28-يناير-2020

تسعى صفقة القرن إلى فرض دولة فلسطينية منزوعة السيادة (فيسبوك)

الترا صوت – فريق التحرير

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض بحضور رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تفاصيل مشروع التسوية القسرية للقضية الفلسطينية، التي يريد فرضها تحت عنوان "صفقة القرن"، مصرحًا بأبرز تفاصيل الخطة التي تتضمن الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، محذرًا الفلسطينيين من أنها ستكون بمثابة الفرصة لإقامة دولتهم، وأنه سيقوم بتشكيل لجنة مشتركة لتحويل "خطة السلام" إلى خطة "تفصيلية".

شهدت المستوطنات استنفارًا للجيش الإسرائيلي منذ يوم أمس الاثنين، فقد عزز الجيش الإسرائيلي من تواجده على المدخل الشمالي لمدينة البيرة وسط الضفة الغربية، تحسبًا لخروج مظاهرات فلسطينية

ترامب يعلن عن "صفقة القرن"

في بداية المؤتمر الصحفي الذي حضره سفراء ودبلوماسيون عرب وغربيون، وصف ترامب "خطة السلام" التي جاءت في إطار الشق السياسي لصفقة القرن، بأنها تمثل "خطوة كبيرة نحو السلام"، زاعمًا أن الشباب في منطقة الشرق الأوسط على استعداد "لمستقبل أكثر أملًا"، وأن "الحكومات في المنطقة تعلم أن الإرهاب والتطرف الإسلامي هم العدو المشترك للجميع".

اقرأ/ي أيضًا: "السلام من أجل الازدهار".. تفاصيل رؤية واشنطن الاقتصادية لمؤتمر البحرين

ولم تخرج أبرز النقاط التي تطرقت لها خطة ترامب للسلام عمًا نشرته الصحف العبرية والغربية قبل إعلان الرئيس الأمريكي للخطة بشكل رسمي، والتي تأكدت أبرز نقاطها بتحديد القدس عاصمة "غير مجزأة أو مقسمة لإسرائيل"، فيما أظهر خريطة معدلة للدولة الفلسطينية المزمع الاعتراف بها ضمن خطة السلام، قام بنشرها بعد الانتهاء من المؤتمر الصحفي عبر حسابه الرسمي على تويتر، معلقًا عليها بالقول: "هذا ما قد تبدو عليه دولة فلسطين المستقبلية بعاصمة في أجزاء من القدس الشرقية".

وشدد ترامب على أن "المرحلة الانتقالية المقترحة لحل الدولتين لن تمثل خطورة كبيرة على دولة إسرائيل بأي شكل من الأشكال"، لافتًا إلى أن "السلام يتطلب الحلول الوسط والتنازلات"، قبل أن يستدرك ذلك باستبعاده تل أبيب من تقديم "الحلول الوسط"، بتأكيده عدم مطالبة تل أبيب بأن "تتنازل عن أمنها"، مما يعني أن تقديم التنازلات جرى حصره بالجانب الفلسطيني.

وأعاد ترامب أمام الحضور التذكير بالدعم غير المحدود الذي قدمه خلال فترة ولايته الأولى لحكومة نتنياهو، عندما أعلن في بداية الأمر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بعدما أعلن عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وألحقها باعترافه سيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، وأخيرًا انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني بشكل أحادي، والذي أعاد تجديد وصفه له بـ"الفظيع"، وقوبل حديث ترامب من قبل نتنياهو عندما تحدث في المؤتمر الصحفي بأن ما قدمه الرئيس الأمريكي لإسرائيل "شهادات على عمق التزامك (ترامب) اتجاه إسرائيل".

واعتبر ترامب أن الصفقة "فرصة عظيمة وتاريخية للفلسطينيين لتحقيق دولة مستقلة خاصة بهم، بعد 70 عامًا من تقدم بسيط"، مهددًا السلطة الفلسطينية بأن هذه الخطة "قد تكون أخر فرصة تحظى بها"، ومضى بالقول زاعمًا أن "الشعب الفلسطيني أصبح لا يثق بعد سنوات من الوعود التي لم يوف بها، وتعرضوا لاختبارات كثيرة، وعلينا أن نتخلص من الأساليب الفاشلة للأمس".

وادعى ترامب خلال المؤتمر الصحفي أن خطة السلام سوف "تضاعف الأراضي الفلسطينية وتمنح الفلسطينيين عاصمة في القدس الشرقية" على أن بلاده ستقوم بفتح سفارة لها في القدس الشرقية، لافتًا إلى أن إسرائيل ستعمل عن كثب مع العاهل الأردني عبد الله الثاني "للتأكد من الوضع القائم حاليًا فيما يتعلق بالأماكن المقدسة والسماح للمسلمين بممارسة شعائرهم في المسجد الأقصى".

وأضاف ترامب بأن الخطة ستقدم استثمارات تجارية كبيرة تقدر بـ50 مليار دولار في الدولة الفلسطينية الجديدة، موضحًا أن الكثير من الدول تريد المشاركة في هذا الأمر، مضيفًا أن الخطة تجعل من "فلسطين وإسرائيل والمنطقة أكثر أمانًا، وتمثل حلًا حقيقيًا وواقعيًا للدولتين بما يحقق حلم الفلسطينيين وأمن إسرائيل".

السلطة الفلسطينية تشبه "خطة السلام" بسياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا

وتزامنًا مع موعد إعلان ترامب الخطة السياسية لصفقة القرن، دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى عقد اجتماع طارئ مع القيادة الفلسطينية في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، وتضمنت الدعوة للاجتماع توجيه دعوات لنواب في المجلس التشريعي المنحل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) دون أن يتم تأكيدهم حضور أو رفض الاجتماع.

وعقدت الهيئات القيادية الفلسطينية على مختلف تنوعها اجتماعات منفصلة منذ صباح اليوم الثلاثاء، في ظل دعوات لمظاهرات في مراكز المدن الفلسطينية المحتلة. كما عقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اجتماعًا تشاوريًا، كما سيتم تنظيم يوم غد الأربعاء – الذي يصادف اليوم الوطني التطوعي لحماية الأغوار الفلسطينية – وقفة حاشدة لحماية الأغوار التي تسعى الحكومة الإسرائيلية لضمها في إطار صفقة القرن.

ونقلت وكالة رويترز على لسان رئيس البعثة الفلسطينية لبريطانيا حسام زملط وصفه لخطة ترامب السياسية بأنها "مسرحية سياسية"، مشيرًا إلى أنها "ليست صفقة سلام"، إنما "تحويل لشعب فلسطين وأرض فلسطين إلى بانونستان أخرى"، في إشارة للمناطق المستقلة التي كان يقطنها أصحاب البشرة السمراء إبان فترة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وكان المندوب الفلسطيني الدائم لدى جامعة الدول العربية دياب اللوح قد دعا في وقت سابق من اليوم الثلاثاء إلى عقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بحضور عباس "لبحث سبل مواجهة" صفقة القرن يوم السبت القادم، لافتًا إلى  أن الاجتماع يجب أن يخرج بمطلب عربي موحد لمواجهة "كافة مخططات تغييب القضية الوطنية الفلسطينية، والقضاء على مبدأ حل الدولتين".

فيما أشارت وكالة الأناضول التركية إلى رفض عباس تلقي اتصال هاتفي من الرئيس ترامب قبيل الإعلان المتوقع للبيت الأبيض عن خطته للسلام في الشرق الأوسط.

الجيش الإسرائيلي يدخل في حالة استنفار داخلي

وتمهيدًا لإعلان خطته السياسية التقى ترامب بزعيم حزب أزرق أبيض الإسرائيلي المعارض بيني غانتس يوم أمس الاثنين في المتكتب البيضاوي، ووصف غانتس خطة ترامب السياسية بأنها "مهمة وتمثل حدثًا تاريخيًا"، مؤكدًا في حديثه للصحفيين عقب نهاية الاجتماع على أنه سيعمل "بعد الانتخابات مباشرة على تطبيقها من داخل حكومة إسرائيلية مستقرة وفاعلة وجنبًا إلى جنب مع الدول الأخرى في منطقتنا".

وكان كبير مستشاري الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر قد أجرى زيارة إلى تل أبيب قبل قرابة أسبوع، بحث خلالها مع المسؤولين الإسرائيليين توقيت نشر خطة صفقة القرن الأمريكية، ونقل الإعلام الإسرائيلي عن مسؤولين قولهم إن "مداولات حثيثة جرت خلال الأيام الماضية بين مستشاري ترامب حول نشر الخطة".

وأعاد كوشنير في حديث لقناة الجزيرة الإخبارية التأكيد على ما ذكره ترامب في مؤتمره الصحفي بأن خطة السلام هي "آخر فرصة للفلسطينيين لإنشاء دولة خاصة بهم"، وشدد على أن "أي حل على أساس الدولتين يجب أن يرتكز على الخارطة التي رسمناها"، مشيرًا إلى أن الخطة المرسومة "تتفق مع القرار الأممي ونحن لا نريد اقتلاع أي يهودي أو فلسطيني" على حد تعبيره، قبل أن يوضح بأن ما وصفه بـ"خرائط الحل والمناطق الفلسطينية" سوف تربط مع بعضها عن طريق الأنفاق والجسور.

وشهدت المستوطنات استنفارًا للجيش الإسرائيلي منذ يوم أمس الاثنين، فقد عزز الجيش الإسرائيلي من تواجده على المدخل الشمالي لمدينة البيرة وسط الضفة الغربية، تحسبًا لخروج مظاهرات فلسطينية رافضة لصفقة القرن، كما عمد إلى إغلاق الطرق الواصلة مع بعض المستوطنات بالسواتر الترابية، فضلًا عن إطلاقه منطادًا يعتقد أنه يحمل كاميرات مراقبة.

وكانت البحرين قد نظمت في حزيران/يونيو الماضي ما عرف حينها بورشة المنامة لمناقشة الجانب الاقتصادي من صفقة القرن، التي يرعاها مستشار الرئيس الأمريكي كوشنير، قدم خلالها الأخير الخطة الاقتصادية لفرض تسوية سياسية شاملة، تحت مبررات السلام الاقتصادي، ضمن كتيبين مليئين بالرسومات والإحصائيات التي تشبه نشرة الاستثمار.

اقرأ/ي أيضًا: ورشة المنامة.. أوهام كوشنر المبددة في الشرق الأوسط

وتضمنت الورشة مناقشة الخطة الاقتصادية لصفقة القرن، التي طرحها البيت الأبيض تحت عنوان  السلام من أجل الازدهار.. رؤية جديدة وواسعة للشعب الفلسطيني في الشرق الأوسط، وتشمل تقديم تسهيلات للاستثمارات الاقتصادية بقيمة 50 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة في الضفة الغربية وقطاع غزة المحاصر، وأن يكون للسلطة الفلسطينية القدرة على تغيير الواقع الاقتصادي في المنطقتين بشكل جذري.

وصفت السلطة الفلسطينية صفقة القرن بأنها "مسرحية سياسية"، وأنها "ليست صفقة سلام"، إنما "تحويل لشعب فلسطين وأرض فلسطين إلى بانونستان أخرى"

وبحسب تفاصيل الخطة الاقتصادية التي فشلت قبل الشروع بتنفيذها أساسًا، فإن الدول المانحة والمستثمرين المشاركين بالمؤتمر كان من المقرر تقديمهم 28 مليار دولار لمناطق نفوذ السلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع، فيما تذهب تسعة مليارات لمصر، و7.5 مليار للأردن، وستة مليارات للبنان، على أن تودع المبالغ في صندوق يؤسس حديثًا لدعم اقتصادات الأراضي الفلسطينية، ويديره بنك تنمية متعدد الجنسيات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ورشة البحرين.. خطوة في مسار التطبيع الخليجي وقفزة أمريكية في الهواء

 مؤتمر البحرين في انطلاقته.. مشروع كوشنر الذي ولد ميتًا