30-يناير-2020

من مظاهرة مغربية ضد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في 2017 (أ.ف.ب)

على عكس عدد من الدول العربية التي عبرت، يوم أمس الثلاثاء 29 كانون الثاني/يناير 2020، عن موقفها من بنود "صفقة القرن" التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اختارت المملكة المغربية التزام الصمت 24 ساعة، قبل أن تخرج بموقف رسمي على لسان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، تقف من خلاله في المنطقة الرمادية.

كما كان متوقعًا، لم يكن الموقف الرسمي للمغرب مسايرًا للصوت الشعبي الرافض لتفاصيل خطة ترامب المعروفة بـ"صفقة القرن"

وأعلن وزير الشؤون الخارجية أن المغرب يقدر "جهود السلام البناءة المبذولة من طرف الإدارة الأمريكية الحالية، من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم ومنصف بالشرق الأوسط".

الموقف الرسمي.. وقفة الحياد

وكما كان متوقعًا، لم يكن الموقف الرسمي للمغرب مسايرًا الصوت الشعبي الرافض لتفاصيل خطة ترامب، إذ اكتفت المملكة المغربية بـ"تقدير المجهود التي تقوم بها إدارة ترامب بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومنصف لهذا الصراع"، مع الإشارة إلى أن حل القضية هو "مفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط".

اقرأ/ي أيضًا: صفقة القرن.. انقسام عربي أمام مشروع تصفية القضية الفلسطينية

وحاول المغرب التمسك بالمبادئ التي يتبناها حيال القضية الفلسطينية، والتي تقاطعت مع مضامين الخطة المعلنة من طرف ترامب، والمتجلية في دعمه لـ"التفاوض بين الطرفين، باعتباره الأسلوب الأحسن للوصول إلى أي حل، مع الحفاظ على الانفتاح على الحوار، وقبول الأطراف لهذه العناصر المختلفة أمر أساسي لتنفيذ هذه الخطة واستدامتها".

وفيما يتعلق بالقدس، قالت المملكة المغربية، التي تترأس "لجنة القدس"، إنه يجب الحفاظ على وضع القدس، مع مناقشة القرار النهائي بين الطرفين وفقًا للشرعية الدولية، مؤكدةً على موقفها الوارد في "نداء القدس"، الموقع في 30 آذار/مارس 2019 بين الملك محمد السادس والبابا فرنسيس، والذي ينص على "الحاجة إلى المدينة المقدسة، لضمان حرية الكاملة لأتباع الديانات التوحيدية الثلاثة، وحقهم في العبادة في القدس، وحتى يتمكنوا من رفع صلواتهم إلى الله خالق الجميع، من أجل مستقبل السلام والإخاء على الأرض".

وأكد المغرب، على لسان وزير الشؤون الخارجية، رغبته في "بدء عملية سلام بناءة من الآن فصاعدًا، بهدف التوصل إلى حل واقعي وقابل للتطبيق ومنصف ودائم للقضية الإسرائيلية الفلسطينية، بما يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، من أجل دولة مستقلة قابلة للحياة وذات سيادة، عاصمتها القدس الشرقية، وتمكّن شعوب المنطقة من العيش بكرامة ورخاء واستقرار".

رفض سياسي وحزبي

وعلى عكس الموقف الرسمي، ارتفعت أصوات عدد من التنظيمات السياسية والحقوقية والمدنية، بعد ساعات قليلة من إعلان ترامب لما أسماها بـ"خطة السلام"، والمعروفة إعلاميًا بـ"صفقة القرن". وعبرت هذه الأصوات عن رفضها بنود خطة ترامب، خاصة المتعلقة بالقدس المحتلة، وخريطة فلسطين المستقبلية، والاستثمارات التي ستغطي العملية.

فمن جانبها، عبرت جماعة العدل والإحسان المعارضة، عن رفضها لصفقة القرن، وذلك على لسان مسؤول العلاقات الخارجية بالجماعة، محمد حمداوي، الذي أصدر بيانًا باسم جماعته قال فيه إن "صفقة القرن، التي أعلنها الرئيس الأمريكي ترامب، عدوان جديد على فلسطين، وتكريس للاحتلال الصهيوني".

ووصفت الجماعة الصفقة بـ"المدانة والمرفوضة"، مشددةً على أنه "يجب على الفلسطينيين، وعلى العرب، والمسلمين، وعلى أحرار العالم، توحيد الجهود من أجل رفضها ومواجهة كل تنزيل لها".

فيما قالت حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، إن "الأمر يستلزم مقاومة القرن ضد صفقة القرن ضمانًا لحقوق الشعب الفلسطيني المهضومة".

وقال عبد الرحيم الشيخي، رئيس الحركة، إن "مواقف الحركة ثابتة من هذه المسألة". مضيفًا: "الخطة تشكل تصفية للقضية الفلسطينية من جديد، لأنها تجهض حق الفلسطينيين في أرضهم المغتصبة وعاصمتهم القدس، وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وحقهم في المقاومة".

وأضاف الشيخي بأن "صفقة القرن تكرس انتهاك حقوق الفلسطينيين وتعطي حقوق جديدة للكيان الصهيوني وتحصنه مما يمكن أن تقوم به المقاومة من مبادرات لاستعادة الحقوق المغتصبة".

هذا وكان أول تعليق لحزب مغربي على إعلان بنود خطة ترامب، من قبل حزب العدالة والتنمية، الذي عبّر، على لسان النائب الأول للأمين العام، سليمان العمراني، عن رفضه "لكل المخططات التي تستهدف النيل من الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس".

وقال القيادي في حزب العدالة والتنمية الذي يترأس الحكومة، إن "صفقة القرن مناقضة لقرارات الشرعية الدولية ولحقوق الشعب الفلسطيني، كما أن شرعنة سياسات الاستيطان أو غيرها من المبادرات، مرفوضة مؤسساتيًا وشعبيًا ووطنيًا ودوليًا".

صفقة "ولدت ميتة"

من جهته قال رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أحمد ويحمان، في حديث لـ"الترا صوت"، إن صفقة القرن "ولدت ميتة ولا سبيل لها في النجاح لامحالةـ لأنها متعلقة بترامب وناتنياهو الذي ينتظره السجن على خلفية قضايا فساد"، معتبرًا أن إعلان بنود الصفقة "فرصة لتنعكس إيجابيًا على وحدة الفلسطينيين".

وحول الموقف الرسمي للمغرب من القضية، قال ويحمان: "إن الموقف، وإن كان لا يصل إلى مستوى نبض الشارع، لكنه لم يصل إلى الانبطاح الذي سجل لدى عدد من دول الخليج التي أبانت عن خيانتها  للشعب العربي والعالم الإسلامي"، في إشارة إلى حضور وزراء خارجية دول الإمارات والبحرين وعُمان لؤتمر إعلان بنود صفقة القرن.

وفي تعليقه على تفاصيل الصفقة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء أمس الثلاثاء، أكد ويحمان أن مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين والمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، سيدعوان لفعاليات غضب متواصل، مؤكدًا أن "الشعب المغربي أجمع على رفض هذه الخطة قبل إعلانها بشكل رسمي، وذلك في المسيرة الشعبية التي نظمت في 23 حزيران/يونيو 2019، والتي شاركت بها مختلف الأطياف، وأكدت على اعتبار الصفقة خيانة ومحاولة لتصفية القضية".

صفقة القرن والمغرب

وتزامنًا مع موجة الرفض الشعبي الذي عبرت عنه مجموعة من أطياف المجتمع المغربي الرافضة لصفقة القرن، دعت 10 منظمات مغربية مدنية إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مبنى القنصلية الأمريكية بمدينة الدار البيضاء.

تزامنًا مع موجة الغضب الشعبي المغربي من صفقة القرن، دعت 10 منظمات مغربية مدنية لوقفة احتجاجية أمام القنصلية الأمريكية

وجاء في بيان مُوقع من طرف منظمات بينها "الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة"، و"الائتلاف المغربي للتضامن"، و"الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب"، أن هذه الصفقة تهدف إلى "تصفية القضية الفلسطينية  وتظهر إنحياز الإدارة الأمريكية إلى الكيان الصهيوني".

 

اقرأ/ي أيضًا:

صفقة القرن.. الرهان على الوهم

"صفاقة القرن".. غضب عربي من خطة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية