08-أغسطس-2019

انتقل التصعيد الإعلامي بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي إلى الصراع العسكري (SHUTTERSTOCK)

بعد تصعيد إعلامي خلال الأيام الماضية للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، ضد حكومة الرئيس هادي، اتجهت الأوضاع نحو مواجهات مباشرة بين الطرفين بمدينة عدن جنوبي اليمن، باتت تهدد الوحدة اليمنية، وأودت بحياة نحو خمس أشخاص وإصابة آخرين بحسب مصادر إعلامية يمنية.

لم تكن أحداث عدن وليدة اللحظة بل تأتي حسب ناشطين يمنيين ومراقبين للوضع هناك، بعد مسار منظم حاكته الإمارات والمجلس الانتقالي للانقلاب على حكومة هادي

عقب تشيع جثامين القتلى الذين سقطوا في هجوم الحوثيين على معسكر الجلاء في مقبرة القطيع بالقرب من مقر الرئاسة والحكومة، نهار الأربعاء، بحضور جماهيري كبير دعا له المجلس الانتقالي تحت عنون هبة شعبية لفك الارتباط، والثأر لأبو اليمامة، وطرد الحكومة الشرعية، اندلعت مواجهات بين مليشيات تابعة للمجلس الانتقالي وحراسة قصر المعاشيق الرئاسي.

اقرأ/ي أيضًا: توحش الإمارات مستمر في اليمن.. العالم خرج عن صمته

انفصال أم حرب أهلية؟

ودفع المجلس الانتقالي بالمتظاهرين الذين حشدهم، نحو قصر المعاشيق للسيطرة عليه، وراح  يهدد الحكومة أنه في حال اعترضتهم، فسوف تتدخل القوات الموالية له.

وشنت قوات موالية للإمارات هجومين، أحدهما على قصر المعاشيق، والآخر على معسكر بدر في منطقة خور مكسر التابع للحكومة.

وتزامنت المواجهات في مدينة عدن، مع تحليق مكثف لطيران التحالف في سماء المدينة وإطلاقه قنابل ضوئية.

هاني بن بريك الشيخ السلفي المثير للجدل، والمتهم باغتيال أئمة وخطباء مدينة عدن العاصمة المؤقتة، والذي يشغل نائبًا للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، اتهم حزب الإصلاح بالاعتداء على المتظاهرين، ودعا بن بريك الأربعاء، أنصاره والقوات الموالية للمجلس الانتقالي إلى النفير العام وإسقاط القصر الرئاسي في "معاشيق"، مطالبًا  كافة القوى الانفصالية للزحف نحو القصر الذي يحتضن الحكومة اليمنية.

بن بريك وناشطون جنوبيون آخرون مدعومون من الإمارات، وأيضًا إماراتيون، دعوا المجلس الانتقالي إلى الانقضاض على قصر المعاشيق وطرد الحكومة من مدينة عدن، أبرزها دعوة ضاحي خلفان مدير أمن إمارة دبي المجلس الجنوبي للسيطرة على الجنوب. وكانت "الهبة الشعبية الجنوبية"، قد دعت في بيان لها مساء الثلاثاء الرئيس هادي لتسليم السلطة للمجلس الانتقالي ومغادرة الحكومة مدينة عدن، بالإضافة إلى "إخلاء كافة الوحدات العسكرية الشمالية المتمركزة في أرض الجنوب".

وتستعد القوات الموالية للإمارات، التي يقودها المجلس للسيطرة على مدينة عدن والمحافظات الأخرى، لكنها تخشى من الدخول في حرب مع ألوية الحماية الرئاسية، المدعومة من السعودية التي تقود التحالف العربي، بالإضافة إلى القوات السعودية التي وصلت إلى المدينة خلال الأيام الماضية.

وانتشر مساء الأربعاء، عدد من العربات  والمدرعات السعودية في محيط حديقة فان سيتي خارج  قصر معاشيق في تطور هو الأول من نوعه، بالإضافة إلى إعلان القوات التابعة لهادي جاهزيتها الكاملة للتصدي لأي هجوم محتمل على مواقعها بحسب مصادر محلية.

ويقول المجلس الانتقالي إن السيطرة على المدينة تأتي للقضاء على الإرهاب الذي يقوده حزب الإصلاح والحكومة الشرعية، حد زعمه، بالإضافة إلى استعادة دولة الجنوب العربي. ويخشى مراقبون من تطور المواجهات في مدينة عدن،  إلى حرب أهلية لتشمل معظم المحافظات الجنوبية، بين أنصار وقوات الانتقالي من جهة، وأنصار الرئيس هادي والقوات الموالية له من جهة أخرى.

لم تكن هذه الأحداث وليدة اللحظة بل تأتي حسب ناشطين يمنيين ومراقبين للوضع هناك، بعد مسار منظم حاكته الإمارات والمجلس الانتقالي، بالإضافة إلى شكوك بوجود دور إيراني غير مستبعد، للقضاء على حكومة الرئيس هادي وشرعيته، وإعلان الانفصال الذي ترغب به أبوظبي وطهران.

وأغلقت قوات الحزام الأمني مداخل مدينة عدن من خمسة أيام، كما عملت على ترحيل المئات من أبناء المحافظات الشمالية، وإخراجهم إلى خارج مدينة عدن.

ردود الفعل

في سياق ردود الفعل، اعتبر نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في الحكومة اليمنية، أحمد الميسري، بيان هاني بن بريك الذي وصفه  بـ"الموتور" إعلان حرب على الشرعية  وإثارة للفتنة ولا يخدم إلا الحوثي وحده. وفي بيان متلفز، قال الميسري: "أبلغتنا قيادة التحالف ممثلة بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات رسميًا رفضها لهذا البيان المنفلت ونحن بدورنا أبلغناهم جاهزيتنا". ودعا الوزير أبناء عدن إلى التزام الهدوء، مؤكدًا جاهزية قوات الجيش والأمن لـ"التعامل مع هذه النتوءات.. والقيام بواجبنا على أكمل وجه".

من جهته، أعرب المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن غيريفث عن قلقه الشديد إزاء التصعيد العسكري في عدن، وقال "غريفيث" في تصريح نشره حساب مكتبه في اليمن: "أشعر بقلق عميق من الخطاب الأخير الذي يشجع العنف ضد المؤسسات اليمنية"، مؤكدًا أن تصاعد العنف سيسهم في عدم الاستقرار والمعاناة في عدن وسيعمق الانقسامات السياسية والاجتماعية في اليمن.

اقرأ/ي أيضًا: حرب الإمارات ضد الشرعية اليمنية

أما الإمارات التي تدعم المجلس الانتقالي، فادعت أن التطورات حول القصر الرئاسي "المعاشيق" في عدن مقلقة، وأن التهدئة ضرورية، وقال وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، إنه "لا يمكن للتصعيد أن يكون خيارًا مقبولًا  بعد العملية الإرهابية الدنيئة، و"الإطار السياسي والتواصل والحوار ضروري تجاه إرهاصات وتراكمات لا يمكن حلها عبر استخدام القوة".

تستعد القوات الموالية للإمارات، التي يقودها المجلس للسيطرة على مدينة عدن والمحافظات الأخرى، لكنها تخشى من الدخول في حرب مع ألوية الحماية الرئاسية، المدعومة من السعودية

ويرى مراقبون أن تصريح الوزير الإماراتي، يؤكد فشل الانتقالي في السيطرة على مدينة عدن، بعد أن أوعزت أبوظبي لهاني بن بريك نائب المجلس، لاستغلال مراسيم التشييع، لطرد الحكومة وبسط السيطرة على المدينة.