29-سبتمبر-2019

تعلقت المكالمات المقيدة بين ترامب وابن سلمان بمقتل خاشقجي (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

لا يبدو أن الخطوة الأولى التي بدأها الديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي لإجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب قد تقف عند حدود المكالمة التي أجراها مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي، بعدما أفادت تقارير جديدة عن تقييد البيت الأبيض الوصول للمكالمات التي أجراها ترامب سابقًا مع مسؤولين روس وسعوديين، ما اعتبره البعض خرقًا لبروتوكول توثيق المكالمات الهاتفية التي يجريها الرئيس الأمريكي مع الدول الأخرى.

لا يبدو أن الخطوة الأولى التي بدأها الديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي لإجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب قد تقف عند حدود المكالمة التي أجراها مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي

البيت الأبيض يحجب اتصالات ترامب مع ابن سلمان وبوتين

كشف مصدر أمريكي أن البيت الأبيض قيّد الوصول إلى نصّي المكالمتين الهاتفيتين التي أجراهما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب ما نقلت شبكة CNN الأمريكية، مشيرًة إلى أن المسؤولين الذين يملكون صلاحيات الاطلاع على نصوص المكالمات التي تجري مع قادة الدول الأجانب لم يروا أيًا من هذه النصوص.

إقرأ/ي أيضًا: من الرفض إلى القبول.. فرص محاولات الكونغرس عزل ترامب

وأضافت الشبكة الأمريكية وفقًا لمصدرها أن المكالمة التي دارت بين ترامب وابن سلمان لم تحتو على أي أسرار حساسة لها علاقة بالأمن القومي، إلا أنها كانت في الوقت الذي كان فيه البيت الأبيض يواجه قضية مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول بتركيا، أما فيما يتعلق بالاتصالات بين ترامب وبوتين، فإنه تم تقييد الوصول إليها.

وكانت رئيسة الكونغرس نانسي بيلوسي قد أعلنت قبل أيام بدء إجراءات عزل ترامب من منصبه رسميًا، بعد التقارير التي تحدثت عن ممارسته ضغوطًا على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لفتح تحقيق بحق المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن وابنه هانتر بايدن الذي يعمل مع مجموعة غاز أوكرانية اعتبارًا من عام 2014، ما اعتبرته "خيانًة لقسمه والأمن القومي الأمريكي".

الكونغرس يستدعي بومبيو للشهادة

ويأتي تقرير الشبكة الأمريكية بالتزامن مع حديث رئيس لجنة المخابرات في الكونغرس الأمريكي آدم شيف بأن اللجنة قد تبدأ عقد جلسات الأسبوع القادم في إطار التحقيق لمساءلة ترامب تمهيدًا لعزله، مشيرًا إلى أن مذكرات الاستدعاء قد تصدر، وقد يتم أخذ شهادات مسؤولين في الإدارة الأمريكية الحالية بحلول الأسبوع القادم.

وفي السياق أصدرت لجنة في الكونغرس أمر استدعاء لوزير الخارجية مايك بومبيو سعيًا لإجباره على تسليم الوثائق المتعلقة بالاتصال مع الحكومة الأوكرانية، فيما أعلن المبعوث الأمريكي إلى أوكرانيا كيرت فولكر استقالته من منصبه بعد تلقيه استدعاء من الكونغرس لاستجوابه.

وقالت لجنة المخابرات في الكونغرس إن ترامب لم يُقدم على إساءة استغلال منصبه فحسب بمحاولته حمل أوكرانيا على التدخل لصالحه في الانتخابات الأمريكية التي ستجرى في 2020، بل إن البيت الأبيض حاول أيضًا أن "يتستر" على أدلة هذا السلوك، بعدما تدخل مسؤولين كبار لحجب تسجيلات المكالمة، بتحميل نصها على نظام إلكتروني منفصل يستخدم في أحوال أخرى لتخزين وإدارة معلومات سرية ذات طبيعة حساسة.

وكانت الصحيفة الأمريكية قد كشفت في تقرير عن هوية الرجل الذي أًبلغ عن تفاصيل المكالمة التي أجراها ترامب مع زيلينسكي، موضحًة أنه تم انتدابه للعمل في البيت الأبيض في مرحلة ما، قبل أن يعود إلى وكالة الاستخبارات المركزية، مضيفًة أن المبلغ خضع لتدريب في تحليل المعلومات، وكان يعرف بدقة تفاصيل السياسة الخارجية الأمريكية المتعلقة بأوروبا، ويملك فهمًا جيدًا للسياسة المتعلقة بأوكرانيا، وفق الصحيفة نفسها، وأنه لم يكن شاهدًا مباشرًا على المكالمة الهاتفية، إنما علم بها عن طريق العلاقات المنتظمة بين وكالات الاستخبارات.

موسكو لا ترغب بنشر تفاصيل محادثة ترامب وبوتين

ودخلت موسكو على خط الأزمة السياسية التي تشهدها الولايات المتحدة داخليًا، بعدما علّق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على التقارير المرتبطة بالمكالمة الهاتفية بين ترامب وزيلينسكي بأنه "جرى تضخيم" الحادثة، ووصف اتهامات بيلوسي بأن لموسكو دور في ذلك بأنه "جنون الشك"، فيما أعرب المتحدث باسم الرئاسة الروسية دمتيري بيسكوف عن أمله بألا ينشر البيت الأبيض نص المكالمة الهاتفية التي جرت بين ترامب وبوتين قبل عامين.

غير أن مطالب الروس لم تلق تجاوبًا فيما يبدو من الجانب الأمريكي، بعدما كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن جزء من تفاصيل الاجتماع الذي عقد في أيار/مايو 2017 بالبيت الأبيض بحضور لافروف، والسفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلياك، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سابقين في الإدارة الأمريكية أن ترامب أخبر لافروف أنه لا يشعر بالقلق من التقارير التي تتحدث عن التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية، مشيرًا إلى أن واشنطن "فعلت نفس الشيء في دول أخرى"، وأن إقالة المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي خففت من "الضغوط الكبيرة" االملقاة عليه.

فيما أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أن المكالمات التي أجراها ترامب مع ابن سلمان، والسفير السعودي الأسبق في واشنطن خالد بن سلمان، في الوقت الذي كانت تواجه الرياض اتهامات حول مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، تم تقييد عدد المسؤوليين المسموح لهم بالاطلاع على تفاصيلها، التي شملت مناقشة معلومات دقيقة بشأن مقتل خاشقجي.

وكان ترامب قد قلل سابقًا من إعطاء ولي العهد السعودي الأوامر بقتل خاشقجي، وقال ردًا على تقرير وكالة الاستخبارات الأمريكية – الذي خلص إلى أن الأمير السعودي هو من أمر بقتل خاشقجي – إن الوكالة لم تتوصل إلى نتيجة مؤكدة 100 بالمائة فيما يتعلق بتحديد المسؤولين عن مقتل خاشقجي يوم 2 تشرين الأول/أكتوبر الماضي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وأكد على أن بلاده قد لا تعرف جميع الحقائق المحيطة بقتل خاشقجي أبدًا، وأن علاقة واشنطن مستمرة مع الرياض على أي حال.

كيف يتم توثيق مكالمات رؤساء الولايات المتحدة؟

وفقًا للتقارير التي تحدثت بشأن بروتوكول توثيق المكالمات التي يقوم بها الرئيس الأمريكي مع نظرائه من قادة الدول الأجنبية، فإنه يحضر عادًة عضوان من مجلس الأمن القومي على الأقل إلى جانب الرئيس في المكتب البيضاوي عند إجراء المكالمة، فيما يتولى مسؤولون آخرون يجلسون في غرفة آمنة تدوين أهم الملاحظات التي يتم مقارنتها مع النسخة الإلكترونية.

في حالة المكالمة التي أجريت بين ترامب وزيلينسكي كان هناك قرابة عشرة أشخاص يستمعون للمحادثة، ويوضح مسؤول عمل سابقًا في وكالة الأمن القومي أنه منذ وصول ترامب للبيت الأبيض، جرى ترتيب بعض الإحاطات التي تسبق المكالمات الهاتفية على عجل، وبواسطة أشخاص ذوي مستويات متفاوتة من الخبرة، والذي يقول إنه طلب منهم أحيانًا الاستماع إلى المكالمات في اللحظة الأخيرة.

أقرأ/ي أيضًا: الكابيتول هيل يصوت لمساءلة ترامب.. هل ينجح الديمقراطيون بعزله؟

بعد الانتهاء من تدوين الملاحظات المرتبطة بالمحادثة التي يجريها الرئيس الأمريكي، يجري تصنيفها لمستويين، إما "سري للغاية" في حال كانت تتضمن تعرّض الأمن القومي الأمريكي أو حياة الأفراد للخطر، ما يعني السماح لأشخاص يتمتعون بمستوى أمني عال بالاطلاع على تفاصيل المحادثة، أو سري بمعنى أنها ليست سرية للغاية تمكن المسؤولين من مناقشة محتويات مكالمة الرئيس بسهولة أكبر، مع الأشخاص الآخرين الذين يعملون في الحكومة.

دخلت موسكو على خط الأزمة السياسية التي تشهدها الولايات المتحدة داخليًا، بعدما علّق وزير الخارجية الروسي على التقارير المرتبطة بالمكالمة الهاتفية بين ترامب وزيلينسكي بأنه "جرى تضخيم" الحادثة

ويرى مسؤولون سابقون أن مكالمة ترامب مع زيلينسكي التي يواجه بسببها إمكانية عزله من منصبه لا ترقى لمستوى سري للغاية، وأن تصنيفها في مستوى سري للغاية حدث لأسباب سياسية، نظرًا لأن المكالمة والسرية المحيطة بالمحضر تظهر إساءة استخدام للسلطة الرئاسية، ويقول المسؤول السابق في البيت الأبيض بريت بروين في هذا الصدد، إن "التصنيف الأمني مصمم بهدف حماية الأرواح، إذا أصبح فجأة وسيلة لحماية الموقف السياسي للرئيس، فهذا يعني أنه لم يعد لدينا نظام تصنيف للأمن القومي ذو مصداقية".

 

أقرأ/ي أيضًا:

إقالة بولتون.. ما علاقة سياسة ترامب الخارجية بذلك؟

موقف الديمقراطيين من فصل ترامب عن السياسة