25-يوليو-2023
gettyimages

تتواصل الأزمة السياسية والاقتصادية في تونس بالتصاعد منذ انقلاب قيس سعيّد (Getty)

عامان على انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيّد، على البرلمان التونسي المنتخب، شملت العمل على تغيير الدستور التونسي، وتركيز الصلاحيات في يد الرئيس، مع انتخاب برلمان جديد، بالإضافة إلى حملة قمع للحريات واعتقالات سياسية وملاحقة النظام القضاء، مع فشل "الوعود" الاقتصادية، التي قدمها سعيّد ضمن "مساره" ما بعد الانقلاب.

وبالتزامن مع ذكرى الانقلاب، دعت قوى المعارضة التونسية، إلى تجمعات ومظاهرات، احتجاجًا على استمرار المسار الانقلابي من قبل قيس سعيّد.

تواصل الانتهاكات

وفي ذكرى انقلاب سعيّد، أصدرت منظمة العفو الدولية، تقريرًا ناقشت فيه الحالة في تونس، وجاء بعنوان "السنة الثانية التي تلت هيمنة الرئيس التونسي قيس سعيّد على السلطة"، وقالت المنظمة الحقوقية: "اتخذت السلطات التونسية مزيدًا من الخطوات نحو القمع عبر إلقاء عشرات الخصوم السياسيين ومنتقدي الدولة في السجن، وانتهكت استقلالية القضاء، وألغت الضمانات المؤسسية لحقوق الإنسان، وحرّضت على التمييز ضد المهاجرين".

قالت منظمة العفو الدولية: "اتخذت السلطات التونسية مزيدًا من الخطوات نحو القمع عبر إلقاء عشرات الخصوم السياسيين ومنتقدي الدولة في السجن، وانتهكت استقلالية القضاء، وألغت الضمانات المؤسسية لحقوق الإنسان، وحرّضت على التمييز ضد المهاجرين"

وقالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية هبة مرايف: "لقد أضعف الرئيس سعيّد وحكومته بشدة احترام حقوق الإنسان في تونس منذ هيمنته على السلطة في تموز/يوليو 2021، وذلك عبر إصدار المرسوم تلو الآخر وتوجيه صفعة تلو الأخرى. وقد جَرّد بذلك التونسيين من الحريات الأساسية التي كافحوا كفاحًا مريرًا لنيلها وعزّز مناخًا من القمع والإفلات من العقاب. ينبغي على السلطات التونسية أن تعود فورًا عن هذا المسار الخطر وأن تتمسك بالتزاماتها الدولية تجاه حقوق الإنسان".

وأشارت منظمة العفو الدولية إلى "خنق أصوات المعارضة السياسية في تونس"، مذكرة بـ"استخدام السلطات تحقيقات جنائية زائفة وعمليات اعتقال لاستهداف الخصوم السياسيين، ومنتقدي الدولة، والأعداء المتصورين للرئيس سعيّد منذ شباط/شباط الماضي".

وأكدت المنظمة توثيقها منذ 25 تموز/يوليو 2021 انتهاكات للحق في التعبير، إذ أشارت إلى توثيق حالات ما لا يقل عن 39 شخصًا خضعوا للتحقيق أو الملاحقة القضائية لمجرد ممارستهم لحقهم في حرية التعبير.

وأضافت المنظمة "تشمل الاتهامات المنسوبة إليهم ’إهانة السلطات أو نشر أخبار كاذبة’، وهما تهمتان غير معترف بهما بموجب القانون الدولي".

وعود لا تتحقق

بدورها، راجعت منظمة "أنا يقظ" التونسية، "وعود" قيس سعيّد منذ انقلابه، قائلةً: إن "الرئيس التونسي قيس سعيّد لم يحقق 90% من الوعود التي قطعها طيلة السنتين الماضيتين منذ إقرار ما سماها التدابير الاستثنائية في 25 تموز/يوليو 2021". 

getty

وقالت المنظمة، في بيان أصدرته حول تقريرها الخاص "نتائج سعيّد ميتر: سنتان على إقرار التدابير الاستثنائية"، المتعلق بمراقبة وقياس مدى التزام الرئيس بتنفيذ الوعود التي التزم بها منذ 25 تموز/يوليو 2021. 

واعتبرت منظمة "أنا يقظ" أنّ أداء سعيّد يُعدّ سلبيًا بالمقارنة مع ما وعد به، ذلك أنّ 5 وعود فقط تمّ تحقيقها من أصل 49 وعدًا أي ما يناهز نسبة 10%، التي قدمها سعيّد في أعقاب انقلابه.

أزمات مستمرة وعرقلة الانتقال الديمقراطي

إلى جانب الانتهاكات صعيد الحريات وانفتاح المجال السياسي، فإن تونس تعاني من أزمة اقتصادية حادة، وصلت إلى حد غياب بعض السلع الغذائية عن المتاجر، رغم دعاية سعيّد المستمرة، عن أن مساره يهدف إلى "محاربة الفساد" ومعالجة الأزمة الاقتصادية.

وفي ظل انقلاب سعيّد على البرلمان المنتخب، شارك الرئيس التونسي قبل أيام في مؤتمر روما للهجرة، بعد استيراد خطاب معادٍ للمهاجرين والأجانب، في محاولة لإلقاء اللوم عليهم في أزمات تونس، مع تمكنه من الحصول على دعم أوروبي للاقتصاد ولمواجهة الهجرة، في خطاب تمكن من خلاله الحصول على استرضاء الدول الغربية، التي لم تعد تثير قضية الانقلاب في تونس.

وعمل سعيّد على مدار الأشهر، في سياق تفكيك حركات المعارضة التونسية، مع قيامه بإلغاء دستور ما بعد الثورة، والذي وصف "بواحد من أفضل الدساتير في العالم"، عمل على تغيير نظام الانتخاب، في محاولة لزيادة حضور الأفراد، على حساب الأحزاب، في وصفة تقليدية من أجل إنهاء الحياة السياسية في تونس، وتفكيك الأحزاب المشاركة في عملية الانتقال الديمقراطي.

راجعت منظمة "أنا يقظ" التونسية، "وعود" قيس سعيّد منذ انقلابه، قائلةً: إن "الرئيس التونسي قيس سعيّد لم يحقق 90% من الوعود التي قطعها طيلة السنتين الماضيتين منذ إقرار ما سماها التدابير الاستثنائية في 25 تموز/يوليو 2021"

وتكلل مسار سعيّد في حملة اعتقالات واسعة، شملت رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، في محاولة لإبعاده عن المشهد السياسي في تونس.

ترافق ذلك، مع أزمة داخلية في المعارضة نفسها، التي تواصل الانقسام على ذاتها، رغم اشتراكها في طلب إنهاء الانقلاب، والخلاف السياسي مع قيس سعيّد.

وعلى أعتاب العام الثالث في انقلاب قيس سعيّد، وبعد 10 أعوام من الديمقراطية في تونس، فإن النقاش الحالي يدور حول إمكانية تجاهل سعيّد للانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024.