12-نوفمبر-2018

تحاول إسرائيل تفادي فرض لاهاي عقوبات عليها (محمود همس/أ.ف.ب)

على الرغم من مضي ثلاث سنوات على رفض إسرائيل التعامل مع محكمة العدل الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، في تحقيقها الذي تجريه حول "احتمالية" ارتكاب تل أبيب جرائم حرب خلال عدوانها على قطاع غزة في عام 2014، إلا أن مجموعة من الصحف الإسرائيلية، بينها هآرتس، كشفت مؤخرًا، أن إسرائيل شرعت في تحويل مواد تتعلّق بعدوانها إلى المحكمة الأممية.

دفع استمرار التحقيقات في لاهاي حول العدوان على غزة، مسؤولين إسرائيليين بينهم نتنياهو إلى التشاور مع قانونيين طلبًا للنصح

وكانت المحكمة الواقعة في لاهاي قد بدأت منذ عام 2015 تحقيقًا موسعًا، حول أحداث العدوان الذي تسمّيه إسرائيل بـ"الجرف الصامد"،  إلا أن تل أبيب رفضت في ذلك الوقت التعاون مع المحكمة، على اعتبار أن فلسطين ليست دولة، في حين أن إسرائيل ليست عضوًا فيها.

غير أن استمرار التحقيقات، ووصولها إلى مراحلها الأخيرة، دفع مسؤولين إسرائيليين بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى التشاور مع قانونيين، من أجل الوصول إلى حل يساعد إسرائيل على تجاوز الضائقة. وتقرّر إثر ذلك تقديم ملفات ومواد للمحكمة، عبر طرف ثالث (لم تسمّه الصحف) من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في قرار المحكمة الذي سيكون ضد إسرائيل في الغالب.

اقرأ/ي أيضًا: الأمم المتحدة والتلاعب التاريخي بفلسطين.. نقاشات هزلية وتغييب لأصحاب القضية

فيما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن المواد المُسلمة للمحكمة، لم تحتوِ على مواد أمنية، وإنما اقتصرت على مجموعة من الملفات الخطية والتقارير المكتوبة، التي تسرد أحداث العدوان عام 2014، كما احتوت على مجموعة من النصوص والقوانين الإسرائيلية المتعلقة بالحروب و"الدفاع".

"التخوّف" الإسرائيلي، حسب هآرتس، جاء بعد وصول التحقيق إلى مرحلته الأخيرة، ما جعل قلقًا يسود الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية، خوفا من إدانة مجموعة من القادة العسكريين وأصحاب القرار، الذين قادوا العدوان على غزة. ما سيؤدي بالتالي إلى منع هؤلاء الأشخاص من الدخول إلى عدد كبير من دول العالم، وتقويض جزء كبير من الصورة الإنسانية والديمقراطية التي تعمل إسرائيل على رسمها أمام العالم.

وكانت المدعية العامة لمحكمة لاهاي، فاتو بينسودا، قد تطرقت مؤخرًا إلى مسيرات العودة الكبرى، المتواصلة على الحدود الشرقية لقطاع غزة منذ 30 آذار/ مارس الماضي، مؤكدة أن ما تقوم به إسرائيل منذ سبعة أشهر، والذي أدى لاستشهاد ما يقارب 220 فلسطينيًا، يعتبر جريمة حرب دولية، كما بينت أن استخدام العنف ضد المدنيين المتواجدين بالقرب من الحدود يُعد انتهاكًا بارزًا.

القضية الفلسطينية ومحكمة العدل الدولية

تأسست "المحكمة الدولية" والتي تعتبر الجهاز القضائي الرئيسي في الأمم المتحدة عام 1945. وتتولى الفصل طبقًا لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقدم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة. وبدأت المحكمة منذ ثمانينات القرن الماضي بممارسة نشاط قضائي واسع، يتناول معظم القضايا والأحداث الكبرى التي تجري في العالم.

في عام 2004 نشرت المحكمة رأيًا استشاريًا حول قانونية جدار الفصل العنصري؛ تلبية لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، أوضحت فيه لا قانونية الجدار، وأنه يمس بالحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني، مطالبة في الرأي الاستشاري، بالتوقف عن بناء الجدار، وتفكيك ما تم بناؤه بالفعل، والعمل على تعويض الفلسطينيين الذين تضرروا من إقامته حتى ذلك الوقت.

كما ناشدت محكمة العدل المجتمع الدولي بالامتناع عن مساعدة إسرائيل في حالة استمرار الوضع غير القانوني الذي نشأ في أعقاب إقامة الجدار الفاصل، واتخاذ الوسائل القانونية من أجل إيقاف الخروقات الإسرائيلية، وضمان تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة.

في شهر حزيران/ يونيو 2014 قام رئيس السلطة الفلسطينية بالتوقيع على طلب الانضمام إلى اتفاقية نظام روما الأساسي، التي أصبح بموجبها الفلسطينيون عضوًا في محكمة لاهاي الجنائية الدولية بالإضافة إلى 15 اتفاقية أخرى دولية، وهو ما جعل الجانب الفلسطيني قادرًا على تقديم شكاوى رسمية ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية.

اقرأ/ي أيضًا: موت الفلسطيني "الغامض".. وقفة مع التضليل في الإعلام الأمريكي!

في شهر أيار/ مايو الماضي قدم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، طلبًا للمحكمة الدولية لفتح "تحقيق فوري" في جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن الإحالة  تطالب بإجراء تحقيق في سياسات إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية منذ انضمام فلسطين إلى المحكمة في حزيران/ يونيو 2014. وأشارت القضية المرفوعة من الجانب الفلسطيني للسياسة الاستيطانية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية، والتجاوزات الأمنية "المنفلتة" التي تمارسها ضد المواطنين في قطاع غزة والضفة الغربية.

 ناشدت محكمة العدل المجتمع الدولي بالامتناع عن مساعدة إسرائيل في حالة استمرار الوضع غير القانوني الذي نشأ في أعقاب إقامة جدار الفصل العنصري

مرة أخرى، وفي شهر تموز/ يوليو الماضي رفعت السلطة الفلسطينية بشكل رسمي دعوى مذكرة خطية لمحكمة العدل الدولية ضد الولايات المتحدة بخصوص نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، تفيد بوجود نزاع قانوني، وفقًا للقواعد والإجراءات الخاصة بمحكمة العدل الدولية، بحسب ما جاء في بيان صادر عن وزير الخارجية الفلسطيني. كما طالبت الدعوى الفلسطينية المحكمة "بإصدار أمر للولايات المتحدة الأمريكية بسحب بعثتها الدبلوماسية من مدينة القدس".

ثالث الدعاوى ضد إسرائيل، جاء على خلفية قضية هدم قرية الخان الأحمر الفلسطينية.  ففي شهر أيلول/ سبتمبر الماضي أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أن فلسطين قدّمت بلاغًا إلى مكتب المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، طالبتها فيه بالتحقيق فيجرائم الحرب الإسرائيلية، وخصوصًا قضية هدم قرية الخان الأحمر.

بينما أشار عريقات للجرائم المرتكبة في القدس الشرقية، والاستيطان الإسرائيلي المستشري في الضفة الغربية ومدينة القدس. وهذا ما جعل بنيامين نتنياهو، حسب صحيفة هآرتس، يتراجع عن خطوة هدم الخان الأحمر، وتأجيلها بناء على قرار من المحكمة الإسرائيلية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيديو | زوبعة في الأمم المتحدة!

رؤوس القائمة السوداء.. دولة أُخرى تفكر في نقل سفارتها بإسرائيل للقدس