08-مارس-2023
getty

القانون ينهي تقريبًا أي إمكانية للجوء في بريطانيا (Getty)

في تحدٍّ للقانون الدولي، طرحت حكومة ريشي سوناك البريطانية مشروع قانون لـ"مكافحة الهجرة"، وصف بالعنصرية والمعاداة للاجئين، وتعرض لموجة واسعة من الانتقادات. 

يقترح القانون منع اللاجئين الواصلين عبر نهر المانش على متن قوارب الهجرة من طلب اللجوء في المملكة المتحدة

ويقترح القانون منع اللاجئين الواصلين عبر نهر المانش على متن قوارب الهجرة من طلب اللجوء في المملكة المتحدة من جهة، ويشدد الخناق على محاولات المهاجرين الوصول إلى بريطانيا من جهة ثانية عبر ترحيلهم بسرعة وعدم ضمان عودتهم مدى الحياة إلى بريطانيا.

 وقد لاقى القانون فور اقتراحه موجة انتقادات واسعة آخرها الانتقاد الذي وجهته إليه الأمم المتحدة حيث وصفته بأنه قانون يرقى إلى حظر اللجوء، فيما ركزت الانتقادات الأخرى على كونه يتحدى التشريعات الدولية.

getty

وقالت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إنها "قلقة للغاية" من مشروع قانون اللجوء الذي قدمته الحكومة البريطانية، قائلة: "إذا تم تمرير التشريع، فسيكون بمثابة حظر لجوء، يلغي الحق في طلب الحماية للاجئين في المملكة المتحدة". وأضاف البيان "سيكون تأثير مشروع القانون (في هذا الشكل) هو حرمان العديد من طالبي اللجوء الذين يحتاجون إلى الأمان والحماية، بل وحرمانهم من فرصة طرح قضيتهم. وسيكون هذا انتهاكًا واضحًا لاتفاقية اللاجئين".

وأضاف البيان: "لا يستطيع معظم الفارين من الحرب والاضطهاد الحصول على جوازات السفر والتأشيرات المطلوبة، لا توجد طرق آمنة و "قانونية" متاحة لهم. إن حرمانهم من الحصول على اللجوء على هذا الأساس يقوض الهدف ذاته الذي وُضعت من أجله اتفاقية اللاجئين". وأشار البيان إلى أن الاتفاقية "تعترف صراحةً بإمكانية إجبار اللاجئين على دخول بلد اللجوء بشكلٍ غير قانوني".

getty

واختتم البيان، بالقول "نحث الحكومة وجميع النواب على إعادة النظر في مشروع القانون والسعي بدلاً من ذلك إلى حلول سياسية أكثر إنسانية وعملية".

وفي معرض دفاعه عن القانون قال سوناك المنحدر من أصول هندية إن "مشروع القانون بشأن المهاجرين سيتيح لنا تحديد من يدخل بلدنا ومن يحتاج إلى مساعدتنا".

وكان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك صريحًا في حديثه لصحيفة ذا صن البريطانية عندما قال إن "هذا القانون الجديد سيبثّ رسالة واضحة مفادها: إذا كنتم آتين إلى هذا البلد بطريقة غير قانونية، ستُطردون بسرعة ... من يأتي إلى هنا على متن قوارب صغيرة (ويعبر المانش بطريقة غير نظامية) لا يمكنه طلب اللجوء هنا"، على حدِّ قوله.

وقد أكّدت صحف بريطانية بينها ذي تايمز أن مشروع القانون المثير يشتمل "على تدابير لتسهيل احتجاز المهاجرين وطردهم ومنعهم من العودة مدى الحياة".

وذهبت التايمز في تعليقها على مشروع القانون إلى القول بأنه "ستكون له الأسبقية على حقوق الإنسان ودعاوى العبودية الحديثة"، فضلًا عن توفيره صلاحيات جديدة للداخلية البريطانية لإقامة "معسكرات احتجاز جماعي لعشرات الآلاف من الأشخاص كل عام قبل ترحيلهم"، كما سيفرض القانون بحسب ذات المصدر "قيوداً على حقوق المهاجرين في اللجوء إلى القضاء للطعن في هذه القرارات".

وأشارت التايمز إلى أن استثناءات مشروع قانون الهجرة الجديد ستقتصر فقط "على الأطفال غير المصحوبين بذويهم والمصابين بأمراض خطيرة".

ينص القانون الجديد على أن كل شخص يصل إلى المملكة المتحدة عبر "طريق غير نظامي"، أي عبر قوارب صغيرة عبر القناة أو في مؤخرة شاحنة، سيُحتجز لمدة 28 يومًا، قبل ترحيله إلى بلادهم أو "بلد ثالث آمن". ويخطط الوزراء لتحويل قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني السابقة في إسيكس وقاعدة أخرى في لينكولنشاير، كمسعكر للاعتقال.

ويشار إلى أن معظم الواصلين عبر القوارب إلى القناة، من أفغانستان وإريتريا وإيران والسودان وسوريا.

انتقادات متعددة تطال مشروع القانون البريطاني 

اتهمت جهات عدة مشروع القانون الجديد الخاص بالهجرة بمخالفة القانون الدولي، وفي هذا الصدد اعتبرت الأمم المتحدة "مشروع قانون الهجرة البريطاني الجديد يرقى إلى حظر اللجوء"، كما انتقدت مديرة الصليب الأحمر البريطاني مشروع القانون الذي لا يأخذ بعين الاعتبار الظروف التي تضطر المهاجرين إلى الهجرة وطلب اللجوء في بريطانيا حيث وجهت كريستينا ماريوت كلمتها إلى اللاجئين قائلة: "إذا كنتم هاربين من اضطهادات أو من حرب، إذا كنتم هاربين من أفغانستان أو سوريا وتخافون على حياتكم، كيف ستتمكّنون من طلب اللجوء في المملكة المتحدة؟ التي تعمل حكومتها على حظر منح حق اللجوء"، فيما تساءلت منظمة Care4Calais "قائلة "إذا كان ينبغي طرد أشخاص، فأين تنوي الحكومة إرسالهم؟".

من جانبها، قالت منظمة أطباء بلا حدود إنها تدين مشروع قانون الهجرة "الخطير" و "القاسي للغاية" واصفةً إياه بأنه "خطير" و"قاسي تمامًا".

وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة أطباء بلا حدود في المملكة المتحدة ناتالي روبرتس: "إن فكرة إعادة الأشخاص أو طردهم بسرعة إلى رواندا ليست واقعية، ولذا فإننا نتوقع أن الآلاف من الناس سيعلقون إلى أجل غير مسمى بعد وصولهم إلى المملكة المتحدة، حيث لا توجد خطة واضحة لاستيعابهم". 

يشار إلى أن السلطات البريطانية تحاول منذ فترة إعادة لاجئين إلى رواندا بموجب قانون آخر مثير للجدل، لكنها لم تتمكن من تنفيذه "بسبب إجراءات قضائية حالت دون ذلك".

معارضة سوناك السياسية ممثلة في حزب العمال اعتبرت أن مشروع القانون الجديد ما هو إلا بمثابة أداة "لتحويل اهتمام الناخبين قبل الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في أيار/مايو في ظلّ تراجع شعبية المحافظين بعد 13 عامًا في السلطة". وقال رئيس حزب العمال المعارض كير ستارمر الاثنين "لا أعتقد أن طرح مقترحات مستحيلة سيكون له نفع كبير".

وأكّد ناطق باسم رئيس الوزراء أن الحكومة تبحث في فتح طرق "قانونية وآمنة" تطالب بها جمعيات من أجل طلب اللجوء في المملكة المتحدة، لكنه لم يقدّم تفاصيل، موضحًا أن ذلك لن يحصل إلّا "عندما نتحكّم بحدودنا".

getty

وردًا على هذه الانتقادات، قالت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا بريفرمان (من أصول مهاجرة) لصحيفة "ديلي تلغراف" إنها وسوناك "عملا بلا كلل لضمان أن يكون لدينا مشروع قانون يمكن تطبيقه ... تحدّينا حدود القانون الدولي من أجل حل هذه الأزمة".

كما أكّدت حكومة سوناك  أن مشروع القانون الجديد "لا يمس التزامات بريطانيا ضمن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان"، إلا أنّ أوساطًا حكومية قالت "بأنها لا تستطيع التأكيد تمامًا على تماشيه مع تلك الالتزامات، وتتوقع أن يُطعن فيه في المحكمة".

يشار إلى أن رئيس الوزراء ريتشي سوناك سيعقد قمة ثنائية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة القادم في باريس، وذلك بعد أشهر من توقيع لندن وباريس اتفاقية تعاون تنصّ "على تقديم البريطانيين مساعدة مالية لمراقبة الشواطئ الفرنسية وإرسال مراقبين بريطانيين إلى الجانب الفرنسي".

اعتبرت الأمم المتحدة "مشروع قانون الهجرة البريطاني الجديد يرقى إلى حظر اللجوء"

حيث تسبب ملف الهجرة في توترات بين البلدين سابقا على خلفية اتهامات وجهتها لندن لباريس "بعدم القيام بما يكفي لمنع الهجرة عبر المانش"، وذلك في عهد رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون.