30-يناير-2023
gettyimages

تتحدث المصادر البريطانية عن 440 حالة اختفاء للأطفال (Getty)

تتصاعد قضية "أطفال اللاجئين" في بريطانيا، والتي كشفت عنها صحيفة "ذي أوبزرفر" البريطانية، والتي تتحدث عن فقدان عشرات الأطفال اللاجئين، داخل فندق تديره وزارة الداخلية في مدينة برايتون الواقعة جنوب شرق البلاد.

في آخر تطورات القضية، كشفت "ذي أوبزرفر" عن إساءات عنصرية وتهديدات بالاحتجاز يتعرض لها الأطفال الذين يتم احتجازهم في الفنادق التي تشرف عليها وزارة الداخلية

وتدور القضية، حول أطفال إلى بريطانيا من دون مرافقة أهاليهم، حيث يتم وضعهم في فنادق احتجاز، حتى يتم البت في طلبات اللجوء الخاص بهم. وفي هذه الأثناء، كشفت الصحيفة البريطانية، عن اختطاف المئات من الأطفال، من أمام الفنادق، والذين لم يتم العثور عليها بعد ذلك.

وتتحدث الصحيفة، نقلًا عن أحد العمال في فنادق الاستقبال الواقعة جنوب بريطانيا، والذي تحدث عن أن عمليات اختطاف الأطفال تتم من قبل عصابات الاتجار بالبشر.

ونشرت "ذي أوبزرفر" إحصائيات تتعلق بالقضية التي هزت المجتمع البريطاني، حيث تم إيواء أكثر من 4600 طفل في الفنادق منذ افتتاحها في تموز/يوليو 2021، فقد منهم 440، وأطلق عليهم "حلقة مفقودة"، ويستخدم  هذا المصطلح لأن بعض الأطفال فقدوا ثم تم تحديد مكانهم، ثم فقدوا بعد ذلك مرةً ثانية أو أكثر. وكل هؤلاء الـ 440 كانوا ذكورًا باستثناء 4 إناث، ولا يزال 200 من الأطفال في عداد المفقودين، من بينهم طفلة واحدة، وينحدر 88٪ منهم من ألبانيا، من بينهم 13 طفلًا دون سن 16 عامًا.

getty

وتظهر القضية استهتار السلطات البريطانية، وتعاملها مع ملف اللاجئين بطريقة عنصرية، حيث تكشف الصحيفة البريطانية، نقلًا عن شخص يعمل في قسم حماية الأطفال، قوله إنه تم تبليغ وزارة الداخلية بحوادث اختطاف الأطفال، لكنها لم تتعامل مع القضية بشكلٍ جدي.

وأثارت منظمات غير الحكومية مرارًا مخاوف بشأن اختفاء الأطفال من أماكن الإقامة، وعرضت مساعدة وزارة الداخلية البريطانية في الحفاظ على سلامتهم ، لكن الحكومة رفضت هذه العروض.

وفي آخر تطورات القضية، كشفت "ذي أوبزرفر" عن إساءات عنصرية وتهديدات بالاحتجاز يتعرض لها الأطفال الذين يتم احتجازهم في الفنادق التي تشرف عليها وزارة الداخلية.

وحول الوضع داخل هذه الفنادق، تحدث عامل سابق في فندق بمدينة برايتون عن أن هذه البيئة المشحونة بـ"الإساءة النفسية تدفع عشرات الأطفال الذين قدموا إلى المملكة المتحدة بدون ذويهم، إلى الخروج للشوارع والوقوع في أيدي المجرمين"، وأضاف أن "بعض اللاجئين الأطفال في فندق برايتون يُهدَّدون أيضًا برفض طلبات لجوئهم لو أنهم أساءوا التصرف، فيما يُعاقب آخرون بالحبس في الفندق عدة أيام".

وبحسب الصحيفة اتهم المصدر الذي كشف عن المعلومات، موظفين في الفندق الذي تديره وزارة الداخلية بتهديد الأطفال برميهم من النوافذ، والسخرية من اختفائهم، وأضاف أنه عند "الإبلاغ عن حالات سلوكية غير لائقة من قبل العاملين، لا يتخذ الفندق أي إجراء واضح"، وتابع "كانوا يتلفظون بعبارات معادية للأجانب، مثل عُد إلى بلدك اللعين"، وسمع المصدر موظفًا كبيرًا في الفندق يسم طفلًا بـ"الإرهابي اللعين"، كما أشار إلى أن الموظفين يتحدثون من حين لآخر عن اختطاف الأطفال من الشوارع القريبة، وأن استهدافهم معروف للجميع.

getty

وتحدث المصدر عن أنهم سمعوا أحاديث عن "أولاد يُخطفون، وأن صبيًا اختطفته سيارة، وأشياء من هذا القبيل، لقد اختفوا، والفندق غير آمن. فالجميع يعلمون أن هذا المكان مخصص لطالبي اللجوء الضعفاء، ولذلك أصبح هدفًا".

ولم يقتصر الأمر على المعاملة السيئة، بل أن نوعية الطعام المقدم للأطفال في الفندق سيئ، فغالبًا ما تكون الوجبات الجاهزة قديمة، وبعضها يعود تاريخه إلى آذار/مارس عام 2021، أي قبل 4 أشهر من بداية فندق برايتون استقبال الأطفال، وهذا واحد من العوامل التي تدفعهم للخروج من الفندق.

عامل آخر كان وراء خروج الأطفال للشارع، هو "برامج السلامة" الذي يهدف إلى منع الأطفال من الفرار، لكن بحسب المصدر كانت النتائج عكسية، إذ إن الأطفال الذين يشملهم "برنامج السلامة"، وهو الأطفال الأكثر عرضة للاتجار بهم، ويتم من خلال تفقدهم من قبل موظف كل ساعة، وحول ذلك، يقول مصدر الصحيفة: "هذا حرمهم النوم، كان أشبه بالتعذيب، ونسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال رحلوا، لأنهم لم يتمكنوا من النوم"، حيث أوضح المصدر أن "الموظفين يحبسون الأطفال داخل الفندق بشكلٍ تعسفي رغم عدم قانونية ذلك، كانوا يقولون :خرجت أمس، ولا يمكنك الخروج اليوم، ويجعلونهم يتصورون أنه لا يُسمح لهم بالخروج".

كما أشار المصدر إلى أن معظم الأطفال في الفندق معرضون لخطر الاستغلال، ومعظمهم يدينون بالمال ويتواصلون مع  المهربين الذين رتبوا عبورهم بالقوارب من فرنسا، وقال: "هناك الكثير من الأموال المستحقة للمهربين الذين أخرجوهم من كاليه، ويجب عليهم سداد هذه الأموال في أسرع وقت ممكن، ويكون المهرب على علاقة بأشخاص  يمكنهم على سبيل المثال، تشغيلهم في لندن".

بالمقابل، قال متحدث باسم وزارة الداخلية إنهم " لم يتلقوا أي شكاوى فيما يتعلق بهذه الادعاءات"، مؤكدًا أن "رفاهية الأطفال الذين هم تحت رعايتنا هي أولوية مطلقة"، موضحًا أنه "تم وضع إجراءات وقائية قوية لضمان سلامتهم ودعمهم"، مشيرًا إلى أنه "عندما تظهر مشكلات، فإننا نتعامل مع الشكاوى بجدية بالغة ويتم التعامل معها بسرعة".

وتحدث المسؤول الحكومي، بأنه كجزء من "الجهود المبذولة للتخلص التدريجي من استخدام الفنادق، فقد عرضت الحكومة 15 ألف جنيه إسترليني للسلطات المحلية التي تأخذ الأطفال طالبي اللجوء إلى الرعاية"، وأضافت "وُضِعَت إجراءات حماية صارمة لضمان سلامة جميع الأطفال والقصر ودعمهم، في الوقت الذي نسعى فيه للحصول على أماكن عاجلة مع السلطات المحلية".

getty

وهذه ليست المرة الأولى التي تجد فيها الحكومة نفسها في موقف الدفاع عن نفسها بشأن طريقة تعاملها مع قضايا الهجرة، حيث تتهمها أكثر من 100 جمعية خيرية بخرق التزاماتها بحماية الأطفال، وقالت باتريشيا دور الرئيسة التنفيذية لمنظمة حقوق الأطفال "Ecpat UK"، إن ما تم الكشف عنه من يشير إلى "فشل فاضح ومتزايد في حماية الأطفال"، مضيفةً أن 4600 طفل بدون أسرهم تعاملوا مع أشخاص قاموا بتهديدهم بدلًا من الاعتناء بهم.

هذا وأجبرت الحكومة على الاعتراف في البرلمان بأن الكثير من الأطفال فُقدوا ويعانون من الآلام، في مواجهتها لصورة الفوضى الأوسع في نظام اللجوء. ويعتبر الفندق الموجود في مدينة برايتون من ضمن سبعة فنادق تديرها وزارة الداخلية لرعاية الأطفال الذين وصلوا بريطانيا بدون عائلات طلبًا للجوء.

معظم الأطفال في الفندق معرضون لخطر الاستغلال، ومعظمهم يدينون بالمال ويتواصلون مع  المهربين الذين رتبوا عبورهم بالقوارب من فرنسا

يشار إلى أن الحكومة البريطانية، قالت إنها تستخدم الفنادق كإجراء مؤقت وذلك نتيجة امتلاء مراكز الاستقبال، لكن الجمعيات الخيرية، في رسالة إلى رئيس الوزراء ريشي سوناك، قالت إنه لم يعد من الممكن "تبرير استخدام الفنادق على أنه إجراء مؤقت".