26-مارس-2024
ضغوط العمل والتعامل معها

تجاهل ضغوط العمل وتراكمها يؤدي للعديد من الأضرار الصحية

أصبح الضغط في بيئة العمل أمرًا لا مفر منه، بسبب متطلبات البيئة العملية المعاصرة. وأحيانًا يكون الضغط في العمل مقبولًا، فهو يحفز العمال ويزيد من إنتاجيتهم وقدرتهم على التعلم، لكن عندما يزيد عن حده، أو عندما يصبح غير قابلٍ للسيطرة، يمكن أن يؤدي للإجهاد والتعب والضرر بصحة الموظفين وأدائهم.

 

أنواع الضغوط المرتبطة بالعمل

تظهر الأبحاث أن أكثر أنواع العمل إرهاقًا، هي التي تفرض متطلبات غير متناسبة مع قدرات الفرد ومعرفة العمال، مما يقلل من القدرة على السيطرة ويقلل من القدرة على اتخاذ القرارات. بالإضافة لظروف العمل الصعبة، كما أن قلة الدعم من الزملاء والمشرفين يزيد من مستويات الضغط والإجهاد في العمل. وفيما يأتي أنواع الضغوط المرتبطة بالعمل

  1. التوتر الإيجابي في مكان العمل

يستجيب بعض الأفراد لضغوط العمل بطريقةٍ تكيفيةٍ وإيجابية، دون أن تتأثر صحة الفرد بشكلٍ سلبي. مثل الضغط الذي يواجهه الفرد خلال أيامه الأولى من العمل، في هذه الفترة يحتاج الشخص إلى أن يكون متيقظًا ليستطيع التكيف مع بيئة العمل الجديدة، ومحاولة تطوير أدائه ومهاراته. فالتوتر الإيجابي جزءٌ طبيعيٌ في بيئة العمل، فهو يعزز الإنتاجية والرضا الوظيفي، لكن من المهم إدارة هذا التوتر بشكلٍ صحيحٍ لضمان استمراره كعاملٍ إيجابي في بيئة العمل.

  1. التوتر السلبي في مكان العمل

عندما يستمر التوتر لفترةٍ طويلة، دون تخفيفٍ أو إدارةٍ للضغوط، يتحول لتوترٍ سلبيٍ في مكان العمل، مما يؤدي لظهور آثارٍ سلبيةٍ على صحة الفرد النفسية والجسدية، ويؤثر على أداء الفرد في العمل، فقد يقلل من قدرة الفرد على التركيز والإبداع واتخاذ القرارات الصحيحة وقد يتراجع في أدائه للمهام بشكلٍ صحيح، بالإضافة إلى التأثير على علاقاته الاجتماعية، فقد تزيد الصراعات بين الزملاء والمشرفين ويقلل من مستوى التعاون معهم.

مصطلح المخاطر النفسية الاجتماعية يعني تفاعلاتٌ بين بيئة العمل وما يقوم به الموظف، والعوامل التي يمكن أن تؤثر على صحة الموظف وأدائه ورضاه عن العمل.

أسباب الضغوط في العمل

يُطلق مصطلح "المخاطر النفسية الاجتماعية" على العوامل المؤدية للضغوط  النفسية في العمل. ويُعرف مصطلح المخاطر النفسية الاجتماعية بأنها تفاعلاتٌ بين بيئة العمل وما يقوم به الموظف، واحتياجاته والوضع التنظيمي لمكان العمل، وغيرها من العوامل التي يمكن أن تؤثر على صحة الموظف وأدائه ورضاه عن العمل. التفاعل السلبي بين هذه العوامل ومجموعةٍ من العوامل الخاصة بالعامل، يؤدي لاضطراباتٍ انفعاليةٍ، ومشكلاتٍ سلوكيةٍ، والأمراض النفسية أو الجسدية. أما التفاعل الإيجابي بين تلك العوامل والعوامل الخاصة بالموظف، تزيد الدافعية للعمل والقدرة على أداء العمل بشكلٍ أفضل والرضا عنه، بالإضافة للثقة بالنفس. ما هي العوامل المؤدية للضغوط في العمل؟

  • أعباء العمل

في حين أن زيادة أعباء العمل قد تُشعر العامل بالإرهاق والتوتر، قلة الأعباء تشعره أيضًا بالملل وقلة التحدي، يجب أن تكون أعباء العمل مناسبةً لقدرة العامل ومهاراته. بالإضافة لساعات العمل غير المنتظمة وغير المرنة، أو ساعات العمل الطويلة، كل ذلك يزيد التوتر والضغط النفسي لدى العامل. 

  • ضعف السيطرة

شعور العامل بعدم القدرة على اتخاذ القرارات المهمة وعدم القدرة على تحديد الأولويات بنفسه، أو عدم قدرته على تحقيق الأهداف، يمكن أن يزيد من مستويات الضغط النفسي والتوتر لدى العامل، ويقلل من مستوى الرضا النفسي عنده.

  • قلة الدعم 

عدم شعور العامل بالتقدير وعدم الاعتراف بجهد العامل الذي يبذله والنقد المستمر من المشرفين عليه أو من المدراء، يؤدي للإحباط والتوتر. يحتاج العامل للدعم والتشجيع من المشرفين ومن الزملاء أيضًا، فهذا يزيد من إنتاجيته ويرفع من معنوياته، وعكس ذلك يؤدي للشعور بالعزلة والتوتر وعدم الرضا، مما يؤثر على أدائه في العمل.

  • بيئة العمل

بيئة العمل السامة، التي تعاني من الخلل الوظيفي، والمليئة بالنميمة والتنمر وأحيانًا التحرش الجنسي، بالإضافة للإدارة السيئة، والعديد من الأسباب التي تجعل بيئة العمل غير مريحة، تؤثر بشكلٍ مباشر على العامل من الناحية النفسية والجسدية والسلوكية، مما يؤدي بشكل طبيعي لتراجع أداء الموظف في العمل.

  • العلاقات في العمل

التواصل الضعيف وسوء العلاقات في العمل أحد أهم عوامل وأسباب ضغوط العمل. فقلة التفاعل بين الزملاء أو التواصل السيئ، يؤدي لسوء الفهم أو عدم فهم الأوامر بشكلٍ صحيح، علاوةً على ذلك، تكون العلاقات غير صحيةٍ وغير مريحةٍ، بسبب النزاعات بين العاملين وبالتالي زيادة الضغط والتوتر وتراجع الأداء الوظيفي.

  • قلة التطور الوظيفي

روتين العمل الممل دون وجود فرصةٍ للتطور أو التقدم الوظيفي، تدمر معنويات العامل، فيشعر العامل بالإحباط والإرباك عندما يجد نفسه في وظيفة ليس لها مستقبل أو أمل في التطور. يفقد العامل الحماس والشغف في أداء المهام المطلوبة، فينخفض مستوى الرضا، ويرتفع التوتر والاكتئاب لديه، ويفقد الثقة في قدراته في مكان العمل.

علامات وأعراض ضغوط العمل 

يمكن أن تؤثر ضغوط العمل على الأفراد على عدة جوانب، الجانب النفسي، الجانب الجسدي والجانب السلوكي. معرفة علامات وأعراض التوتر التي تسببها ضغوط العمل يمكن أن يساعد في معرفة كيفية التعامل معها.

  1. الأعراض الجسدية

 تشمل الأعراض الجسدية للتوتر في العمل (الصداع واضطرابات الجهاز الهضمي، وضيق التنفس وزيادة معدل ضربات القلب وتوتر العضلات وآلامها، والتعب والإرهاق ومشاكل النوم).

  1. الأعراض النفسية

تشمل الأعراض النفسية للتوتر في العمل (الاكتئاب، القلق، تعكر المزاج، ضعف التركيز، اللامبالاة وفقدان الاهتمام، الخمول، الأعراض السلوكية العدوانية، انخفاض الأداء، التهرب من المسؤوليات، تناول الكحول أو المواد المخدرة، العزلة والانسحاب الاجتماعي، عدم الالتزام بالمواعيد.

الممارسات الصحية المتعددة تساعد في تحسين المزاج وتقليل التوتر، مثل ممارسة الرياضة

كيفية التعامل مع ضغوط العمل

هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها للتخفيف من ضغوط العمل وتقليل تأثيرها السلبي على الصحة النفسية والجسدية، والسلوك، من أهم هذه الاستراتيجيات:

  1. تحديد مصادر الضغوط

الخطوة الأولى للتعامل مع الضغوط بشكلٍ صحيحٍ وفعالٍ في بيئة العمل، والتخلص منها، هو تحديد مصادرها. تتعدد مصادر الضغوط في بيئة العمل، قد تكون هذه المصادر مؤقتةً أو دائمة، وقد تتعلق الضغوطات ببيئة العمل أو العمل نفسه أو بالزملاء. من أكثر مصادر الضغوط في العمل شيوعًا انخفاض الأجر، عدم الرضا عن العمل والشعور بالملل، نقص الدعم الاجتماعي، القلق من فقدان الوظيفة، ساعات العمل الإضافية والضغط المستمر لتقديم مستوياتٍ مثلى وغيرها. تحديد مصادر الضغوط يساعد في تحديد الاستراتيجية المناسبة للتعامل مع الوضع وتخفيف الضغط في بيئة العمل.

  1. وضع الحدود

تحديد حدودٍ واضحةٍ للزملاء في العمل، من خلال تحديد مساحةٍ شخصيةٍ وزمنية، وتوضيح المقبول وغير المقبول في علاقات العمل، بالإضافة لتعلم قول "لا" عند الحاجة، وتجنب تعدد المهام، مما يساعد في تحسين جودة العمل وتقليل ضغوط العمل والحفاظ على حياةٍ متوازنة. ومن المهم أيضًا تحديد الأولويات وتنظيم الوقت لتفادي الضغوط في بيئة العمل.

  1. اتباع عادات صحية

الممارسات الصحية المتعددة تساعد في تحسين المزاج وتقليل التوتر، مثل ممارسة الرياضة، كالركض والمشي وكافة النشاطات التي ترفع معدل ضربات القلب، فهي فعالةٌ في تحسين المزاج ورفع الطاقة وزيادة التركيز وتهدئة الأعصاب، ومن الممارسات الصحية المهمة في تخفيف ضغوط العمل، اتباع نظام طعام صحي، فمن المهم تجنب الأطعمة الضارة وغير الصحية، ومن المهم الحصول على قدرٍ كافٍ من النوم، فقلة النوم تؤثر بشكلٍ سلبيٍ على المزاج، وتضعف القدرة على مواجهة التحديات في العمل.

  1. البحث عن الدعم لدى العائلة والأصدقاء

مشاركة المشاعر مع الأشخاص القريبين والحصول على الدعم الاجتماعي يخفف من الضغط والتوتر، فمجرد الاستماع بفعالية والتعاطف مع المشاعر التي يشعر بها الفرد العامل، يعزز الروابط الاجتماعية ومشاعر الانتماء، مما يساعده في مواجهة تحديات العمل، وتحسين صحته النفسية.
 

تجاهل ضغوط العمل وتراكمها يؤدي للعديد من الأضرار الصحية، منها الجسدية والنفسية والسلوكية، بالإضافة لتأثيرها على حياة الفرد الشخصية والمهنية. لذا على الفرد العامل اتخاذ خطواتٍ فعالةٍ للحد والتخفيف من الضغوط التي تواجهه، من خلال اتباع استراتيجياتٍ مناسبةٍ لمصادر التوتر والضغوط في بيئة العمل لديه. ومن المهم تركيز الفرد العامل على الجوانب الإيجابية في عمله وعدم البحث عن الكمال والابتعاد عن المشاكل والصراعات في بيئة العمل والتحدث مع الزملاء الآخرين عن الضغوط الموجودة في العمل، والصراحة مع صاحب العمل عندما تشتد الضغوط، كل هذا يساعد في تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية ومعرفة كيفية التعامل مع الضغوط في بيئة العمل.