02-مارس-2023
getty

الدستور السويسري يمنع تصدير الأسلحة إلى ساحات القتال (Getty)

قرون الحياد السويسري، باتت عقبةً أمام تزويد أوكرانيا بالأسلحة من قبل دول حلف شمال الأطلسي، وبرن التي تُعدّ موطنًا لصناعة الأسلحة متطورة، ملتزمة بتقليد سياسي عمُره مئات الأعوام يقضي بابتعاد الدولة الثرية عن الحروب الخارجية. 

التزام سويسرا "بفرض حظر على تصدير وإعادة تصدير الأسلحة والذخيرة إلى مناطق النزاع والصراع يمنع دول حلف شمال الأطلسي في أوروبا من منح أوكرانيا مخزونها من الذخيرة والأسلحة السويسرية الصنع، والتي لا يمكن استبدال أي منها بسهولة"

وفي هذا الصدد يشير تقرير مطول لصحيفة وول ستريت جورنال أنّ التزام سويسرا "بفرض حظر على تصدير وإعادة تصدير الأسلحة والذخيرة إلى مناطق النزاع والصراع يمنع دول حلف شمال الأطلسي في أوروبا من منح أوكرانيا مخزونها من الذخيرة والأسلحة السويسرية الصنع، والتي لا يمكن استبدال أي منها بسهولة"، حسب التقرير.

ويؤثر هذا الحظر حاليا "على أنظمة الأسلحة التي يوفرها الغرب مثل بطاريات الدفاع الجوي والدبابات، مما دفع البرلمان السويسري إلى إعادة التفكير في أحد أعمدة الهوية السويسرية ألا وهو مبدأ الحياد"، خاصةً أن موسكو اعتبرت مؤخرًا أن سويسرا "فقدت مكانة الدولة المحايدة ولا يمكنها العمل كوسيط".

getty

وكانت دول غربية عدة على رأسها ألمانيا وإسبانيا والدنمارك مارست ضغوطًا على سويسرا لتغيير سياسة الحياد، حيث قامت برلين بالضغط على سويسرا بعد رفضها طلبات إرسال ذخيرة سويسرية الصنع حصلت عليها ألمانيا قبل عقود إلى أوكرانيا تشمل منظومة Gepard  الجوية التي نشرتها أوكرانيا وعملت بنجاح ضد الطائرات الانتحارية الإيرانية الصنع. 

كما ضغطت أسبانيا والدنمارك على سويسرا بعد أن رفضت برن السماح بتصدير أنظمة الدفاع الجوي "Aspide"، ومركبات المشاة "Piranha III" المقاتلة إلى أوكرانيا، وكلاهما يحتوي على أجزاء سويسرية الصنع.

وبالإضافة لهذه الضغوط الغربية يخطط المشرعون الأوكرانيون من لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الآن لتشكيل وفد خاص لزيارة برن، العاصمة السويسرية، للدعوة إلى تغيير سياسة الحياد المتبعة.

getty

وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرغ قال في تصريحات سابقة إنه "في حالة أوكرانيا ، لا يتعلق الأمر بالحياد، يتعلق الأمر باحترام الحق في الدفاع عن النفس، وحماية سيادة القانون ، والدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة."

وفي ذات الصدد نقلت وول ستريت جورنال عن أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية قولها في وقت سابق "إن الامتناع عن التصويت ليس خيارًا لسويسرا على كل طرف أن يكون واضحًا في مواقفه إزاء: سيادة القانون أو قانون القوة، الديمقراطية والحقوق الأساسية أو الاستبداد."

لكن حتى الآن ، تجادل برن بأنه لا يمكن أن يكون هناك تنازل عن الحظر لأنه جزء من نظامها الدستوري.

وتتزايد الضغوط الغربية على سويسرا، مع استهلاك كييف لكميات كبيرة من الذخائر، وبالأخص المدفعية، خلال الحرب مع روسيا، ويترافق مع ذلك نقص كبير، في مواكبة الإنتاج العسكري للواقع في ميدان المعركة. 

وتعود سياسة مبدأ الحياد في سويسرا إلى عام 1515 ، عندما هزمت فرنسا الاتحاد السويسري القديم. منذ ذلك الحين ، حاولت سويسرا إلى حد كبير الابتعاد عن حروب أوروبا، حيث اعترفت القوى المجاورة بوضعها في معاهدة باريس لعام 1815 ، وظلت محايدة خلال الحربين العالميتين في القرن العشرين.

اليوم، تتخذ سويسرا موقفًا يسمى الحياد المسلح، الذي تنظمه المعاهدات الدولية والتشريعات المحلية، مما يعني أن البلاد تحتفظ بقوى كبيرة لحماية سيادتها ولكنها تبقى بعيدة عن النزاعات الخارجية.

getty

في الأسابيع الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا، نجح القادة الأوروبيون والمتظاهرون المحليون في الضغط على سويسرا للانضمام إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد موسكو، مما دفع روسيا إلى إضافة سويسرا إلى قائمة "الدول غير الصديقة".

وأثارت الضغوط من دول مثل ألمانيا، أكبر مشترٍ للأسلحة السويسرية، والتي هددت بإلغاء عقود طويلة الأجل مع شركات سويسرية، نقاشًا في البرلمان السويسري حول تعديل قوانينها للسماح لدول ثالثة محددة بإعادة تصدير الأسلحة والذخيرة.

صاغ المشرعون السويسريون مجموعة من التعديلات على القانون الذي ينظم تجارة الأسلحة التي من شأنها أن تفتح أذونات إعادة التصدير، لكن ليس من الواضح ما إذا كان بإمكانها حشد الأغلبية في البرلمان. حتى لو تم تبني الاقتراح قريبًا - ستستغرق العملية ثلاثة إلى ستة أشهر - لن يدخل التغيير حيز التنفيذ إلا في وقت مبكر من العام المقبل ، وفقًا للعديد من المشرعين.

من جانبه، قال أحد كبار المشرعين من الحزب الليبرالي  تييري بوركارت، الذي صاغ اقتراحًا لتعديل القوانين: "إن السماح بإعادة تصدير المواد المصنوعة في سويسرا لن ينتهك حيادنا، لكن رفض القيام بذلك قد يدمر صناعة الأسلحة لدينا". وأضاف: "الأسلحة مصنوعة للحرب، وإذا رفضنا تزويد شركائنا، فقد نلغي صناعة الأسلحة". يأتي ذلك مع الإشارة إلى سويسرا هي الدولة رقم 14 عالميًا في تصدير الأسلحة.

ويقوم اقتراح بوركارت، على تقديم إعفاء خاص لـ25 دولةً من أجل إعادة تصدير الأسلحة والذخائر السويسرية الصنع إلى دول ثالثة. 

قال أحد كبار المشرعين من الحزب الليبرالي  تييري بوركارت، الذي صاغ اقتراحًا لتعديل القوانين: "إن السماح بإعادة تصدير المواد المصنوعة في سويسرا لن ينتهك حيادنا، لكن رفض القيام بذلك قد يدمر صناعة الأسلحة لدينا"

ومن غير المعروف ما هو مصير المقترح المقدم، خاصةً أن يعارض من قبل حزب الخضر المناهض للحروب، ومجموعات من اليمين المتطرف، بالإضافة إلى مجموعات أخرى داخل الأحزاب السويسرية. فيما انقسم حزب الشعب السويسري اليميني، وهو أكبر قوة سياسية في البلاد، حول هذه القضية، وعارض بعض مشرعوه المقترح.