كان عليه الكثير من التكتم والسرية، فما يرشح من دوائر مقربة من القرار الأوروبي، أن قيس سعيّد قبِل بتوطين المهاجرين، ولعب دور الحارس للحدود الأوروبية بصفة متقدمة، وتقديم تسهيلات وتنازلات كبيرة في قبول المهاجرين على الأراضي التونسية".

أما النائب السابق ماهر مذيوب فاعتبر أنّ "الاتفاقية بين قيس سعيّد وأوروبا صيغت في ظروف استثنائية، غير ملائمة لبلادنا، حيث تعاني أزمة دستورية عميقة منذ انقلابه على الدستور، وتوالي الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية الحادة، يضاف إلى ذلك حاجة قيس سعيّد لفك عزلته الدولية، والبحث عن مساعدين له في مفاوضات حكومته لدى صندوق النقد الدولي".

وشدد مذيوب على أنّ "قيس سعيّد، لا يعير مجلسه أي اهتمام أو احترام، والأصل في الأمور أنّ أي اتفاقية تناقش بجدية تامة في مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية قبل العمل بها".

وتساءل مذيوب "ماذا ستكون ردة فعل برلمان قيس سعيّد عن اتفاقية، كُتبت بليل داخل الغرف المظلمة، ووقعها كاتب دولة، ولا نعلم شيئاً عن تداعياتها الاستراتيجية ومخاطرها على الأمن القومي التونسي؟"، وتابع "هذه الاتفاقية هي تجسيد لمظهر من مظاهر الحكم الفردي، في غياب الحكم الرشيد المؤسس على مشورة الشعب من خلال ناخبيه، والدور العظيم للمجتمع المدني، والنقاش الثري في وسائل الإعلام الحرة".

وفي ردّ قدّمه نائب رئيس مجلس النواب الحالي المكلف بالمشاريع الكبرى اعتبر رياض جعيدان أنّ "ما تم توقيعه هو مذكرة تفاهم بين طرفين في سياق مفاوضات بين دولة ومنظمة دولية، أو مجموعة دول، هو إعلان نوايا وإعلان للخطوط العريضة والإطار العام، وهذا ليس له أي إلزامية قانونية، فهي بمثابة الأعمال التحضيرية للاتفاقات الدولية التي ستمضى فيما بعد، وهذا اللغط يعود إلى عدم الاطلاع على نص المذكرة، وبالتالي ليست اتفاقية كما يدعون".

وأضاف "بالتمعن في المذكرة، نجد خطوطًا عريضة تنصّ على بذل عناية من الطرفين، ومساعي لتحقيق ما تم التفاهم حوله في المجالات الاقتصادية أو الهجرة دون أي إلزامية قانونية"، موضحاً أن "الإلزام القانوني يوجد في الاتفاقات الدولية، وليس في مذكرات التفاهم، حيث يجب أن يصادق عليها البرلمان الأوروبي، وكذلك برلمانات الدول الأعضاء".

وشدد على أن "البرلمان التونسي كذلك يجب أن يصادق عليها كما ينصّ عليه الدستور (2022) في الفصل 74، أي أن يعرض رئيس الجمهورية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية على البرلمان للمصادقة"، وتابع أن "الفصل 75 ينص علي الأغلبية المطلوبة للمصادقة على المعاهدات والاتفاقيات، ويتم احتساب الأغلبية المطلقة، أي 50 زائد واحد من جملة 161 نائباً (موافقة 81 نائباً)".

وأشار جعيدان إلى أن "البرلمان الجديد صادق على اتفاقية مالية دولية عُرضت على الجلسة العامة". واستغرب جعيدان ما وصفه بـ"اللغط الحاصل حول المذكرة، خصوصاً من أساتذة القانون، حيث لا يتم المصادقة على مذكرات التفاهم من قبل البرلمان، كما لا ينظر البرلمان في الاتفاقيات إلا بعد إحالتها من قبل رئاسة الجمهورية، وعرضها على مكتب البرلمان، ومن ثم إحالتها على اللجنة، ومناقشتها في جلسة عامة علنية".  

وكانت الرئاسة التونسية، قد قالت مساء الأحد 16 تموز/يوليو 2023، إن الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قد وقعا اتفاق "شراكة استراتيجية وشاملة" بين تونس والاتحاد الأوروبي.

زكي وزكية الصناعي

ولا يزال الغموض يلف العديد من النقاط في الاتفاق الحاصل بين تونس والاتحاد الأوروبي ورغم تعدد اللقاءات والصخب الإعلامي حول الموضوع فعديد المسائل تبقى غير واضحة بشكل تام وتطرح الكثير من التساؤلات. 

ورغم نشر نص مذكرة التفاهم من قبل وزارة الخارجية التونسية، مساء الأحد، إلا أنها كما ينص اسمها ليست إلا "مذكرة تفاهم" وكانت أشبه بإعلان نوايا لا غير ولم تتضمن ما هو ملموس أو تطبيقي إلا في مسائل محدودة. 

وُجّهت سهام نقد عديدة إلى البرلمان التونسي الجديد، وتزايدت الانتقادات بعد انفراد الرئيس التونسي قيس سعيّد بتوقيع عدد من الاتفاقيات الكبرى آخرها مذكرة التفاهم المثيرة للجدل مع الاتحاد الأوروبي حول الشراكة الاستراتيجية الشاملة وفي القلب منها ملف الهجرة والمهاجرين عبر الشواطئ التونسية

وندّدت جبهة الخلاص الوطني، وفق بيان أصدرته الثلاثاء 18 تموز/ يوليو 2023، بقبول الرئيس التونسي قيس سعيّد، الإمضاءَ على مُذكّرة التفاهم التي وصفتها بـ"المُهينة" بينَ تونس والاتحاد الأوروبي، "دون إدارة حوار وطني حولها ودون إعلام الشعب الذي يدعي تمثيله بمضمُونها".