13-أكتوبر-2019

لم تصدر أي تصريحات رسمية بشأن نتائج حوار جدة (Getty)

وسط إصرار أبوظبي على السيطرة على الجنوب ودعم المجلس الانتقالي الجنوبي لفصل اليمن إلى شطرين، تصر حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، على التمسك بموقفها المناهض لدور الإمارات، مواصلة المطالبة بطردها من البلاد، واستعادة العاصمة المؤقتة عدن. في خضم الخلاف عينه، ما زالت المفاوضات بين الانتقالي والشرعية، في مدينة جدة مستمرة منذ أكثر من شهر، لكنها لم تصل إلى أي نتائج رسمية.

أشارت تسريبات جديدة نشرتها قناة الجزيرة بشأن حوار جدة، أشارت إلى الوصول إلى مسودة اتفاق تفضي إلى تشكيل حكومة تضم  الانتقالي الجنوبي وميليشيات جنوبية أخرى

غير أن تسريبات جديدة نشرتها قناة الجزيرة بشأن مجريات المفاوضات، أشارت إلى الوصول إلى مسودة اتفاق تفضي إلى تشكيل حكومة وحدة تضم المجلس الانتقالي الجنوبي وميليشيات جنوبية أخرى. فيما قالت مصادر قريبة من الحكومة اليمنية لصحيفة "العربي الجديد"، إن النقاشات بشأن المسودة ما زالت مستمرة، وتوقعت "أن يخرج الاتفاق بصيغته النهائية خلال أيام، مؤكدة أن المفاوضات لا تزال مستمرّة بشأن العديد من البنود".

اقرأ/ي أيضًا: مغامرة الإمارات في عدن.. إلى أين يتجه جنوب اليمن؟

 أما على الأرض فقد سحبت الإمارات قوات العمالقة التابعة لها من مدينة الحديدة، نحو المحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى ذلك أعلنت سحب بعض قواتها العسكرية وإعادتها إلى أبوظبي. رغم ذلك، تستعد الإمارات لتفجير الوضع في المحافظات الجنوبية من خلال تأجيج الصراع فيها، ففي محافظة سقطرى سيطرت قوات موالية لأبوظبي على إدارة أمن الجزيرة، بالإضافة إلى تهديد قوات موالية للانتقالي بالسيطرة على محافظة شبوة، ناهيك عن تحركات عسكرية للمليشيات الموالية لأبوظبي في محافظتي أبين وعدن.

جزيرة سقطرى.. هدف الإمارات الدائم

دفعت الإمارات خلال الأسابيع الماضية بالمئات من أبناء محافظة سقطرى إلى مدينة عدن، وإلى أبوظبي أيضًا لتدريبهم وإعادتهم إلى الجزيرة من أجل السيطرة عليها.

حيث تظهر تقارير أن أرخبيل سقطرى، الذي بقيَ بعيدًا عن الصراع بين الحكومة والحوثيين، أصبح ضمن مساعي الإمارات التوسعية. فبعد طرد القوات الإماراتية منه في 2017 اتجهت لتدريب مليشيات من أبناء الجزيرة ذاتها يعملون لصالحها تحت إطار المجلس الانتقالي. ناهيك عن تجنيد مرتزقة أجانب في الجزيرة، من جنسيات هندية وبنغالية، بحسب صحيفة ميدل إيست مونيتور البريطانية.

وعقب إطاحة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في الثالث من الشهر الجاري، بمدير أمن سقطرى العميد "أحمد علي الرجدهي" الموالي للإمارات، المتهم بارتكابه مخالفات قانونية والعمل لصالح تنفيذ مخططات أبوظبي في المحافظة، أعلن تمرده على السلطة المحلية، ورفض تسليم إدارة الأمن، ورفض التوقف عن مزاولة عمله. 

وبعد أن تمكنت القوات الحكومية من كبت تمرد مدير الأمن، أبرم التحالف السعودي الإماراتي اتفاقًا بين السلطة الشرعية في سقطرى والعناصر المتمردة، يتضمن تسليم الختم للمدير الجديد المقدم فائز طاحس.

إثارة التوترات وجر الجزيرة للعنف هو ما تسعى اليه الإمارات، يقول متابعون، خاصة بعد سحب قواتها، فالقاتل والمقتول يمنيان، كما أنها لن تتخلى عن الجزيرة وستستمر في محاولة السيطرة عليها، فـ"محاولة إثارة توترات غير مبررة في سقطرى لا يخدم أحدًا. الخاسر الأكبر من استمرار أي تصعيد أو تحشيد هو المواطن اليمني في كل أرض الوطن"، يقول وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي.

هل تنجح الحكومة في نقل العاصمة إلى شبوة؟

في العاشر من آب/أغسطس الماضي، سيطر المتمردون الانفصاليون المدعومون من الإمارات، على العاصمة المؤقتة عدن عقب معارك مع القوات الحكومية، ولم تتمكن الحكومة من استعادتها حتى الآن. وبعد فشل استعادة عدن من المجلس الانتقالي، بالإضافة إلى بسط القوات الحكومية سيطرتها على محافظة شبوة بشكل كامل، تحضر الحكومة إلى نقل عاصمتها المؤقتة من عدن إلى مدينة عتق عاصمة شبوه.

وخلال الأيام الماضية شنت مليشيات موالية للانتقالي هجمات على القوات الحكومية في محافظة شبوة الغنية بالنفط، في محاولة لمنع الحكومة من نقل عاصمتها إليها.

ووصلت إلى مدينة عتق مركز محافظة شبوة، تعزيزات عسكرية مقدمة من السعودية لدعم القوات الحكومية بالمحافظة وتأمينها. وبحسب مصادر إعلامية عربية ومحلية  فإن أكثر من 50 عربة عسكرية وصلت الأربعاء. ومن المرتقب وصول وفد حكومي رفيع المستوى للمحافظة، وذلك للاستقرار فيها ومن بينهم وزير الداخلية احمد الميسري، بحسب المصادر ذاتها. 

الإمارات تعوض عن سحب قواتها بألوية العمالقة

بعد أن انهارات المليشيات الموالية للانتقالي ووصول القوات الحكومية إلى نقطة العلم في مدخل مدينة عدن، دفعت أبوظبي بتعزيزات عسكرية من ألوية العمالقة الممولة إماراتيًا والمتمركزة في الساحل الغربي بكامل عدتها وعتادها، لإسناد المجلس في سيطرته على العاصمة المؤقتة عدن ومحافظتي أبين ولحج. وتواصل ألوية العمالقة إرسال تعزيزاتها نحو العاصمة المؤقتة عدن، لصد أي تحركات للقوات الحكومية المتمركزة في أطراف محافظة أبين ومدينة عتق عاصمة شبوة.

وتتشكل قوات العمالقة من عشرة ألوية، وقوام أفرادها يزيد عن 15 ألف جندي، وأغلب القيادات والأفراد ينتمون للتيار السلفي، ويقودهم العميد علي سالم الحسني، ويتلقون دعمهم المالي والعسكري من دولة الإمارات.

لماذا تسحب الإمارات قواتها من اليمن في الوقت الراهن؟

بين تقرير لوكالة رويترز أن الإمارات سحبت بعض قواتها من مدينة عدن، الثلاثاء الماضي، وبحسب ما نقلته الوكالة فإن رتلًا إماراتيًا كبيرًا من المركبات صعد إلى ظهر سفينة عسكرية في ميناء البريقة النفطي قرب مصفاة عدن. واتجه رتل كبير من المركبات العسكرية و3 حافلات تحمل نحو 200 جندي، نحو الميناء لنقلهم إلى أبوظبي بحسب ما نقلته الوكالة عن شهود عيان.

لن تتخلى الإمارات عن مصالحها في اليمن بسهولة، بعد أن خسرت المليارات خلال السنوات الماضية، ولم يبدو حسب متابعين، أن إعلان انسحابها سينهي أجندتها الانفصالية والتوسعية. حيث لا تنفك تعزز قواتها في المناطق الجنوبية الواقعة تحت سيطرتها، كما يقول وزير النقل في الحكومة اليمنية صالح الجبواني. ويؤكد وزير النقل أن "الإمارات ستخرج لكن محمد بن زايد لن يخرج إلا بعد أن يغرق بلادنا في بحور من الدم بدأها بالانقلاب الغادر في عدن. فالإمارات دولة معتدية وإصرارها على البقاء بالقوة سيحولها لدولة احتلال".

وكان المتحدث باسم قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج شمالي "عدن" ماهر الحالمي، أكد أن الحكومة الشرعية والتحالف توصلا إلى اتفاق يقضي بمغادرة القوات الإماراتية قواعدها، في المقابل تتسلم القوات السعودية المواقع ذاتها، لافتًا إلى أن القوات الإماراتية بدأت إجراءات الانسحاب من مواقعها في مدينة عدن جنوبي البلاد.

هل نجحت الضغوط السعودية؟

وتقترب الحكومة والمجلس الانتقالي من إبرام اتفاق سينهي المواجهة في عدن، وسيشهد تولي القوات السعودية المسؤولية مؤقتًا عن المدينة، بحسب وكالة رويترز. ولا يعرف أحد على وجه الحقيقة، أسباب التحركات الإماراتية والسعودية في الجنوب، لكن مراقبين يرون أن عودة ألوية العمالقة وسحب الإمارات قواتها من الساحل الغربي، كلها جاءت للضغط على الحكومة للموافقة على مخرجات حوار جدة.

في السياق، كشفت قناة الجزيرة عن مسودة اتفاق توصل إليها أطراف الحوار في جدة، تشمل بنودًا وضمانات عسكرية وسياسية، وتتضمن المسودة تشكيل حكومة وحدة بالمناصفة بين شمال اليمن وجنوبه. وأشارت المسودة التي نشرتها قناة الجزيرة، إلى "استيعاب المجلس الانتقالي ومكونات جنوبية في الحكومة والسلطة المحلية، بالإضافة إلى دمج التشكيلات العسكرية والأمنية"، بالإضافة إلى المطالبة بإشراك المجلس الانتقالي الجنوبي ومكونات جنوبية أخرى في مقاوضات الحل السياسي الشامل. وهو ما قد يشكل في حال صحته، نجاحًا للضغوط السعودية.

اقرأ/ي أيضًا: حوار جدة.. خطوة سعودية إماراتية لتمكين الانتقالي؟

وتمارس السعودية ضغوطًا على الرئيس هادي لقبول ضم المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الحكومة، على أن تحتفظ المليشيات المسلحة التابعة للمجلس بقواتها، وأن تكون خارج سيطرة الحكومة الشرعية، بحسب ما كشفته قناة الجزيرة.

تمارس السعودية ضغوطًا على الرئيس هادي لقبول ضم المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الحكومة، على أن تحتفظ المليشيات المسلحة التابعة له بقواتها

ورغم ما نشرته رويترز عن حل وشيك، ثم ما نشرته قناة الجزيرة، فإنه لا يوجد أي تصريحات رسمية حتى الآن، أفصحت عن مسودة الاتفاق المطروحة على طاولة المفاوضات، في الوقت الذي تشدد تصريحات الحكومة على ضرورة إنهاء الانقلاب، وعودة الشرعية بكامل مؤسساتها إلى عدن ودمج كافة التشكيلات العسكرية في الجيش، من جهة، ويصر الانتقالي والإمارات على بقاء المليشيات المسلحة والاستمرار في تمكين القوات الانفصالية من الأراضي اليمنية الجنوبية من جهة أخرى.