06-ديسمبر-2016

فاروق سيورات/ تركيا

بعد بضعة عقود من الديمقراطية الغربية ازدهر الاستبداد من جديد في عصرنا، ويستمتع به رؤساء الدول ورجال الدين وشيوخ القبائل وكبار ملاك الشركات وزعماء الأحزاب السياسية وغيرهم من أصحاب السلطة. ونرى في عدد متزايد من الدول في العالم أن فقط من يشن حروبًا (على شعبه قبل كل شيء) ويمارس التعذيب والتحريض والإرهاب ضد خصومه هو من الفائزين ويحتفظ بسلطته. في ما يلي يجد المستبد العصري بعض النصائح للحفاظ عليها.


كيف أكسب الأموال والثروات وأبدو متواضعًا في نفس الوقت؟

الاستبداد وكسب الثروات مترادفان تقريبًا، ولا حاجة هنا لأشرح لك من أين تأتي بالأموال. فحتى لو كان بلدك يفتقر إلى كل شيء أو لا ينتج أي شيء، فالمواطنون دائمًا يملكون شيئًا، وضرائبهم لك، فأهلًا بالملايين! امنح الرخص التجارية لرجال أعمال موالين لك فقط، واهدِ نصف بلدك لأصدقائك وأقربائك، فالبلد مُلكك. كن كريمًا في بعض الأحيان، واكسب أصدقاء مهمين من خلال كرمك هذا.

الاستبداد وكسب الثروات مترادفان تقريبًا، ولا حاجة هنا لأشرح لك من أين تأتي بالأموال

ولكن من المستحسن ألا تتباهى بثرواتك، لأن أغلب الظن أن عددًا غير قليل من مواطنيك يعيشون في فقر مدقع أو يموتون من أمراض تافهة جدًا، فهل تريد أن تدفع لهم إعانات اجتماعية أو تأمينًا صحيًا؟ كلا، ففي النهاية حتى ما لديك من ثروات هائلة حرام أن تصرفها لمثل ذلك! الأفضل أن تُخفي أموالك وأملاكك عن طريق الشركات الوهمية وبأسماء حركية، وإن حصل أن يظهر اسمك الصريح في فضيحة من نوع "أوراق بنما"، فسمِّ ذلك مؤامرة أجنبية وغيّر الموضوع وتحدث مثلًا عن مجد نضال التحرير في الأيام الخوالي وأنك أنت وأسرتك رمز هذا المجد والتحرير إلى يومنا هذا. وأصرّ على أنك تعيش من راتبك المتواضع فقط. اضحك على الذين يصدقون ذلك، فالضحك مفيد للصحة، ولكن ليس على المنابر.

اقرأ/ي أيضًا: كيف أصبح مستبدًا أفضل؟ (1- 6)

كيف أتعامل مع الصحافة والمجتمع المدني؟

الصحفيون المستقلون والنشطاء من أجل الحريات هم آفة حقيقية لكل حكومة مستبدة. في بعض البلدان تكون مثل هذه الأمور الحضارية شيء متوارث من أزمنة سابقة، أو هي حديثة النشوء، وفي بلدان أخرى يثور الناس من أجل الحصول عليها. ولكن تأكد أن بلدك، وبالذات أنت، أفضل حالًا بدون هذه الأمور، ففي النهاية يمر بلدك دائمًا من مرحلة حرجة وبالتالي لا يجوز أن تسمح بهكذا تجارب على يد مدنيين تنقصهم الخبرة.

انشر إشاعات بأن النشطاء الذين يسعون لتقويض سلطتك هم شواذ جنسيًا وأن نساءهم عاهرات

اقرأ/ي أيضًا: كيف أصبح مستبدًا أفضل؟ (2- 6)

انشر إشاعات بأن النشطاء الذين يسعون لتقويض سلطتك هم شواذ جنسيًا وأن نساءهم عاهرات وساقطات أخلاقيًا، ألم تر كيف أنهن يتظاهرن في كل واد علنًا وبلا خجل! حسب منسوب المحافظة الموجود لدى رعيتك سيصدقك الناس. سمّهم عملاء يأخذون أموالًا من الخارج ليتآمروا على أخلاق شعبك الحسنة وتقاليده الكريمة. شغّل لديك موظفين يحرضون على المشاغبين في الشبكات الاجتماعية إن وجدت لديك، علمًا أن مواطنيك الموالين يقومون بهذا العمل مجانًا ومن منازلهم أيضًا. سوف ترى كيف سيتضامن معك معظم الناس ضد الخونة غير الوطنيين، حتى لو كانوا فقراء ولا يعرفون كيف يعيلون أطفالهم إلى نهاية الشهر. 

أو دبر الأمور بحيث يصارع المعارضون بعضهم البعض، أيضًا عن طريق الإشاعات، ولكن عكس الأولى، من النوع الذي يقول إن الناشط فلان ومحامية حقوق الإنسان فلانة هم يتعاونون مع مخابراتك. لا داعي أن تقدم دلائل على ذلك، بل يكفي أن يشك بهم البعض، وها هم خصومك انشغلوا ببعضهم البعض! ألقِ خطابًا بين وقت وآخر، ودَعْ المستمعين يهللون لك واسخر من المعارضة علنًا. فقد سحقتهم بفوز نظيف.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الدكتاتور الأرعن

ماذا لو كان شعب الدكتاتور سعيدًا!