فيودور دوستويفسكي، محمود درويش، نزار قباني، وغيرهم من الكتّاب والشّعراء الذي غادروا عالمنا قبل أن يكونوا شهودًا على الفوضى التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي؛ المكان الذي يجري فيه استغلال أسمائهم بهدف بناء جمهورٍ افتراضيٍّ لصفحات تستثمر، غالبيتها، في الابتذال العاطفي واللعب على مشاعر روّاد هذه المنصّات.
يصادف قرّاء الاقتباسات في السوشيال ميديا الاقتباس ذاته بأكثر من نسب فيتعاملون معه بالإعجاب الشديد نفسه
ليس بالضرورة أن تكون الصفحة التي تنشر اقتباساتٍ مختلفة وتنسبها إلى كتّاب وشعراء مشهورين ذات اهتمامات أدبية. فمثلًا، يمكن أن تكون الصفحة مهتمّة بالطبخ أو وصفات الطعام، أو حتّى بآخر صيحات الموضى، أو صفحات مهمّتها الترويج لمواقع أو مدوّنات إلكترونية معيّنة. والمدهش في عملية نسب الاقتباسات لمن لا علاقة له بها، أنّ قرّاء هذه الـ"بوستات" لا يكلّفون أنفسهم تدقيق ما يقرؤونه وكذا التأكّد من صحّته أيضًا. بل وعلى العكس تمامًا يمكن أن يصادفوا الاقتباس ذاته في صفحةٍ أخرى منسوبًا هذه المرّة إلى كاتب آخر، فيتعاملون معه كما تعاملوا معه في المرّة الأولى: بإعجابٍ شديد!
اقرأ/ي أيضًا: قصة الشعر الافتراضية
ينقسم هؤلاء القرّاء غالبًا إلى قسمين؛ الأول لا يريد من الاقتباس الذي يصادفه في صفحات مواقع التواصل إلّا العبرة فقط، بغضّ النظر عمّن كتبها. ولا بأس في هذا السياق أن يعيد نشر المقولة التي صادفها لتوّه منسوبةً إلى نزار قباني، وأن يعيد نشرها نفسها بعد فترة حين يصادفها في صفحةٍ أخرى نسبتها هذه المرّة لمحمود درويش مثلًا. المهم العبرة، وأن تكون جيدة بما يكفي لإرفاقها مع صورة شخصية كشكلٍ من أشكال الحكمة الفيسبوكية. أمّا القسم الثاني، يستغّل هذه الاقتباسات لتكريس صورة معيّنة مرتبطة بالثقافة والمثقّف لنفسه في مواقع التواصل. إنّها باختصار الطريق الأسهل لدخول نادي المثقّفين الافتراضيين في منصّات التواصل.
بهذا الشكل تنتشر هذه الاقتباسات انتشارًا سريعًا بل وسريعًا جدًا، وتتكرّس أيضًا في فضاء السوشيال ميديا، فيسبوك، تويتر، انستغرام؛ باسم الكاتب الذي نُسبت إليه زورًا. وإيّاك بطبيعة الحال أن تجادل، فهل من المعقول أن يكون الاقتباس/ المقولة غير صحيحة في الوقت الذي حصلت فيه على أكثر من 10 آلاف إعجاب؟ طبعًا غير معقول، ولكن من المعقول أن يقول نزار قباني مثلًا: "ما فائدة أن تحبني كثيرًا ولا تفهمني، تفتقدني ولا تبحث عني؛ أن أكون ضمن أشيائك ولا أكون أهمها؟".
هنا، بعض الاقتباسات التي نُسبت إلى كتّاب وشعراء لا علاقة لهم بها أبدًا.
1- فيودور دوستويفسكي
1. حين يقول لك أحدهم: قلبي مهجور، لا تكن أحمقًا وتعزيه، فلقد أراد أن يقول لك بطريقة أخرى: اجعله مأهولًا بك. (تنسب أيضًا لأدهم شرقاوي المعروف بـ "قس بن ساعدة").
2. لم أقع في حبك بدافع الملل أو الوحدة، أو عن نزوة، أحببتك لأنّ رغبتي بكِ كانت أعظم من أي سعادة أخرى. (مأخوذة من رواية "البحر المحيط" لألساندرو باريكو، ومنسوبة لدوستويفسكي).
3. الأمر ليس بكثرتهم حولك، إنّما بمن يأتيك دون أن تناديه، ومن يربّت على كتفك دون أن تخبره بأنّك مثقل.
4. لم أطلب يدًا تمسح دموع الفزع، ولم أُوقظ أحدًا ليعانقني كي أهدأ، علام يجب أن أكون ممنونًا؟ لقد عشت أسوأ اللحظات بمفردي.
5. لا شيء أسوأ من مُسن وضع أحلامهُ على عاتقِ ابنه، فأستيقظ في دار العجزة.
6. إنّني مُصاب بحمّى التفكير، أفكّر فيما حدث وما سيحدث وما قد يحدث. أفكر في الأشياء التي لم تحدث، وماذا سيحدث لو حدثت؟
7. جَرّب ان تظل وحيدًا لفترة، ستجد أنّ البشر بلا فائدة حقيقة، سوى إنهاكك في تفاهة سطحية لمشاكلهم النفسية طوال الوقت. (موجودة في رواية بعنوان "انستا حياة" لمحمد صادق ومنسوبة إلى دوستويفسكي).
8. أين نحن الآن؟
- في القاع
- جيد، على الأقل لن نسقط مرة ثانية!
9. لم يعد العمر يتسع لمزيد من الأشخاص الخطأ.
10. لا تكبر، إنّه فخ.
11. لا تعترف بالحريق الذي في داخلك، ابتسم و قُل إنها حفلة شواء!
12. ماذا لو كان العنكبوت الذي قتلتهُ في غرفتك، يظنّ طوال حياته أنك رفيقه في السكن؟
13. عشقتُ ذنوبي عندما رأيتُ إيمانكم المُزيّف.
2- محمود درويش
1. سأرتدي نظارة جدتي، لكي أرى الدنيا كما كانت في عهدها.
2. بعضي لديّ وبعضي لديك... وبعضي يشتاقُ لبعضي... فهلّا أتيت؟
3. أحببتُكِ مرغمًا، ليس لأنّكِ الأجمل، بل لأنّكِ الأعمق، فعاشق الجمال في العادةِ أحمق.
4. لم يعدْ في قلبي مكانٌ لرصاصةٍ جديدة.
5. أنا لا أهجر أحدًا، لكنّني لا أمسك يد من أراد الرحيل.
6. ما أشد سعادة المرء حين لا يودّع أحدًا ولا ينتظر أحدًا.
7. الدموع كائنات فضولية. كلّما حدث شيء مؤلم خرجت لتُشاهد.
8. نموتُ كي يحيا الوطن/ يحيا لمن؟ /لابن زنا يهتكهُ.. ثم يقاضيه الثمن؟ (هذه للشاعر العراقيّ أحمد مطر، منسوبة إلى محمود درويش).
9. أنتِ لستِ لي/ ولكني أحبك/ وحنيني إليك يقتلني/ وكرامتي تمنعني/ وكل شيء يحول بيني وبينك.
3- نزار قباني
1. كم من صداقة كانت عشقًا، ولم يدركوا/ وكم من كيف حالك كانت تعني اشتقت لك، ولم يفهموا؟
2. محظوظة تلك الفتاة التي تملك رجلًا غيورًا، عصبيًا، حنونًا، عنيدًا، قلبه طيب، يشتاق لها دومًا، يخاف الله بها، لا يستطيع تحمل غيابها.
3. تضحك وفي قلبها مجلس عزاء، تلك هي أقوى النساء.
4. هجرك لا يؤلمني؛ الألم الحقيقي أن يحبّني غيركَ بنفس طريقتي التي أحبّك بها... ولا أهتم!
5. تهوى الأنثى ذلك المجنون، الذي يفرض حبّه عليها، أكثر من ذلك الذي يستأذنها قبل أن يحبّها.
6. عند اللقاء الأول، ﻻ تستمع لأي أغنية، ولا تضع أي عطر، وإياك أن تحبّ المكان كثيرًا، ولا تسأل عن السبب.
7. في حلمي أنت واقعي، وفي واقعي أنت حلمي!
8. من الغباء الاعتقاد أنّ المرأة تزهر في سنّ معينة، المرأة تزهر مع رجل معين. (هذه لأنجلينا جولي، ومنسوبة بنزار قباني).
9. ربّما لم يرغب المرء في الحب، بقدر رغبته في أن يفهمه أحد.
10. العقل عقلي، والفكر أنت. القلب قلبي، والنبض أنت.
اقرأ/ي أيضًا: