30-أبريل-2020

عادت الاحتجاجات إلى الشوارع اللبنانية (تويتر)

شهد العديد من المناطق اللبنانية تحركات احتجاجية ليلة أمس الأربعاء، طالت بشكل رئيسي فروع المصارف، وأطلق المشاركون فيها هتافات منددة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يرخي بثقله على كاهل اللبنانيين، في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والمواد الغذائية، بالتزامن مع حلول شهر رمضان.

شهد العديد من المناطق اللبنانية تحركات احتجاجية ليل الأربعاء، طالت بشكل رئيسي فروع المصارف، وأطلق المشاركون فيها هتافات منددة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي

وإذا كان فيروس كورونا الجديد قد قدّم خدمة كبيرة للحكومة اللبنانية، حيث ساهم انتشاره في إرغام اللبنانيين على المكوث في منازلهم منذ مطلع شهر آذار/مارس الماضي، ما أدى إلى انكفاء الانتفاضة المندلعة في وجه الطبقة السياسية الحاكمة، والتي انطلقت في 17 تشرين أول/أكتوبر الماضي، فإنّ النبض عاد إلى الشارع مرة أخرى، بعدما تقطّعت كل السبل في وجه المواطنين الذين يشاهدون شبح المجاعة يقترب منهم، في ظل تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي، وارتفاع أسعار المنتجات والمواد الغذائية بشكل غير مسبوق، في وقت وجدت فيه عشرات آلاف العائلات نفسها بدون أي مدخول بعد قرار الحكومة بإقفال القسم الأكبر من المؤسسات ومراكز العمل، تطبيقًا لقانون التعبئة العامة لمكافحة انتشار الجائحة.

اقرأ/ي أيضًا: فقدان الثقة بالحكومة وتدهور الاقتصاد يدفعان اللبنانيين إلى الشوارع مجددًا

وقد ظهرت أولى هذه التحركات ليل الجمعة الماضي، حيث أقدم مجهولون على إلقاء قنابل مولوتوف على عدد من المصارف في مدينتي صيدا وصور. وفيما تضاربت الأنباء حول مصدر هذه القنابل، بين من رأى أنها تدخل في سياق النزاع السياسي بين الجهات السياسية، وبين من اعتبرها الشرارة الأولى لعودة النبض إلى الشارع مرة أخرى، تركّزت الحملات في الأيام التالية ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وارتفعت أصوات مطالبة بإقالته ومحاكمته، فيما طالبه رئيس الحكومة حسان دياب بتقديم شرح مفصل عن الوضع النقدي والمالي في لبنان.

وكان آلاف المواطنين الغاضبين قد خرجوا ليل أمس الأربعاء في عدد من المناطق اللبنانية للتظاهر، وأبرز هذه التحركات كان في طرابلس، التي أطلق عليها الناشطون سابقًا لقب "عروس الثورة"، حيث خرج أهلها بعد الإفطار إلى الساحات للتعبير عن غضبهم، لليوم الثالث على التوالي.

 وعادت المناوشات مرة أخرى بين المتظاهرين والجيش اللبناني الذي حاول منعهم من الوصول إلى المصارف وإحراق واجهاتها، كذلك رمى المحتجون منزل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي في منطقة الميناء - طرابلس بالحجارة، وحاولوا اقتحام المنزل لكن الجيش منعهم. وأفاد الصليب الأحمر اللبناني عن إصابة ثلاثة متظاهرين تم نقلهم إلى مستشفيات المنطقة.

وإذا كان الفقر هو المحرك الرئيسي لأهل طرابلس، فإن إطلاق الجيش اللبناني للرصاص الحي والذي أدّى إلى مقتل أحد الشبان قبل يومين، ساهم في تأجيج مشاعر الغضب، وقد بدا واضحًّا من تصريحات المواطنين التي التقطتها وسائل الإعلام، أن الطرابلسيين عازمون على استكمال احتجاجاتهم حتى النهاية، وأنهم يفضلّون الموت بالجائحة في الساحات على الموت جوعًا في منازلهم.

وقد أبدى عدد كبير من الناشطين تعاطفه وتضامنه مع المنتفضين في طرابلس، ورفضه لمحاولات تسييس تحركاتهم، كذلك رفضوا ما اعتبروه محاولات زج الجيش في مواجهة مباشرة مع أهل طرابلس، في مقدّمة لتأليب الرأي العام ضد المدينة وتصويرها على أنها خارجة على القانون.

اقرأ/ي أيضًا: مصارف تحكم لبنان.. الجريمة دون عقاب

بدورها شهدت مدينة صيدا الجنوبية تحركات لافتة مساء الأربعاء، وألقى المحتجون قنابل مولوتوف باتجاه المصرف المركزي في المدينة، قبل أن يتدخّل الجيش ويغلق كل الطرقات المؤدية إلى المصرف. وفي النبطية لبّى عشرات المواطنين دعوات نُشرت على مواقع التواصل، ونفذوا وقفة احتجاجية ليلًا أمام مصرف لبنان ورفعوا شعارات مطالبة بمحاكمة حاكم المصرف واستعادة الأموال المنهوبة. وقد حاول المحتجون إقفال الطرقات المحاذية للمصرف بالحجارة والإطارات، فتدخّلت القوى الأمنية ما أدّى إلى توتّرات بين الطرفين.

المنتفضين الذين ملأوا الساحات في الفترة التي تلت 17 تشرين الأول/أكتوبر، في طريقهم إلى الساحات مرة جديدة

مع بدء انحسار فيروس كورونا في لبنان، وفي ظل تفاقم الأوضاع المعيشية، تدلّ كل المؤشرات إلى أن فترة التوقف التي شهدتها الاحتجاجات أوشكت على نهايتها، وأن المنتفضين الذين ملأوا الساحات في الفترة التي تلت 17 تشرين الأول/أكتوبر، في طريقهم إلى الساحات مرة جديدة، بعد أن فشلت السلطة في اتّخاذ إجراءات إنقاذية توقِف التدهور المستمر والذي لم يعد لدى المواطن أية طاقة لتحمّله.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 المصارف اللبنانية: إذلال الناس أو الإضراب