أقدمت السلطات التونسية على طرد عشرات المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء من مدينة صفاقس التونسية نحو منطقة رأس الجدير الحدودية مع ليبيا، وجاءت هذه الخطوة التي كانت محط انتقادات حقوقية واسعة، عقب اندلاع أعمال عنف ليلية بين تونسيين ومهاجرين أفارقة خلّفت ضحية واحدة حتى الآن وهو أربعيني تونسي.
عدّة منظمات وجمعيات حمّلت المسؤولية السياسية عن "انتهاكات ضد المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس، لرئاسة الجمهورية التي لم تبد أي تراجع إزاء ما ورد في بلاغ 21 شباط/فبراير الماضي"
وعلى خلفية الأحداث السابقة، قام عناصر من الشرطة التونسية بطرد عشرات المهاجرين من منازلهم وسط هتافات سكّان المدينة، قبل أن يتمّ تجميع هؤلاء المهاجرين في سيارات الشرطة.
كما أظهرت مقاطع أخرى مهاجرين على الأرض وأيديهم على رؤوسهم ومحاطين بعدد من السكان بانتظار وصول الشرطة لتسلّمهم.
وتعليقًا على هذه الأحداث أكّد الناطق الرسمي باسم منظمة "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" رمضان بن عمر لفرانس برس أنّ الشرطة التونسية نقلت العديد من المهاجرين إلى مبنى "معرض صفاقس" في انتظار نقلهم إلى مكان آخر.
مضيفًا أن مهاجرين آخرين نُقلوا إلى منطقة قريبة من الحدود الليبية هي بالتحديد منطقة رأس الجدير التي تعد بحسب بن عمر: "منطقة عسكرية يُمنع الولوج إليها" ولم يتمكن بن عمر من تحديد العدد الإجمالي للمهاجرين الذين طُردوا من صفاقس.
وتابع رمضان بن عمر قائلًا إنه "تم إعلام المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لأن من بين المطرودين من هو مشمول بالحماية الدولية، ونوجه دعوة لفسح المجال للهلال الأحمر التونسي لزيارة هؤلاء وتقديم الإمدادات الرئيسية، فهي منطقة حدودية عسكرية يُمنع على المنظمات دخولها إلا بتصريح".
وحول المكالمة الهاتفية التي جمعت قيس سعيّد برئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، يوم الثلاثاء 4 تموز/ يوليو 2023، علّق رمضان بن عمر بالقول: "من الواضح أنّ هناك احتجاجًا ليبيًا على عمليات الترحيل والطرد هذه إلى الحدود الليبية، الأمر الذي سيجعلنا نواجه أزمة دبلوماسية مع جيراننا" وفق قوله.
واعتبر بن عمر في تصريحاته أن عمليات الطرد الجماعي التي تقوم بها السلطات التونسية للمهاجرين الأفارقة معيبة جدًا وتحدث على الرغم من أنّ تونس موقّعة على اتفاقية جنيف التي تخصّ حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء"، مردفًا القول "إنه يتم تعريض عشرات الأرواح للخطر في ظل هذه الظروف المناخية، ولا يجب بالتالي أن نسقط فيما دفعتنا أوروبا إليه من أن نكون أماكن للفرز.. الاتحاد الأوروبي حوّل تونس اليوم إلى حارس للحدود وإلى سجّان، وخلق فيها بيئة طاردة تقوم على العنصرية والكراهية".
وأوضح رمضان بن عمر، أنّه "إذا تعسّفت الدولة في إنفاذ القانون أو مارست ذلك بتمييز، فهناك هياكل ومؤسسات أخرى مثل الإعلام والمجتمع المدني، يمكن أن تتصدى لها وأن تمارس عليها الضغط"، لافتًا إلى أنّه لا يحق لمواطن تونسي إخراج مهاجر من منزله دون التثبت من جنسيته أو أوراقه أو وضعيته القانونية أو هل أنه مشمول بالحماية الدولية أم لا، قائلًا إنّ "تونس تعاني اليوم من تبعات خطاب الكراهية والتهييج ومحاولة تبريره".
وقال الناطق باسم المنتدى إنّ سبب أزمة الهجرة ليس تونسيًا، لكن المشكل هو في استجابة تونس لهذه الأزمة، مؤكدًا أنّ أعداد المهاجرين غير النظاميين أصبحت مرتكزة في صفاقس، التي تحولت إلى محطة للهجرة غير النظامية، وأنّ الجزائر حدودها مفتوحة ويتوافد هؤلاء المهاجرون منها".
وكانت عدّة منظمات وجمعيات موقّعة على بيان مشترك، صادر بتاريخ 29 أيار/مايو 2023، قد حمّلت المسؤولية السياسية عن "انتهاكات ضد المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس، لرئاسة الجمهورية التي لم تبد أي تراجع إزاء ما ورد في بلاغ 21 شباط/فبراير الماضي"، وهو البلاغ الذي تحدث فيه الرئيس عن "مخطط لتغيير التركيبة الديمغرافية في تونس عبر توطين الأفارقة من جنوب الصحراء فيها"، مجددة دعوتها إلى سحبه.
وندّدت أكثر من عشرين منظمة حقوقية تونسية ودولية في بيان صدر أمس الأربعاء بـ"انتهاكات حقوق الإنسان التي تطال المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين".
ودعت المنظّمات الحقوقية في بيانها السلطات التونسية إلى "توضيح هذه الحقائق والتدخل العاجل لضمان التكفل العاجل بهؤلاء الأشخاص".
وأكّدت المنظّمات أنّ السلطات التونسية رحّلت إلى الحدود الليبية 148 مهاجرًا ولاجئًا من جنسيات عدّة بما في ذلك ساحل العاج والكاميرون، مشيرة إلى أنّه من بين هؤلاء 12 طفلاً على الأقلّ تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و5 سنوات.
واعتبرت المنظمات أنّ السلطات التونسية استغلت هذا الوضع كذريعة لتنفيذ حملة اعتقالات متتالية طيلة الأيام الماضية تلتها عمليات ترحيل قسري وغير قانوني تحت التهديد بهدف "تطهير" المدينة من أي شخص من دول إفريقيا جنوب الصحراء وذلك بنقلهم من مركز و محافظات ولاية صفاقس إلى وجهات مجهولة.
وقد دخل "الاتحاد العام التونسي للشغل" على الخط ببيان عبّر فيه عن رفضه "لأن تكون صفاقس منصّة للتجميع أو التوطين إرضاءً لإيطاليا أو أوروبا".
ندّدت أكثر من عشرين منظمة حقوقية تونسية ودولية في بيان صدر أمس الأربعاء بـ"انتهاكات حقوق الإنسان التي تطال المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين"
وكان الاتحاد الأوروبي قد عرض في 11 حزيران/يونيو الماضي دعماً مالياً بقيمة مليار دولار على تونس لتعزيز اقتصادها والحدّ من تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر المتوسط.