21-مارس-2024
مسلسل الحشاشين

لقطة من مسلسل الحشاشين (يوتيوب)

خرج أحد المصريين في مقطع فيديو يتحدث ساخرًا عن مسلسل "الحشاشين" قائلًا إنه لم يفهم منه شيئًا، وإن الوحيد الذي يفهمه هو مخرجه بيتر ميمي، إذ رأى الشاب المصري أن عنوان الحلقة الأولى من المسلسل "العهد" هو إشارة من ميمي للمشاهدين مفادها أنهم لن يفهموا من المسلسل مجرد كلمة.

شارك آخرون كُثر هذا الشاب الرأي نفسه عن المسلسل الذي لم يتعرض أي عمل درامي في الموسم الرمضاني الحالي للنقد والسخرية اللذين تعرّض لهما، والذي أصبح بعد ساعات قليلة على عرض حلقته الأولى، وإلى هذه اللحظة، العمل الأكثر إثارةً للجدل والسخرية في مصر العالم العربي.

وتزداد حدة انتقادات المشاهدين للمسلسل، وتتسع موجة السخرية منه، مع تقدّم أحداثه التي يرى كثيرون أنها مفككة رغم أن العمل على المسلسل استغرق أكثر من عامين. ومع ذلك، لم يخلُ من الأخطاء التي تنوعت بين أخطاء تاريخية وأخرى درامية تتعلق بسير الأحداث وأداء بعض الشخصيات.

ينطوي مسلسل "الحشاشين" على الكثير من الأخطاء التاريخية سواء من حيث لغة الحوار، أو الوقائع التاريخية، وصولًا إلى أماكن التصوير

يروي المسلسل قصة طائفة "الحشاشين" التي أسسها حسن الصباح، وارتكبت جرائم وفظائع جعلت منها الجماعة الأكثر دمويةً وإجرامًا في القرن الحادي عشر. ورغم الوقت الذي استغرقه تصوير وإنتاج المسلسل، وتكلفته الإنتاجية المرتفعة، إلا أنه تعرّض لانتقادات واسعة من المصريين، وغيرهم، الذين انتقدوا سطحيته وأخطائه التاريخية، وسخروا من اعتماد اللهجة المصرية في مسلسل تدور أحداثه بعيدًا عن مصر، وقبل 10 قرون.  

ورأى كثيرون أن اعتماد اللهجة المصرية جرّدت المسلسل من رصانة الأعمال التاريخية، التي عادةً ما تكون اللغة العربية الفصحى أول ما يميّزها، سيما أن أحداث العمل لا تدور في مصر.

كما سخروا من تضمين الحوارات بين الشخصيات عبارات وجمل شائعة بين المصريين اليوم لا قبل ألف عام، مثل "بعد إذن الحب"، التي نزعت المشهد الذي قيلت فيه عن سياقه التاريخي.

اللي زعلانين من لغة الحشاشين لو ركزوا ف مشهد بعد إذن الحب هيجيلهم جلطة

— Peter G. Zaki (@PeterGZaky1) March 12, 2024

أثارت هذه العبارة جدلًا واسعًا وسخرية كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تساءل المشاهدون عن معناها والغاية منها في عمل درامي يفترض أنه يتناول حقبة تاريخية ضاربة في القدم، لها خصوصيتها على كافة الأصعدة، لا سيما اللغة وطريقة الكلام والعبارات المستخدمة في الحوارات التي من المفترض أن تكون أكثر رصانة.

وفي أحد مشاهد المسلسل، يدور حوار لافت بين حسن الصبّاح والخليفة الفاطمي المستنصر بالله لكون الأخير كان يتحدث العربية الفصحى، بينما يتحدّث الصبّاح (الذي جسّد دوره عبد الكريم عبد العزيز)، بالعامية المصرية مع أنه يقول للخليفة إنه جاء من بلاد فارس.

في المقابل، اعتبر البعض أن اعتماد العامية المصرية في الحوارات إحدى نقاط قوة المسلسل، وبرّروا استخدامها بالقول إن العربية الفصحى ليست لغة الزمن الحالي، وأنه لم يعد كذلك من الممكن استخدامها في مخاطبة المشاهدين اليوم.

كما سخر روّاد مواقع التواصل الاجتماعي من أداء الممثل اللبناني نيقولا معوض الذي جسّد شخصية الشاعر عمر الخيام، واعتبر كثيرون منهم أنه يبدو كما لو أنه منفصل عن العمل والسياق التاريخي، وأن طريقته في تجسيد الدور بمثابة إهانة لعمر الخيام نفسه. 

@tommy.oth93 حد ينقذ #عمر_الخيام بسررررعه 😂😂 #مسلسل_الحشاشين #الحشاشين #مسلسلات_رمضان #ramadan2024 #رمضان_يجمعنا ♬ الصوت الأصلي - 🇪🇬✨Queen Fatima🇪🇬✨

وبعيدًا عن اللهجة المصرية والحوارات الركيكة التي دفعت ببعض روّاد مواقع التواصل الاجتماعي إلى القول بأن المسلسل هو مسلسل "حشاشين" بالمعنى الحرفي لكلمة "حشّاش"، توقف كثيرون عند أخطاء تاريخية تتعلق بنمط العمران في تلك الحقبة، حيث كانت العمارة الإسلامية السلجوقية هي السائدة، لكن ما يحضر في العمل هو عمارة مختلفة.

وكشف حساب باسم "المؤرخ"، في موقع "فيسبوك"، الكثير من الأخطاء التاريخية التي وقع فيها المسلسل، سواء من حيث لغة الحوار، أو الوقائع التاريخية، وصولًا إلى أماكن التصوير. ومن بين هذه الأخطاء قدوم حسن الصبّاح، في المسلسل، إلى مصر خلال سنوات "الشدة المستنصرية"، أو السنوات السبع العجاف بين 1064 – 1071 ميلادي. لكن الواقع أن الصبّاح سافر إلى مصر في عام 1078.

وعلى صعيد أماكن التصوير، صوّر المسلسل مجلس الإمام الغزالي في مسجد السلطان الناصر محمد بن قلاوون الذي بني عام 1318، ثم أُعيد بناؤه من جديد في عام 1335، في حين أن الإمام الغزالي توفي عام 1111، أي قبل أكثر من 200 عام على بناء المسجد.

وبينما اعتبر البعض أن هذه الأخطاء تعبّر عن استخفاف صنّاع المسلسل بعقول المشاهدين، رأى آخرون أنها تؤكد على حقيقة أن القائمين على المسلسل ليسوا حريصين على تقديم رؤية تاريخية، وإنما إيصال رسالة سياسية معينة تتعلق بالإسلام السياسي الذي لم يخلُ أي موسم رمضاني خلال العقد الأخير تقريبًا، في مصر، من مسلسل يستهدفه ويسعى إلى شيطنته.

دار جزء من الجدل الذي أثاره المسلسل حول تشبيه إعلام النظام المصري، والمؤيدين له، جماعة الإخوان المسلمين بـ"الحشاشين", واعتبار مؤسسها حسن البنا نسخة أخرى من زعيم "الحشاشين" حسن الصبّاح، وذلك في هجوم درامي جديد على الجماعة، والإسلام السياسي عمومًا.

واعتبر كثيرون أن هذا الهجوم غاية المسلسل والهدف منه، وأنه يقدّم تاريخ هذه الجماعة، والتاريخ عمومًا، من وجهة نظر النظام المصري، سيما أن إعلام الأخير بدأ بعد انطلاق عرض المسلسل بنشر التقارير والمقالات التي تتمحور حول فكرة أن الإخوان والحشاشين وجهان لعملة واحدة، وأنهما استخدما الدين لتبرير جرائمهما وتحقيق مصالحهما، وفق عنوان إحدى الصحف المصرية.