07-مارس-2019

يستمر هجوم اللوبي الصهيوني في بريطانيا ضد كوربين (Getty)

مستخدمًا ذات عبارات الإدانة التي استخدمها تقرير الأمم المتحدة الذي أدان الاعتداء الوحشي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية على المتظاهرين السلميين في غزة في مسيرات العودة الكبرى، جدد جيرمي كوربين رئيس حزب العمال البريطاني دعواته لوقف تصدير الأسلحة البريطانية لإسرائيل على خلفية ما أكده تقرير الأمم المتحدة بشأن الانتهاكات التي قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلية، ضد المتظاهرين الفلسطينيين، والتي وصفها التقرير بأنها قد تصل إلى جرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية.

في كل مرة يعلن فيها جيرمي كوربين موقفًا رسميًا معاديًا  لإسرائيل، تتحرك اللوبيات الصهيونية لضرب إيقاع "معاداة السامية"

مستخدمًا نفس التُهم والتلفيقات، أكمل اللوبي الصهيوني في بريطانيا، هجومه المستمر على كوربين، بحجة أنه معادٍ للسامية، وبأنه يشكل خطرًا على اليهود في البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: موت الفلسطيني "الغامض".. وقفة مع التضليل في الإعلام الأمريكي!

تحدث التقرير الأممي تفصيليًا عن استخدام مفرط للقوة، أدى إلى وقوع 189 قتيلًا بين صفوف الفلسطينيين من بينهم أكثر من 40 طفلًا. أما كوربين، فقد قال تعليقًا على ما جاء في التقرير: "يجب على حكومة المملكة المتحدة أن تدين بشكل لا لبس فيه عمليات القتل وتجميد مبيعات الأسلحة لإسرائيل". هذا المشهد تحديدًا ليس الأول من نوعه في مسيرة الحزب برئاسة كوربين، ففي أيلول/سبتمبر الماضي ووسط أمواج من الأعلام الفلسطينية، أعلن حزب العمال تصويته على عريضة تندد باستخدام إسرائيل للقوة في مواجهة المتظاهرين في غزة، وتطالب بوقف بيع الأسلحة إلى إسرائيل، كما التزم الحزب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال فوزه بالانتخابات المقبلة.

تقارير الأمم المتحدة: ما فعلته إسرائيل كان جريمة حرب!

انتقد تقرير الأمم المتحدة قواعد الاشتباك التي تتبعها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، قائلًا إن غالبية المحتجين الذين قتلوا "لم يشكلوا تهديدًا فوريًا بالقتل أو إصابات خطيرة للآخرين عندما تم إطلاق النار عليهم". وأضاف أنه كانت هناك بدائل أقل فتكًا من تلك التي استخدمتها قوات الاحتلال ما يجعل استخدام القوة المميتة غير ضروري وغير متناسب، وبالتالي غير مسموح به.

وعلى الرغم من ادعاءات الاحتلال استخدام حركة "حماس" الاحتجاجات كغطاء للتسلل إلى الداخل المحتل، إلا أنه لم ترد أي تقارير عن قيام الفلسطينيين باختراق السياج الحدودي أثناء الاحتجاجات أو القيام بهجمات ضد الإسرائيليين، وهي الحجة التي تصدرها وسائل الإعلام في الداخل الإسرائيلي لتبرير كل فعل عنيف من طرفها بأنه كان دفاعًا عن النفس.

فضلًا عما سبق، فقد قامت لجنة الأمم المتحدة بدراسة شملت أكثر من 300 مقابلة مع الضحايا والشهود والمسؤولين من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وجدت في خلاصتها أنه كان هناك فئة قليلة فقط من أعضاء حركة حماس بين المتظاهرين وهو ما لا يمكن أن يشكل كتلة سياسية صلبة، مما يؤكد سلمية المحتجين وأنهم كانوا غالبية عظمى من العُزل.

وقدر التقرير إصابة أكثر من 23 ألف فلسطيني، بنيران الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك المئات الذين فقدوا أطرافًا نتيجة لذلك. ووفقًا لعشرات التقارير المماثلة من جماعات حقوقية محلية ودولية، قالت اللجنة إن القناصة الإسرائيليين على طول الحدود أطلقوا النار عمدًا على الصحفيين والعاملين الصحيين على الرغم من وجود علامات واضحة تشير إلى طبيعة عملهم. كما طالب التقرير قوات الاحتلال الإسرائيلي بإجراء كل شكل من أشكال المحاسبة والمساءلة عما تم ارتكابه من جرائم.

الاتهام الجاهز للأمم المتحدة بالانحياز للفلسطينيين

انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي من المقرر أن توجه إليه الاتهامات رسميًا فيما يتعلق بالرشوة والفساد في الأسابيع المقبلة بينما شكل تحالفًا انتخابيًا فائق العنصرية مع أتباع مائير كاهانا، التقرير، قائلًا إنه "سجل رقمًا قياسيًا جديدًا لنفاق الأمم المتحدة" وكان "مبنيًا على كراهية حادة لإسرائيل".

أما جيسون غرينبلات المبعوث الخاص لإدارة ترامب للشرق الأوسط، أي رجل ترامب في المنطقة، فقد وصف التقرير بأنه "مظهر آخر لتحيز مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الواضح ضد إسرائيل"، واستطرد قائلًا "إن حماس كانت وراء الاحتجاجات"، وحمل المسؤولية كاملة بشأن وقوع الضحايا لحماس في تغريدة له على تويتر.

بينما أشار تقرير لجنة الأمم المتحدة إلى أن تحركات المدنيين من الفلسطينيين قد نشأت عن "رغبة سكان غزة في لفت الانتباه العالمي، بطريقة سلمية، إلى الوضع الإنساني الرهيب في القطاع وسط حصار بري وبحري وجوي صارم من جانب إسرائيل ومصر، الذي لا يزال قائمًا منذ أكثر من عقد من الزمان".

جيرمي كوربين.. كابوس إسرائيل  البريطاني

في كل مرة يعلن فيها جيرمي كوربين موقفًا رسميًا معاديًا من إسرائيل، تتحرك اللوبيات الصهيونية في بريطانيا بهيستيريا لا تخلو من كراهية شخصية موجهة لزعيم حزب العمال، الذي يتحدث تاريخه السياسي عن رجل يتخذ مواقفًا جذرية في إنسانيتها وعدالتها تجاه القضية الفلسطينية تحديدًا، فضلًا عن قضايا أخرى في الشرق الأوسط.

تعرض كوربين العام الماضي إلى حملة إعلامية شديدة اتهمته بمعاداة السامية، جعلت الخطاب الإعلامي الموالي للصهيونية يدعي أن"حكومة بقيادة جيرمي كوربن ستشكل خطرًا وجوديًا على حياة اليهود في هذه الدولة"، كما جاء في سيل الاتهامات وصفه بالتسامح مع معاداة السامية التي باتت الحجة الأنجع لرجم أي سياسي في بريطانيا أو خارجها يوجه انتقادات مباشرة لإسرائيل وحكوماتها. ولعل نقطة الخلاف الأكثر حساسية بين كوربين واللوبي الصهيوني هو تبني الأول لتعريف مغاير لمعاداة السامية عن ذلك التعريف الذي يتبناه الحلف الدولي لذكرى المحرقة IHRA، والذي تتبناه أيضًا كثير من الحكومات والمنظمات حول العالم.

اقرأ/ي أيضًا: الأمم المتحدة والتلاعب التاريخي بفلسطين.. نقاشات هزلية وتغييب لأصحاب القضية

أما لُب الخلاف فهو رفض كوربين للجزء الذي يتحدث فيه التعريف عن أن أي مقارنة بين الحزب النازي والاحتلال الإسرائيلي، يعتبر شكلًا من أشكال معاداة السامية، وهو بهذا يعتبر بشكل واضح أن إسرائيل "مشروع عنصري"، وأنه يجب فصل النقد الموجه للاحتلال الإسرائيلي عن أي شيء له علاقة بيهود العالم. ويتسق ذلك مع معاداة كوربين الرسمية لقانون القومية الذي أقره الكنيست في وقت سابق، والذي يجعل اليهود حول العالم مسؤولية إسرائيل المباشرة، وليس الدول ومنظمات المجتمع المدني في البلدان التي يعيشون فيها.

يُعد كوربين أحد السياسيين الغربيين القلائل، الذين يحملون مواقف منحازة بشكل واضح للضحايا الفلسطينيين

يُعد كوربين أحد السياسيين الغربيين القلائل، الذين يحملون مواقف منحازة بشكل واضح للضحايا الفلسطينيين، فهو واحد من أشد الداعين لمقاطعة إسرائيل، وواحد من أهم المؤيدين في الغرب لحق العودة الفلسطيني للاجئين إلى أوطانهم وبيوتهم التي استولت عليها الحركة الصهيونية لصالح المستوطنين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيديو | زوبعة في الأمم المتحدة!

رؤوس القائمة السوداء.. دولة أُخرى تفكر في نقل سفارتها بإسرائيل للقدس