22-يناير-2020

‎⁨من أغنية "Darkness⁩" لـ إمينيم

“Here comes Saddam Hussein, Ayatollah Khomeini

Where's Osama been? I been laden lately”

قد يبدو لك الأمر غريبًا عندما يشبّه شخص ما نفسه بآية الله الخميني وصدّام حسين وأسامة بن لادن مجتمعين، لكن عندما نتحدّث عن واحد من أفضل من احترف "الهيب هوب" في التاريخ الحديث وأكثرهم إثارةً للجدل، فالأمر يصبح مثيرًا للاهتمام.

فجأة وبلا سابق دعاية أو إعلان، أصدر "إله الراب"، إمينيم (Eminem)، ألبومه الحادي عشر Music To Be Murdered By صباح السابع عشر من كانون الثاني/يناير 2020، حيث نجده يقارن نفسه بمفجر حفل الفنانة "آريانا غرادني" وبالخميني وصدام حسين، وليستمرّ من خلاله بترسيخ قدمه في ساحة كانت يومًا معركة شعرية، وغدت اليوم مليئة بالأغاني التي تناقش المال والجنس والشهرة، وهو صاحب الـ47 عامًا.

في ألبومه الجديد، يقارن إمينيم نفسه بمفجر حفل الفنانة "آريانا غرادني" وبالخميني وصدام حسين

ما يميّز خطاب "مارشال ماذرز" السياسي هو أنه قادم من رجل أبيض بشعر ذهبيّ، الشكل الأمريكي المثالي لآلة الإعلام، الأمر الذي يجعل من تجاهل ما يقوله شبه مستحيل، ناهيك عن وصول أغانيه لجمهور "البيض والسود" معًا.

اقرأ/ي أيضًا: مرحبًا بك في راب العصابات

لن نتحدّث هنا عن مسيرة أكثر فناني الراب مبيعًا للأغاني في التاريخ وأمهرهم بتطويع اللغة، بل سنلقي الضوء على حضور السياسة في أغانيه، وأثرها على الرأي العام وصولًا إلى أروقة الكونغرس والبيت الأبيض.

فكيف تعاملت "بلاد العم سام" مع انتفاضة واحد من "أبنائها البارّين" ضدها؟ وما أثر الرسائل التي تأتي من وجه أبيض بعيون زرقاء؟

"أميركا البيضاء"... امتياز العيون الملونة

في افتتاحية ألبومه الثالث The Eminem Show، قدّم "مارشال ماذرز" أحد أكثر القضايا تأزمًا في أمريكا من خلال أغنيته White America التي يعتبرها الكثيرون أوّل محاولة له لطرح قضية سياسية واجتماعية تمتد جذورها قديمًا في تاريخ بلاده.

يدخل إمينيم هنا في مواجهة مباشرة مع الحكومة التي اتهمته بالتأثير سلبًا على الأطفال والترويج للعنف، خاصة بعد شهادة في الكونغرس في أيلول/سبتمبر عام 2000، التي هوجم خلالها من قبل "لين تشيني"، زوجة نائب الرئيس الأمريكي السابق "ديك تشيني". يرد إمينيم بأن "لا بد أنني أزعجت أحدًا في الكونغرس، لأنه يستمر بإخباري بانني لا أسبب سوى المشاكل"، ويضيف بأنهم يخبرونه بأنه "وقع في مشكلة مع الحكومة".

 “I must have struck a chord with somebody up in office

’Cause Congress keep telling me I ain’t causing nothing but problems

And now they’re saying I’m in trouble with the government/I’m loving it”

كما يناقش إمينيم الامتياز الذي يحظى به كونه صاحب بشرة بيضاء في بيئة تسيطر عليها "الموسيقى السوداء" كما أسماها مغنّي الراب "فيفتي سينت"، الذي لفت إلى سيطرة ماذرز وتفوقه على أقرانه أصحاب البشرة السوداء، في مقابلة له نشرت عام 2014.

يقرّ إمينيم هنا بأن لون بشرته ساعده على الانتشار وحصد الاهتمام الإعلامي، الذي لم يكن ليحظى به لو كان ذا بشرة سوداء، مع أنه يستخدم ذات اللغة الحاضرة في أغاني غيره.

"لنحسبها، لو كنت أسود البشرة لما بعت نصف ما بعته من أغاني"

Let’s do the math: if I was black, I woulda sold half

يختم أغنيته بالعودة إلى هجوم الكونغرس عليه، شاتمًا "لين تشيني" ومسميًا بلاده Divided States of Embarrassment "الولايات المنقسمة المحرِجة" عوضًا عن الولايات المتحدة الأمريكية.

 

جورج بوش في مرمى النيران… الحرب على أرضنا

قبيل انتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2004، ووسط رأيٍ عام مشحون بسبب أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، أصدر إمينيم أغنيته الفرديّة الثانية من ألبومه الخامس، Encore، بعنوان Mosh، والتي تهاجم بشكل مباشر الرئيس الأمريكي وقتها، جورج دبليو بوش وتصفه بـ"الوحش الجبان الذي قمنا بتعزيز قوته"، وتنتقد الحرب على العراق.

من فيديو أغنية MOSH

دعت الأغنية إلى عدم التصويت لبوش وتركه "يحارب حربه بنفسه" ضد تنظيم القاعدة، الرئيس الذي "أنهك البلاد بحرب من أجل النفط"، يغني إمينيم: "ربّما نصل إلى القاعدة من خلال خطابي، دعوا الرئيس يجابه فوضى سياسية أعلى منه. أعطوه كلاشنكوفًا ودعوه يخوض حربه بنفسه ليبهر أباه"، ثم يفتتح بسطر آخر متحدّثًا عن النفط: "لا مزيد من الدم مقابل النفط، لدينا معاركنا الخاصة لنحاربها على أرضنا".

“Maybe we can reach Al-Queda through my speech

Let the president answer a higher anarchy

Strap him with an Ak-forty seven, let him go, fight his own war

Let him impress daddy that way

No more blood for oil, we got our own battles to fight on our own soil”

فيديو الأغنية الذي كان متاحًا للجميع، أظهر أن خطابات بن لادن هي مسرحية أمريكية، كما عرض الجانب السلبي للحرب على الشارع الأمريكي. الفيديو كان مليئًا بالرمزيات، منها حرق الصليب وظهور الـKKK،

كما يظهر فيه قوس النصر في بغداد.

يغني إمينيم: "ربّما نصل إلى القاعدة من خلال خطابي، دعوا الرئيس يجابه فوضى سياسية أعلى منه. أعطوه كلاشنكوفًا ودعوه يخوض حربه بنفسه ليبهر أباه"

ومن الجدير بالذكر هنا، أنّ المغنّي الشاب وضع الحماية الخاصة بالرئيس الأمريكي السابق عام 2003 في حالة تأهب بسبب أغنيته We As Americans، والتي دفعتهم للتحقيق فيما إذا كانت دعوة إمينيم لقتل الرئيس حقيقية أم لا، حسب ما نشرته شبكة CNN وقتها. حينها قال: "تبًا للثروة، أنا لا أغني للرؤساء الميتين (يقصد صورهم على العملات)، أفضّل أن أرى الرئيس ميتًا".

“F*** money, I don’t rap for dead presidents

 I’d rather see the president dead”

من فيديو أغنية MOSH

العميل البرتقالي.. "العاصفة" تطال ترامب

عام 2016، وقبل 19 يومًا من موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، ظهر إمينيم مرّة أخرى مسجّلًا "خطابًا انتخابيًا" خاصًا به، بعيدًا عن المعتاد من إصداراته.

اقرأ/ي أيضًا: بعد 42 سنة على وفاته.. إلفيس بريسلي يحكم البث الحي

في قرابة الـ8 دقائق وجه خلالها عدّة رسائل، كان أبرزها أول هجوم صريح موجه ضد المرشح الرئاسيّ حينها دونالد ترامب، واصفًا الأخير بأنه "هائج ومتهور" و"لا يخضع للمساءلة".

يقول ماذرز: "يمكنكم اعتباري رجلًا خطرًا، لكن عليكم أن تخافوا من هذا المرشّح"، ويضيف: "تقولون إن ترامب لا يستجدي أحدًا كالدمى لأنه يموّل حملته بنفسه، وهذا ما تريدونه: شخص متهور وساذج يضع يده على الزرّ (يقصد الصواريخ والحرب) ولا يخضع للمساءلة".

“Consider me a dangerous man but you should be afraid of this dang candidate

You say Trump don't kiss a** like a puppet

'Cause he runs his campaign with his own cash for the funding

And that's what you wanted

A fuckin' loose cannon who's blunt with his hand on the button

Who doesn't have to answer to no one”

الضربة الأقوى التي وجهها "مارشال" إلى ترامب، كانت من خلال ما قدّمه على شاشة BET عام 2017 خلال حفل توزيع جوائز "الهيب هوب".

"العاصفة" كما سمّاها، والتي تعدّ أقوى انتقاد ضد الرئيس الأمريكي الحالي بعد عام من صدور F.D.T للمغني YG والراحل Nipsey Hussle، هاجم ترامب فيها منذ سطورها الأولى واصفًا إياه بـ"انتحاري كاميكازي سيتسبب بهولوكوست نووي"، وقائلًا أنه "لا يتميز بشيء إلا بالعنصرية" و"لا يقدر على مجابهته". ينتقد في "العاصفة" أيضًا بناء الحائط مع المكسيك وتعامل ترامب مع اللاجئين.

يقول فيها: "إذا بنى ترامب الحائط، أتمنى أن يكون صلبًا كالصخر، لأنني مثله في السياسة سأستعمل كل خدعه، وسأرمي به إلى الحائط عله يلتصق به"

“ "He's gonna get rid of all immigrants!"

"He's gonna build that thing up taller than this!"

Well, if he does build it, I hope it's rock solid with bricks

'Cause like him in politics, I'm using all of his tricks

'Cause I'm throwin' that piece of shit against the wall 'til it sticks”

ويحسم إمينيم صراعه مع ترامب بتقديم خيارٍ لجمهوره: إما أن تكون معي أو مع ترامب، قائلًا: "إلى أيّ معجب بي من أنصار ترامب، أنا أرسم خطًا في الرمل (كناية عن تخطيه) فإما أن تكون مع أو ضد"

“And any fan of mine who's a supporter of his

I'm drawing in the sand a line, you're either for or against”

هذا الأمر دفع بالكثيرين من أنصار ترامب لمهاجمة إمينيم، وأثّر سلبًا على قاعدة الأخير الجماهيرية في أمريكا، كما قال في أغنيته The Ringer-2018: "أشاهد قاعدتي الجماهيرية تتقلص إلى الثلث، وأنا كنت أحاول فعل الشيء الصحيح"، ويضيف "الكلام وصل محكمة الرأي العام وصدر به الحكم، أم أنه سيحدد لاحقًا؟".

“I'm watching my fan base shrink to thirds

And I was just trying to do the right thing, but word

has the court of public opinion reached a verdict

Or still yet to be determined?”

قام الأمن الرئاسي الخاص بالرئيس ترامب بالتحقيق مع إمينيم وسؤاله عما إذا كان ينوي "أذى الرئيس" وعن "ارتباطه بجماعات إرهابية"

وعلى غرار ما حصل مع جورج بوش الابن، قام الأمن الرئاسي الخاص بالرئيس ترامب بالتحقيق مع إمينيم وسؤاله عما إذا كان ينوي "أذى الرئيس" وعن "ارتباطه بجماعات إرهابية"، ويلفت إمينيم هنا سامعيه إلى أن ما قاله في "العاصفة"، أتى بثماره: "أعرف على الأقل أنه (ترامب) سمع ما قلته، لأن العميل البرتقالي أرسل الأمن الرئاسي لمقابلتي شخصيًا، وسؤالي إذا كنت أفكر بأذيّته جديًا، أو إذا كنت على ارتباط بالإرهابيين".

“But I know at least he's heard it

'Cause Agent Orange just sent the Secret Service

To meet in person to see if I really think of hurting him

Or ask if I'm linked to terrorists”

السياسة عند Slim Shady لم تكن جديّة دائمًا، شاهد مثلًا ما فعله عام 2004 ساخرًا من الديمقراطيين والجمهوريين معًا عندما قبل ترشيحه في "مؤتمر Shady الوطني"، ومن قدّمه للجمهور حينها؟ نعم، دونالد ترامب.

يبدو أنّ النجم العالميّ لن يتوقّف عن انتقاداته اللاذعة وإثارة الجدل سواءً مع السياسيين أو خصومه الفنيين، وسواء اتفقت أم اختلفت معه، يبقى إمينيم واحدًا من أعظم وأشهر الفنانين الذين عرفهم العالم خلال العقود الماضية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"روجير واترز- الجدار".. سيرة معجزة

العنصرية في ليلة تدمير موسيقى الديسكو