05-أبريل-2020

مطار رفيق الحريري في بيروت (فيسبوك)

كاد ملف السماح للمغتربين اللبنانيين بالعودة إلى لبنان في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، أن يفجّر الحكومة اللبنانية، في ظل الخلاف الحاد بين أطرافها ممن يطالب بتأمين التسهيلات اللازمة لمن يرغب بالعودة، ومن يرفض كسر قرار التعبئة العامة الذي اتّخذته الحكومة، والذي تضمّن العديد من الخطوات الوقائية للحدّ من انتشار الفيروس، وأبرزها إغلاق مطار بيروت الدولي في وجه المسافرين ذهابًا وإيابًا.

كاد ملف السماح للمغتربين اللبنانيين بالعودة إلى لبنان في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، أن يفجّر الحكومة اللبنانية، في ظل الخلاف الحاد بين أطرافها

ثنائي حزب الله وأمل كان من أبرز المتحمسين لعودة المغتربين، ويرى خصومه السياسيون أن حماسته تهدف من ضمن ما تهدف إليه، إلى الحصول على مساعدات مالية من أثرياء الشيعة في حال عودتهم، على اعتبار أن الحزب والحركة كانا السبب في مساعدتهم على العودة، وبالتالي استثمار هذه الأموال في تقديم مساعدات وتبرعات للعائلات الشيعية المحجورة في منازلها، كمحاولة لإعادة ترميم صورتهما المتصدعة بعد فشلهما الكبير في إدارة جل الملفّات، ما أثار نقمة شعبية عليهما، انعكست في مشاركةً شعبية في انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر الأخيرة.

اقرأ/ي أيضًا: فيروس كورونا يشل الحياة في لبنان والخوف الأكبر مما هو قادم

ضغوطات رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتهديداته بتعليق مشاركة وزرائه بالحكومة، ووقوف حزب الله إلى جانبه، دفعت بالحكومة إلى المواقفة على اقتراح اللجنة الوزارية الخاص بآلية عودة اللبنانيين من الخارج، على أن يبدأ تطبيق الخطة الأحد الخامس من نيسان/أبريل. وسيتم فتح مدرجات مطار رفيق الحريري الدولي استثنائيًا، للسماح لطائرات شركة الأوسط بالسفر إلى دول خليجية وإفريقية في المرحلة الأولى، لإجلاء جزء من اللبنانيين الذي قدموا استمارات وزّعتها سفارات لبنان في هذه البلاد، حول رغبتهم بالعودة.

وقد استخدم الكثير من اللبنانيين المنتشرين في مختلف قارات العالم، وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن الخوف الذي يعتريهم، والغموض الذي يلف مصيرهم. تواصلَ "ألترا صوت" مع عدد من المغتربين اللبنانيين، للوقوف أكثر على الواقع الذي يعيشونه اليوم في المهجر.

يعمل محمود (37 سنة متزوج ولديه طفل) كمدرّس لغة عربية في مدرسة خاصة للبنانيين في ليبيريا في غرب إفريقيا. يقول محمود إن أرقام كورونا في إفريقيا لا تزال محدودة، لكن الخوف لدى الجاليات اللبنانية هناك هو مما قد تؤول إليه الأوضاع مستقبلًا، في ظل سوء الخدمات الصحية والطبية.

 كما أن الحجر الصحي فيما لو فُرض في هذه الدول، فإنه سيؤدي إلى المزيد من الجوع والفقر بين المواطنين الأفارقة، خاصة وأن معظمهم يعمل بشكل مياوم، ولا سبيل للادخار بفعل تأزّم الأوضاع الاقتصادية، الأمر الذي قد ينعكس انفلاتًا أمنيًا. ويخشى هؤلاء اللبنانيون، كما يقول محمود، أن يكون الأجانب أول ضحايا هذه الوضع.

 وأشار محمود إلى أن اللبنانيين في إفريقيا، والذين يتواصلون فيما بينهم ضمن مجموعات واتساب لتنسيق خطواتهم، لا يثقون بإجراءات الوقاية التي تقوم بها السلطات في إفريقيا، حيث لا تتعامل السلطات مع الفايروس بالجدية اللازمة، وبالتالي فإن الغالبية العظمى من اللبنانيين هناك يفضّلون العودة إلى بلادهم إلى حين انتهاء الأزمة.  

من جهته، تحدثّ حسّان (40 سنة، متزوج وأب لثلاثة أطفال) الذي يعمل في قطاع البناء في غانا، عن الصعوبات التي يواجهها اللبنانيون هناك، خاصة في ظل ارتفاع سعر بطاقات السفر التي حددتها شركة ميديل إيست البنانية، لتصل إلى حدود 1800 دولار للمسافر الواحد، وهو أكثر من ضعف سعرها في الأيام العادية. وقد برّرت الشركة سبب الارتفاع هذا بأن الطائرة ستطير بدون ركاب من بيروت، كما أنها ستلتزم بمسافة بين الركاب وبالتالي فإنها ستترك مقاعد فارغة.

يقول حسان إن ارتفاع أسعار التذاكر سيمنع الكثير من العائلات ذات الدخل المحدود من العودة (عائلة من 5 أشخاص سيتوجب عليها دفع 9 آلاف دولار مثلًا)، كما أن إجراءات العودة تتطلّب من المسافرين إجراءات فحوصات كورونا في مطار البلد المضيف، وفي مطار بيروت، وربما الاضطرار إلى الإقامة في الحجر في الفندق لمدة أسبوعين على نفقتهم الخاصة.

اقرأ/ي أيضًا: فيروس كورونا في لبنان.. أزمة "حكومة مواجهة الأزمات"

وباختصار، فإن هناك قناعة لدى حسان، كما لدى الكثير من المغتربين اللبنانيين، أن قرار السماح الذي أقرّته الحكومة، يستهدف بالدرجة الأولى رجال الأعمال والطبقات الميسورة، فيما سيفضل القسم الأكبر من ذوي الدخل المحدود البقاء في منازلهم في الغربة، على أمل أن تزول هذه الغيمة بأسرع وقت.

ضغوطات رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتهديداته بتعليق مشاركة وزرائه بالحكومة، ووقوف حزب الله إلى جانبه، دفعت بالحكومة إلى المواقفة على اقتراح اللجنة الوزارية الخاص بآلية عودة اللبنانيين من الخارج

أما بالنسبة للبنانيين المتواجدين في أوروبا، فإن الأمور تبدو أكثر صعوبة. تقول سارة (20 سنة) التي تدرس الصيدلة في فرنسا لـ"ألترا صوت"، إن أحدًا من السفارة اللبنانية لم يتواصل معهم. مع الإشارة إلى أنهم يعانون كطلاب منذ أشهر بسبب احتجاز المصارف لأموال ذويهم في لبنان، كما أموال باقي اللبنانيين بسبب الأزمة النقدية، ما يعيق تحويل الأموال إلى الطلاب. ومن المشاكل التي ستواجه اللبنانيين المتواجدين في أوروبا والراغبين في العودة، ومن ضمنهم 800 لبناني في إيطاليا أبدوا هذه الرغبة، هي مسألة المطارات المغلقة في أوروبا، ما سيعيق عملية العودة.