13-أغسطس-2019

تسعى السعودية والإمارات إلى تثبيت الوضع القائم بعد انقلاب عدن (Getty)

لقاءات يمنية سعودية من جهة وسعودية إماراتية من جهة أخرى في الرياض، عقب سقوط مدينة عدن تحت سيطرة المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي، كانت هي الأقرب في أهدافها إلى إقناع الرئيس عبدربه منصور هادي بتشاطر مدينة عدن والمحافظات الجنوبية مع المجلس الانفصالي.

وبعد سيطرة الإمارات على عدن، خرج التحالف بتصريحات جوفاء طالب فيها بوقف إطلاق النار ودعا الأطراف المتصارعة إلى الجلوس على طاولة الحوار بشكل عاجل، وطالب الانتقالي بسحب قواته بلا أي تحرك فعلي

عقد الرئيس هادي لقاءين مع العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز من جهة  وولي العهد محمد بن سلمان من جهة ثانية، وأكدت الرياض خلال اللقاءين التزامها بالوحدة اليمنية ومواصلة دعمها للشرعية، في مفارقة كبيرة، بعد أن ساهمت في تفكيك هذه الوحدة، وعقب صمت دام لأربعة أيام، في الوقت الذي كانت تتساقط المواقع الحكومية بأيدي مليشيات الانتقالي.

اقرأ/ي أيضًا: بعد تواطؤ سعودي.. عدن تحت سيطرة الإمارات

لم يكن تدخل الإمارات في الحرب من أجل دعم الشرعية كما صار واضحًا لمعظم المراقبين، بل لتحقيق طموحات أبوظبي في احتلال جزر اليمن وموانئها، فـ"الرئيس هادي وشرعيته لا يساوون جنديًا إماراتيًا"، كما يقول نائب قائد شرطة دبي ضاحي خلفان. الذي أكد أن الإمارات شاركت في التحالف من أجل السعودية، مشددًا على ضرورة أن "نقلعها"، إذا لم تعتذر رسميًا "عما توجهه لنا من عبارات الخيانة".

وعقب تراشق إعلامي بين مغردين إماراتيين وسعوديين على خلفية سقوط عدن، واتهامات لأبوظبي بخيانة السعودية قي اليمن، عقد ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، اجتماعًا بالملك سلمان وولي عهده بمدينة جدة. لم تتجل نتائج اللقاءات بين الطرفين، لكن ابن زايد أكد بأن أبوظبي والرياض في خندق واحد، وأن تحالفهما ما زال متماسكًا وقويًا، بحسب وسائل إعلامية سعودية. وهو على أية حال ما تشكك به آراء عديدة.

وبعد سيطرة الإمارات على عدن، خرج التحالف بتصريحات جوفاء طالب فيها بوقف إطلاق النار ودعا الأطراف المتصارعة إلى الجلوس على طاولة الحوار بشكل عاجل، وطالب الانتقالي بسحب قواته من المواقع التي سيطر عليها، وهدد باستخدام القوة لإجبار قوات الانتقالي على ترك المعسكرات والمواقع الحكومية، لكن أيًا من ذلك لم يحدث، في مشهد وصفه اليمنيون بالتواطؤ المعلن مع النزعات الانفصالية.

لم تنجح تهديدات التحالف في إجبار المجلس المدعوم من أبوظبي على ترك المواقع الحكومية التي سيطر عليها، فلم تنسحب مليشيات الانتقالي من أي مواقع عسكرية أو مدنية، وما زالت تسيطر على قصر معاشيق والألوية الرئاسية، ورفض المجلس تسليمها، بل توعد بالسيطرة على المحافظات الجنوبية الأخرى. كما أعلن رفضه سحب قواته أو المشاركة في مفاوضات تحت تهديد الطائرات، فجماعة الحوثيين صمدت خمس سنوات أمام حرب التحالف، كما يقول هاني بن بريك نائب رئيس المجلس.

عيدروس الزبيدي، رئيس "الانتقالي"، توعد من جهته بالسيطرة على مناطق أخرى كوادي حضرموت، وبيحان في محافظة شبوة، الواقعتان تحت سيطرة الحكومة الشرعية، ومكيراس الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين واستعادتها من ما وصفه بـ"الإرهاب". وطالب الانتقالي في بيان له بإدراج القضية الجنوبية ضمن أجندة مشاورات الأمم المتحدة القادمة، وأكد أن حل القضية لن يكون إلا عبر عملية سياسية شاملة برعاية الأمم المتحدة.

وظهر وزير الداخلية أحمد الميسري، بعد سيطرة مليشيات الإمارات على منزله مباركًا للإمارات انتصارها على الحكومة في مدينة عدن، والقضاء على ما تبقى من سيادة الدولة اليمنية. وأقر الميسري الذي شارك في المواجهات ضد الانتقالي بالهزيمة، مؤكدًا أن الإمارات دفعت بأربعمئة عربة عسكرية بكامل أسلحتها وعتادها، بالإضافة إلى الآلاف من المأجورين لإسقاط الدولة حد تعبيره، في الوقت الذي تمتلك الحكومة أسلحة خفيفة.

ويتوفق زمن انقلاب الانتقالي على الحكومة الشرعية في عدن، مع ذكرى سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في 2014 وبنفس الأهداف والمبررات، في مفارقة التقطها عديد من الناشطين. حيث يعتبر هؤلاء الناشطون أن سيطرة الانتقالي الموالي للإمارات على المواقع الحكومية، بإيعاز سعودي هو مخطط آخر لتوزيع القوى بين الطرفين، والضغط على الحكومة اليمنية لفرض أجندة جديدة عليها.

اقرأ/ي أيضًا: مغامرة الإمارات في عدن.. إلى أين يتجه جنوب اليمن؟

وتكافح السعودية للحفاظ على التحالف، الذي تصدع عقب الأحداث التي شهدتها عدن، وبحسب رويترز فإن الرياض وأبوظبي، حليفان اسميًا في إطار التحالف لكن أهدافهما متعارضة. ويرى صالح سميع محافظ المحويت، الذي طالب مطلع العام الجاري بطرد الإمارات من التحالف، أن خطة أبوظبي القادمة بعد السيطرة على عدن مرتبطة بالتفريق بين الشمال والجنوب، وليس بين شرعية وانقلاب، وأكد سميع أن الإمارات تسعى إلى فصل الجنوب لمد نفوذها، التي وصفها بـ"المجنونة"، وترك الشمال لإيران. كما لفت إلى أن الإمارات بعد تدويل الانقلاب، تسعى إلى تعديل القرارات الدولية على هذا النحو.

لم يكن تدخل الإمارات في الحرب اليمنية منذ سنوات من أجل دعم الشرعية كما صار واضحًا لمعظم المراقبين، بل لتحقيق طموحات أبوظبي في احتلال جزر اليمن وموانئها

وأدت المواجهات التي اندلعت الأربعاء الماضي إلى  مقتل 40 شخصًا وإصابة 260 آخرين، بحسب الإحصائيات الأولية للأمم المتحدة. وتسببت المواجهات في تفاقم المعاناة المعيشية، وحرمان سكان عدن من ممارسة طقوس عيد الأضحى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وجه الإمارات المفضوح في اليمن.. حرب على الشرعية وحقوق الإنسان

توحش الإمارات مستمر في اليمن.. العالم خرج عن صمته