19-ديسمبر-2016

(Getty) القذافي في شبابه

بعد بضعة عقود من الديمقراطية الغربية ازدهر الاستبداد من جديد في عصرنا، ويستمتع به رؤساء الدول ورجال الدين وشيوخ القبائل وكبار ملاك الشركات وزعماء الأحزاب السياسية وغيرهم من أصحاب السلطة. ونرى في عدد متزايد من الدول في العالم أن فقط من يشن حروبًا (على شعبه قبل كل شيء) ويمارس التعذيب والتحريض والإرهاب ضد خصومه هو من الفائزين ويحتفظ بسلطته. في ما يلي يجد المستبد العصري بعض النصائح للحفاظ عليها.


الاحتلال

احتلال أراضي الغير ليس بحد ذاته جيدًا أو سيئًا، إنما الأمر نسبيّ. إن كنت أنت المحتل، فبالتأكيد تعرف لأي غرض تحتاج إلى تلك الأراضي، كقاعدة عسكرية مثلًا أو بسبب بعض الثروات الطبيعية النفيسة الموجودة هناك. 

اسمح للأمم المتحدة بين وقت وآخر أن تزور الأراضي المحتلة من قبلك

ولكن قل شيئًا مختلفًا في العلن، من نوع أن هذه المناطق كانت من بدء التاريخ تابعة لأمتك وأن الناس الساكنين هناك هم دخلاء عليها أو أنهم جزء من أمتك وهم لا يعرفون. اسمح للأمم المتحدة بين وقت وآخر أن تزور الأراضي المحتلة من قبلك، ولكن لا تفعل شيئًا مما تطلبه منك. استغل الأراضي أحسن استغلال وازعم أنها لم تكن بهذه الروعة قبل أن تحكمها أنت. لا ترحم من يشكك بذلك ولا تتسامح مع من يتضامن مع العائشين تحت احتلالك. سوف تهلل لك الجماهير على الأغلب. 

أما إذا كنت أنت من خسر أراضٍ لصالح أمة أخرى قريبة أو بعيدة، فلا بأس بذلك أيضًا. فهذا يمنحك فرصة لتلعب دور الضحية المسكينة، ولتقسم في كل مناسبة أنك سوف تستعيد الأراضي المحتلة في يوم من الأيام. الشعب يعشق هذا الخطاب، خصوصًا إذا كان وطني المزاج، كما أسلفنا. هناك أكثر من مستبد يَعِدُ شعبه باستعادة أراضيه الموعودة لعقود من الزمن ويعده بيوم الانتقام المقدس. 

اقرأ/ي أيضًا: كيف أصبح مستبدًا أفضل؟ (1- 6)

كيف أرد على الانتفاضات؟

أقولها من البداية: لا يجب أن تتطور الأمور لديك كما تطورت مع القذافي الذي ذبحه مواطنوه أمام الكاميرا. كانت تلك الصور مخيفة لجميع المستبدين، لا سيما أن الكثير من الأنظمة المستبدة القريبة من ليبيا انهارت آنذاك، أو كانت على وشك الانهيار. للحظةٍ خاف أمثالك أن يأتي اليوم وستحاسبهم شعوبهم. 

دع سجانيك يعذبون المشاكسين واخلق عدوًا يبدو أسوأ منك

اقرأ/ي أيضًا: كيف أصبح مستبدًا أفضل؟ (4- 6)

إلا أن زميلك السوري قدم مثالًا على الرد الصحيح في مثل هذه اللحظة، فمنذ ذلك وهو يقتل ويهجّر شعبه بشكل منهجي، بل أكثر من ذلك فقد استخدم القوى العظمى ضد بعضها البعض، مما جعله يحكم بلده "إلى الأبد"، تمامًا كما يقول شعاره. الأوضاع الكارثية القائمة في بلده اليوم هي تحذير لكل من يفكر في العصيان ضد أي مستبد في العالم، فشكرًا جزيلًا للرفيق السوري المناضل. 

اخترقْ أية حركة احتجاجية إن وجدت وادّعي أنك تمثل أهدافها أصلًا. دع سجانيك يعذبون المشاكسين واخلق عدوًا يبدو أسوأ منك، بحيث يقوم بأعمال وحشية وينشر صورها على يوتيوب. الخوف خير الناصحين. أما غير ذلك فاشرح لرعيتك أنك ترعرعت في أوضاع كانت تتسم بالفقر، لذلك أنت أدرى بما هو خير لبلادك، إلخ. يكفي أن يصدق ذلك جزء من الشعب وأن ينتهل من ذلك أملًا زائفًا. اقمع جميع الاحتجاجات وقل لمواطنيك إن البلد بغنى عن المشاغبين. إياك والمجازفة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف أصبح مستبدًا أفضل؟ (2- 6)

كيف أصبح مستبدًا أفضل؟ (3- 6)