13-فبراير-2024
مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في لندن

(Getty) الرسالة تطلب من الحكومة البريطانية، مراجعة إجراءات إسرائيل، لضمان الالتزام باتفاقية منع الإبادة الجماعية

قال 30 مسؤولًا بريطانيًا ومنظمات قانونية وحقوقية، لوزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، إن على حكومة المملكة المتحدة واجب ليس فقط في دعم أوامر محكمة العدل الدولية، بل تغيير سياسة المملكة المتحدة، من خلال تعليق توريد الأسلحة إلى إسرائيل، وذلك من خلال رسالة وصلت للخارجية البريطانية، وأخرى إلى حكومة الظل.

وتقول الرسالة، التي أُرسلت الأسبوع الماضي، إن الحكومة البريطانية، باعتبارها إحدى الدول الموقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية، "ملتزمة بالتأكد من أنها تساعد في منع وضمان، أنها ليست متواطئة في انتهاكات الاتفاقية. وبالتالي فإن التدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية لها آثار فورية وعاجلة على سياسة المملكة المتحدة".

مسؤولون سابقون ومنظمات حقوقية بريطانية، يطالبون حكومة بلادهم بالتعامل بجدية من قرار محكمة العدل الدولية، تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة

كما تم أيضًا إرسال إحاطة مقدمة من المنظمات التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها، توضح الآثار المترتبة على الأوامر الصادرة إلى إسرائيل من قبل محكمة العدل الدولية بشأن الموقعين الآخرين على اتفاقية الإبادة الجماعية، إلى وزير خارجية الظل، ديفيد لامي، وإلى المبعوث البريطاني الخاص للمساعدات الإنسانية في غزة، مارك برايسون ريتشاردسون.

وأوضحت المجموعات أن الحكومة البريطانية الآن "يجب أن تتأكد من أنها لا تُمكن بأي حال من الأحوال أو تتواطأ بأي شكل من الأشكال في ارتكاب الأفعال التي وجدت المحكمة أنها يمكن أن تشكل انتهاكًا معقولًا للاتفاقية".

ويضيفون: "في ضوء النتائج التي توصلت إليها المحكمة، هناك الآن خطر واضح، كما هو منصوص عليه في معايير ترخيص التصدير الاستراتيجية (SELC)، من أن الأسلحة والمعدات العسكرية البريطانية المنقولة إلى إسرائيل قد تستخدم لتسهيل أو ارتكاب انتهاكات لاتفاقية الإبادة الجماعية وانتهاكات القانون الإنساني الدولي".

ويقولون أيضًا إن الحكومة البريطانية "يجب أن تصبح أكثر حزمًا في إدانتها" لأي تصريحات وخطابات للحكومة الإسرائيلية يمكن اعتبارها تحرض على الإبادة الجماعية.

وأشارت الرسالة، إلى أنه يجب على المملكة المتحدة أن تعترف بالنتيجة التي توصلت إليها المحكمة، بأن حجب الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية في غزة يمكن أن ينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية، وبالتالي فقد أُمرت إسرائيل "باتخاذ تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية، والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها".

ويوضحون أن هذا يتطلب من إسرائيل "التراجع فورًا عن قرارها بحرمان الفلسطينيين في غزة من المياه والكهرباء، وكلاهما يشكل خدمات أساسية مطلوبة بشدة".

وتقول الرسالة، إن رد المملكة المتحدة على حكم محكمة العدل الدولية أمر أساسي لسمعة بريطانيا، إذ "لطالما اعتبرت المملكة المتحدة نفسها رائدة في مجالات العدالة والمساءلة، ودعمت معاهدة الجرائم ضد الإنسانية الجديدة، وتأمين آلية تحقيق عبر مجلس حقوق الإنسان في السودان، والتدخل في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها غامبيا ضد السودان. وقضية ميانمار التي هي حاليًا أمام محكمة العدل الدولية".

وأضافت الرسالة: "تطبيق العدالة والمساءلة عن الجرائم الدولية، لا يمكن أن يكون انتقائيًا على الإطلاق. إن عدم الاتساق هو العامل الذي يُمكّن الإفلات من العقاب في كل مكان. ويجب على المملكة المتحدة أن تكون ثابتة في دعمها لمحكمة العدل الدولية، باعتبارها محكمة مُختصة ومناسبة للنظر والتحقيق في نزاعات الدول فيما يتعلق باتفاقية الإبادة الجماعية، وضمان احترام قرارات المحكمة والالتزام بها. إن الفشل في القيام بذلك يعرض حياة الفلسطينيين والإسرائيليين للخطر. كما أنه يخاطر بتفكيك أسس نظام العدالة الدولية القائم على القواعد الدولية، ودور المملكة المتحدة في العالم، وهو ما يصب في مصلحة الجهات الفاعلة التي لديها كل شيء لتكسبه من أمم متحدة مكسورة".

من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني السابق وليام هيج، إن شن هجوم إسرائيلي واسع النطاق على رفح يمكن أن يكون خطًأ فادحًا من شأنه أن يقلل من فرص التوصل إلى حل الدولتين ويدفع المنطقة بدلًا من ذلك إلى المزيد من الحروب، التي لا يستطيع أي من الطرفين تحقيق النصر المطلق فيها على الإطلاق.

وأوضح: "قرار الذهاب إلى رفح حيث يكتظ أكثر من مليون فلسطيني، يمثل اللحظة الاستراتيجية الأكثر أهمية منذ الحرب، واللحظة التي يتعين على إسرائيل أن تختار فيها بين أولئك الذين يريدون الاعتماد كليًا على الردع وأولئك الذين يؤمنون بحل الدولتين". 

ويحذر من أن "مستقبل المنطقة قد يعتمد على مصير رفح". وحث إسرائيل على "الاعتراف بأن أمنها لا يمكن تحقيقه من خلال الردع فقط، إذا لم يتم تقديم حل سياسي".

وأضاف: "الفرصة الطويلة لبناء الثقة وحل الدولتين، لن تكون لها فرصة كبيرة دون إزالة نتنياهو".

وبالاستناد إلى دروس العراق وأفغانستان، التي لديه خبرة شخصية فيها كوزير للخارجية من عام 2010 إلى عام 2014، قال: "يمكن تحقيق النصر المطلق على جيش في ساحة المعركة، ولكن ليس على التمرد الذي يستمد قوته من فكرة متجذرة". 

ويشير أيضًا إلى أنه بدون منظور سياسي للفلسطينيين، فإن 17.000 طفلًا تيتموا على يد الجيش الإسرائيلي "سيشكلون يومًا ما كتائب أكبر في المستقبل".

وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت وزارة الخارجية البريطانية مطالبتها بدعم هدنة إنسانية تؤدي إلى وقف إطلاق النار. وقال كاميرون يوم السبت، إنه يشعر بقلق عميق إزاء هجوم إسرائيلي محتمل على رفح في جنوب غزة، قائلًا: إن "نصف سكان غزة يحتمون هناك".

ويتفاوض الدبلوماسي البريطاني برايسون ريتشاردسون مع السلطات الإسرائيلية، ويحثها على استعادة خطوط إمدادات المياه، وإعادة توصيل إمدادات الكهرباء، والسماح بدخول ما يكفي من الوقود لتشغيل البنية التحتية الحيوية مثل المخابز. لكن لم يصدر أي بيان علني من حكومة المملكة المتحدة بأن الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل بعد حكم المحكمة قد تشكل انتهاكًا لأمر محكمة العدل الدولية، أو أن المملكة المتحدة ستتخذ خطوات جديدة للمطالبة بتسليم المساعدات.

قال وزير الخارجية البريطاني السابق وليام هيج، إن شن هجوم إسرائيلي واسع النطاق على رفح يمكن أن يكون خطًأ فادحًا من شأنه أن يقلل من فرص التوصل إلى حل الدولتين ويدفع المنطقة بدلًا من ذلك إلى المزيد من الحروب

وقالت الدكتورة كيت فيرجسون، المديرة التنفيذية المشاركة لمنظمة مناهج الحماية وأحد كتاب الرسالة: "أشعر بالقلق من أن المملكة المتحدة لا تزال تخلط بين النزاع المسلح وحماس والحملة التي تشن ضد الشعب الفلسطيني. إن الأمر بالإخلاء والاستعداد لهجوم بري في رفح هو تجاهل صارخ لأمر محكمة العدل الدولية ويجب أن يؤخذ على أنه تحذير عاجل من ارتكاب المزيد من الجرائم الوحشية ضد المدنيين".

وقد مُنحت دولة الاحتلال الإسرائيلي مهلة حتى 23 فبراير/شباط لتقديم تقرير إلى محكمة العدل الدولية بشأن ما فعلته للامتثال لستة أوامر أصدرتها المحكمة الشهر الماضي، بما في ذلك أمر يتعلق بإنهاء التحريض على الإبادة الجماعية وآخر يطالب باتخاذ خطوات فورية لتحسين إمدادات المساعدات الإنسانية.