11-يناير-2020

أثارت حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية عضب الإيرانيين (تويتر)

الترا صوت – فريق التحرير

أعلنت هيئة الأركان الإيرانية أن الطائرة الأوكرانية التي كانت متوجهة من طهران إلى كييف أُسقطت بسبب "خطأ بشري" غير مقصود، فيما حث الزعيم الإيراني الأعلى أية الله علي خامنئي المسؤولين الإيرانيين على "متابعة التقصيرات" المسببة لوقوع ما وصفه بـ"الحادث الأليم"، في الوقت الذي طالبت كييف بتقديم طهران تعويضات مالية لعوائل ضحايا الطائرة المنكوبة.

أظهرت مقاطع مصورة جرى تداولها عبر منصة تويتر من داخل العاصمة طهران، خروج الآلاف في مظاهرات تنتقد الطريقة التي تعاملت بها السلطات الإيرانية مع حادثة الطائرة المنكوبة

الأركان الإيرانية.. الطائرة الأوكرانية كانت ضمن دائرة "هدف معاد"

أشارت الأركان الإيرانية في بيان عسكري صادر عنها فجر اليوم السبت، إلى دخول الطائرة المدنية التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية بطريقة خاطئة في دائرة "هدف معاد" بعد أن اقتربت من "مركز عسكري حساس" تابع للحرس الثوري الإيراني، لافتًة إلى أن الجيش كان خلال تلك اللحظات في "أعلى مستويات التأهب"، موضحًة أن سقوط الطائرة الأوكرانية كان ناجمًا عن "خطأ بشري بطريقة غير مقصودة"، مؤكدًة في نهاية البيان على محاسبة الأطراف المسؤولة عن ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: ما وراء "التسوية الضمنية" بين طهران وواشنطن.. هل انتهى التصعيد؟

وكانت الطائرة الأوكرانية من طراز بوينغ 737 – 800 قد سقطت فجر يوم الأربعاء 8 كانون الثاني/يناير الجاري، بعد ساعات قليلة من شن الحرس الثوري هجمات صاروخية على قاعدتيين عسكريتين في العراق تتمركز فيهما القوات الأمريكية، ردًا على الهجوم الصاروخي الأمريكي الذي أطاح بقائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، وأسفر حادث الطائرة المأساوي عن مقتل جميع ركاب الطائرة البالغ عددهم 176 شخصًا، وهم 82 إيرانيًا، 63 كنديًا، 11 أوكرانيًا (من بينهم تسعة أفراد طاقم الطائرة)، 10 سويديين، أربعة أفغان، وثلاثة ألمان ومثلهم بريطانيون.

ونقلت وكالات الأنباء الإيرانية على لسان الزعيم الأعلى في البلاد علي خامنئي أنه توجه بتوصية مؤكدة "حول متابعة التقصيرات المحتملة في هذا الحادث الأليم"، مضيفًا أنه سيطلب من "المدراء والمسؤولين المعنيين إجراء المراقبة والمتابعات اللازمة لعدم تكرار مثل هذا الحادث"، فيما أعلن قائد القوة الجو فضائية بالحرس الثوري أمير علي حاجي تحمله "المسؤولية الكاملة" عن الحادثة، مشيرًا إلى أن الحرس الثوري ظن أن الطائرة صاروخ كروز.

كييف تطالب بتعويضات مالية لعوائل ضحايا الطائرة المنكوبة

قال مدير مكتب الحوادث الجوية بمنظمة الطيران المدني الإيرانية حسن رضائي فر إن بلاده ستقوم بإرسال الصندوق الأسود الخاص بالطائرة الأوكرانية إلى فرنسا، مرجعًا سبب ذلك لعدم توفر إمكانيات كافية في إيران لقراءة ذاكرة الصندوق الأسود للطائرة، بعد رفض دول فرنسا، كندا، والولايات المتحدة "إرسال أجهزة البرمجيات اللازمة لتنزيل المعلومات المسجلة بالصندوق الأسود للطائرة إلى إيران".

فيما أعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني عن أسفه، واصفًا الحادثة بأنها كانت "خطأ بشريًا وإطلاقًا خاطئًا أسفر عن كارثة كبرى راح ضحيتها العشرات من الأبرياء"، وتابع مضيفًا أن "الحادثة الأليمة ليست قضية يمكن العبور منها بسهولة"، مشددًا على وجوب مواصلة التحقيقات لتحديد جميع الأسباب، وأن بلاده ستحاسب المسؤولين عن "هذا الخطأ الذي لا يغتفر".

وتعليقًا على تصريحات المسوؤلين الإيرانيين، طالب الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي طهران بـ"إجراء تحقيق كامل ومفتوح، وتقديم المسؤولين عن (إسقاط الطائرة) إلى العدالة، وإعادة جثث المتوفين، ودفع تعويضات وإصدار اعتذار رسمي عبر القنوات الدبلوماسية"، لافتًا إلى أن كييف لديها 45 من الخبراء بحاجة إلى الوصول الكامل للتحقيق و"المشاركة لإقامة العدل".

فيما شدد رئيس الوزراء الكندي جوستن ترودو على أن بلاده تركز على "المحاسبة والشفافية والعدالة لأسر الضحايا وذويهم"، مضيفًا أن بلاده ستواصل العمل مع شركائها حول العالم لضمان إجراء تحقيق كامل ومستفيض في حادث الطائرة، متوقعًا تعاونًا تامًا من الحكومة الإيرانية، في الوقت الذي أشار وزير الخارجية الكندي فرانسوا - فيليب شامبين إلى أن مجموعة العمل المشاركة في التحقيقات ستتضمن ممثلي البلدان التي قُتل مواطنوها على متن الطائرة، باستثناء إيران دون أن يجري توضيح الأسباب التي تمنعها من المشاركة في المجموعة.

وكانت هيئة الطيران المدني الإيرانية قد استبعدت خلال اليومين الماضيين فرضية إسقاط الطائرة بصاروخ، واصفًة ما أثارته تقارير غربية حول سقوط الطائرة بصاروخ بأنه "مجرد شائعات كاذبة هدفها سياسي"، رغم تأكيد مسؤولين غربيين، بمن فيهم مسؤولون من واشنطن، بأنهم على ثقة من أن الدفاعات الجوية الإيرانية أسقطت الطائرة الأوكرانية المنكوبة عن طريق الخطأ.

وقالت شركة الخطوط الدولية الأوكرانية إنها غيرت مسارات طائراتها، مشيرًة إلى أنها لن تطير فوق إيران، لافتًة إلى أن طائرتها المنكوبة لم تتلق أي تحذير من مطار طهران فيما يتعلق بوجود تهديد محتمل قبل إقلاعها.

الطائرة المنكوبة أسقطت بصاروخ روسي قصير المدى

خلال اليومين نشرت عشرات الصحف الغربية تصريحات لخبراء ومسؤولين استخباراتيين يشيرون في مضمونها إلى التقاط الأقمار الاصطناعية ومضتين متتاليتين من جهازي إطلاق صواريخ، ثم وميضًا قويًا لانفجار الطائرة، فيما قال آخرون إن الطائرة قد انفجرت بعد إصابتها بصاروخ روسي الصنع.

وأثار سبب سقوط الطائرة المنكوبة الحيرة لدى الخبراء بعدما ظهر عدم إرسالها إشارة استغاثة واحدة إلى برج المراقبة قبل اختفائها من شاشات الرصد، وهو الأمر المتوافق عليه عند تعرض أحد الطائرات المدنية لخلل فني أثناء إقلاعها، وسط ترجيحات بأن تكون الطائرة قد استهدفت بصاروخ أرض – جو عن طريق الخطأ.

وحمّل خبراء أمريكيون أسباب سقوط الطائرة المنكوبة للمسؤولين الإيرانيين، نظرًا لأن الأجواء الإيرانية كانت في حالة "استنفار قصوى.. وقلق وكثير من الفوضى"، واصفين الحادثة بأنها "أمر غير مسؤول بشكل مذهل"، مشيرين إلى أن "ركاب الطائرة الأوكرانية المنكوبة لم تكن لديهم فكرة عن أنهم يحلقون في منطقة حرب".

وتشير التقارير إلى أن الطائرة المنكوبة أسقطت بصاروخ من طراز Tor M-1 الروسي، والمعروف لدى حلف الشمال الأطلسي (الناتو) باسم SA-15 Gauntlet، وهو نظام صاروخي دفاعي جوي قصير المدى، يعمل في الارتفاعات المنخفضة والمنخفضة جدًا وفي كافة الأحوال الجوية، ويحتاج فترة زمنية تقدر بـ3.4 ثواني للكشف عن الهدف، وإطلاق الصواريخ قصيرة المدى.

الشارع الإيراني يتظاهر مطالبًا باستقالة المسؤولين عن الحادثة

على الرغم من أن إيران أعلنت رسميًا مسؤوليتها عن سقوط الطائرة الأوكرانية، فإن عدم إغلاقها للمطار الرئيسي في البلاد، فضلًا عن مجالها الجوي يطرح تساؤلًا حول السبب الذي منعها من ذلك، بالأخص خلال الفترة التي أنهت طهران هجماتها الصاروخية على القاعديتن الأمريكيتين، ما يعني أنه كان من الممكن أن يكون هناك رد أمريكي محتمل على الهجمات الصاروخية التي ضربت قواعدها العسكرية.

كما أن اعتراف المسؤولين الإيرانيين بمسؤوليتهم عن إسقاط الطائرة يقوض من مصداقية المعلومات التي قدموها سابقًا، بعد نفيهم أن يكون لطهران علاقة بإسقاط الطائرة، غير أن إعلانها مسؤوليتها عن سقوط الطائرة من الممكن أن يؤجج المشاعر العامة داخل البلاد ضد السلطات، فيما يبدو أن طهران اعترفت بمسؤوليتها عن الحادثة بعدما أظهرت التحليلات استحالة إخفاء علامات الضربة الصاروخية أثناء أي تحقيق.

وأظهرت مقاطع مصورة جرى تداولها عبر منصة تويتر من داخل العاصمة طهران، خروج الآلاف في مظاهرات تنتقد الطريقة التي تعاملت بها السلطات الإيرانية مع حادثة الطائرة المنكوبة، مطالبن المسؤولين الإيرانيين عن الحادثة بالاستقالة.

ونقلت وكالة رويترز على لسان ميرا المقيمة في طهران قولها: "كانوا حريصين للغاية على ألا يقتلوا أي أمريكي خلال الانتقام لسليماني.. لكنهم لم يغلقوا المطار.. هذا يظهر مدى حرص هذا النظام على الإيرانيين"، وذلك في إشارة إلى عدم سقوط قتلى في صفوف القوات الأمريكية المتواجدين في القاعدتيين العسكريتين في العراق.

أثار سبب سقوط الطائرة المنكوبة الحيرة لدى الخبراء بعدما ظهر عدم إرسالها إشارة استغاثة واحدة إلى برج المراقبة قبل اختفائها من شاشات الرصد، وهو الأمر المتوافق عليه عند تعرض أحد الطائرات المدنية لخلل

فيما هاجم رضا غدياني السلطات الإيرانية بسبب إعلان مسؤوليتها إسقاط الطائرة المنكوبة بعد انتهاء أيام الحداد على الجنرال سليماني، وقال في هذا الشأن: "لسوء الحظ؟ ماذا يعني ذلك؟ لقد أخفوا هذا النبأ المأساوي الهائل لأيام لمجرد الحداد على سليماني.. عار عليكم"، في الوقت الذي طالب الإيرانيون باستقالة المسؤولين رافضين تصريحاتهم التي أعربوا فيها عن اعتذراهم على سقوط الطائرة.

اقرأ/ي أيضًا: أسئلة ما بعد سليماني.. الحسابات الإستراتيجية أمام احتمالات التصعيد

من جهتها غرّدت مذيعة التلفزيون الإيراني إلميرا شريفي على عبر حسابها الرسمي على تويتر بالقول: "صمتم في الوقت الذي كان ينبغي لكم فيه أن تتقدموا بالاعتذار والتوضيح! لماذا تحرجوننا أمام الجمهور؟".

وفي تصريح لصحيفة فاينشال تايمز البريطانية أجرت الإيرانية نسيم مقارنة بين تصريحات السلطات الإيرانية إزاء ضحايا الطائرة الأوكرانية المنكوبة، وبين الوضع في حال لو كان ضحايا الطائرة إيرانيين، مشيرًة بذلك إلى أنه "لو كانت الطائرة إيرانية، وجميع الركاب إيرانيين، لكان سبب الحادث هو عطل في الطائرة أو المحرك"، لافتًة إلى أن اعتراف السلطات الإيرانية بمسؤوليتها عن سقوط الطائرة سببه "الضجة الكبيرة التي أثارتها الحكومات الأجنبية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

استقطاب وانقسام.. كيف تفاعل الأمريكيون مع اغتيال سليماني؟

ما بعد اغتيال سليماني.. هل انتهى عصر الحرب بالوكالة في المنطقة