21-أكتوبر-2016

في كاليه بالقرب من المخيم (دينيز شارليت/أ.ف.ب)

يشكل مخيم كاليه مادة دسمة اليوم، إعلاميًا وسياسيًا، في نقاش اليمين الفرنسي حول أزمة اللجوء. وهي حجة يتخذها كلما ضاقت به السبل. فالأزمات الفرنسية مفتوحة، بدءًا من ارتفاع معدلات البطالة مرورًا بالهم الأمني المتأجج ووصولًا إلى تراجع نسب الاستثمار، ولا بد لكسب جولة "ضد" اليسار، أن يتناول هؤلاء، أزمة اللاجئين وقضية الفرنسيين من أصول عربية ومسلمة، لمقارعة خصومهم ضمن المعسكر الواحد أيضًا.

أعادت قضية اللاجئين الخلاف الفرنسي التقليدي بين اليسار الاشتراكي واليمين المحافظ إلى الواجهة

وتنذر قضية اللاجئين بالتحوّل إلى رهان أساسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2017، بين يسار متردد بين قيمه المثالية وتخوفاته الانتخابية، ويمين تقليدي يساير موجة العداء للأجانب ويحاول استثمارها بشتى السبل للإطاحة بالحكم الاشتراكي.

اقرأ/ي أيضًا: كاليه.. برزخ اللجوء

كانت قضية اللاجئين أعادت الخلاف التقليدي بين اليسار الاشتراكي واليمين المحافظ، خصوصًا بعد أن غيّرت الحكومة الاشتراكية مواقفها، وانحازت إلى موقف أكثر إنسانية وانفتاحًا على اللاجئين.

ويبدو أن نيكولا ساركوزي، كان ولا يزال، أكثر المرشحين الرئاسيين، استخدامًا لهذه القضية في خطاباته، حيث يحاول التميز عن الحكومة الاشتراكية، بل أيضًا عن منافسيه داخل حزب "الجمهوريين"، وخصوصًا منافسه وزير الدفاع السابق، آلان جوبيه، الذي ساند، الانفتاح الحكومي.

إذ يقارب ساركوزي بمقترحاته ما يقوله اليمين المتشدد، وينافس في هجومه على اللاجئين، زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" المتطرف، مارين لوبان، التي تنادي بإغلاق محكم للحدود الفرنسية أمام الأجانب بكافة أصنافهم لاجئين ومهجرين ومهاجرين.

وكان ساركوزي، قد زار كاليه، في أيلول/سبتمبر الماضي، وانتقد بشدة ما وصفه بـ "عجز الحكومة"، واعدًا بأنه سيغلق المخيم نهائيًا، في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وبعد أقل من أسبوع، أعلن هولاند، من كاليه، عزمه "تفكيك" المخيم، داعيًا بريطانيا إلى "تحمل مسؤوليتها والمشاركة في تدبير" مصير اللاجئين الذين يقيمون في المخيم، والذين تطمح غالبيتهم إلى الاستقرار في بريطانيا.

يقارب ساركوزي في مقترحاته مواقف اليمين المتشدد وينافس أعتاها عدائية للاجئين

يبدو أن المخيم، القائم وسط غابة باردة، ويتذرر في خيمه أكثر من 7 آلاف شخص، يعيشون في ظروف إنسانية تعيسة، يعدّ نقطة ساخنة في ذورة الصراع السياسي المحلي، وأحد نقاطه البارزة، حيث تفصل أشهر فقط عن الانتخابات الرئاسية المقبلة.

اقرأ/ي أيضًا: وجهان لتطرف واحد

وعلى الرغم من كثرة التصريحات الحكومية حول قرار إغلاقه، إلا أن الوضع في كاليه لا يزال على حاله. إذ تتحدث وزيرة السكن الفرنسية، إيمانويل كوس، عن أنه لا يجب أن يقضي أي لاجىء من هؤلاء ولو يومًا واحدًا في هذا المخيم البارد جدًا. جاءت تصريحاتها الأخيرة، بعد أن رفضت منظمة "الإغاثة المسيحية"، التي تعمل مع المهاجرين في المخيم، ما سمّته قيام السلطات الفرنسية بـ"عملية أمنية" لإزالته. وهو ما استتبع لجوء إحدى عشرة منظمة إنسانية وحقوقية، حاضرة في كاليه، إلى المحكمة الإدارية في مدينة ليل، لتأجيل عملية الإخلاء، التي أعلنها هولاند.

وألقت الوزيرة اللوم على الحكومة البريطانية في ما يخص وجود أعداد من القاصرين في المخيم (نحو 1300 قاصر)، والذين تعيش عائلاتهم في بريطانيا. وتابعت أن "لم الشمل الأسري" لهؤلاء لا يزال ينتظر موافقة الطرف البريطاني، وهو ما يعني أن فرنسا، وفي انتظار الرد البريطاني الذي تريده عاجلاً، لن تترك هؤلاء القاصرين في المخيم.

يضم مخيم كاليه 7  آلأف شخص يعيشون في ظروف إنسانية تعيسة بينهم 1300 قاصر

على ما يظهر أن المسؤولين في الحكومة الفرنسية متفائلون بإيجاد حل سريع لخلاف فرنسي- بريطاني بشأن استقبال لندن لبعض اللاجئين. لكن لم يتم بعد تحديد جدول زمني بشكل نهائي، لإزالته. وقبل أن تنفذ الحكومة الفرنسية قرارها، وصل أكثر من خمسين محام فرنسي إلى المعسكر لمساعدة المهاجرين على معرفة حقوقهم ومن أجل "التأكد من احترام حقوق المهاجرين الرافضين للتوجّه إلى مراكز الاستقبال".

اقرأ/ي أيضًا: 

تجارب فرنسا النووية.. جرح الجزائر الغائر

مخيم "الشوشة".. قصص منسيين في سجن مفتوح