13-فبراير-2017

وضع اجتماعي في تدهور في مصر (خالد دسوقي/أ.ف.ب)

ارتفع معدل التضخم في مصر، وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الرسميّ بالقاهرة، إلى 29.6%، وهو أعلى معدَّل له منذ 70 عامًا، وكان قد وصل في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي إلى 24%، مسجِّلًا زيادة قدرها 4.3%.

ارتفع معدل التضخم في مصر، وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى 29.6% وهو أعلى معدل له منذ 70 عامًا

وارتفاع معدَّل التضخم يعني الزيادة الجنونية في مستوى أسعار السلع، من طعام ومشروبات ومياه وكهرباء وغاز ووقود، وهو ما أوضحه إجمالًا تقرير "المركزي للتعبئة والإحصاء" قبل أن يفصِّله: "ارتفعت أسعار الطعام والمشروبات 7% وأسعار المياه والكهرباء والغاز0.6%، وأسعار النقل والمواصلات 1.3%".

ويعدّ ذلك من آثار تحرير سعر صرف العملة المصرية، المعروفة إعلاميًا بـ"تعويم الجنيه"، تنفيذًا لشروط البنك الدولي مقابل منح الحكومة المصرية قرضًا بـ12 مليار دولار، استلمت دفعة واحدة منه حتى الآن.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا لن يحل تعويم الجنيه الأزمة في مصر؟

ويبشِّر فشل البنك المركزي في السيطرة على التضخم وزيادة الأسعار المتتالية بأزمة ضخمة ستنعكس على المواطنين، بدأت بوادرها تظهر الآن، لأنّ معدل زيادة الأسعار لا يجد في مقابله زيادة في الرواتب أو معدلات الإنتاج. ولكن لماذا؟

لأن "مصر تستورد 50% من احتياجاتها من القمح، والذي زاد سعره إلى أكثر من الضعف بعد تحرير سعر الصرف، كما أن مدخلات الإنتاج الزراعية وخاصة السماد زاد سعره بنحو 50%، وبالتالي سيبيع المزارعون المحصول القادم بأسعار أعلى وهكذا دواليك"، هكذا فسَّر باسم فياض، أستاذ الاقتصاد بالمعهد العالي للتعاون الزراعي بالقاهرة، عدم وجود توازن بين المنتج والعائد في مصر.

ولا تزال دخول المصريين متدهورة، وتقع بين 50 جنيهًا مصريًا (25 دولارًا أمريكيًا) شهريًا، وألفي جنيه (100 دولار أمريكي)، ويمثل ذلك شبحًا بالنسبة إلى المصريين، الذين استغنوا عن أشياء كثيرة، فوفق سمية (مدرسة مصرية)، قللت من تناول اللحوم شهريًا، وذلك لحساب تناول السمك والخضروات، بينما قالت ساخرة: "زوجي يفكر أن يصبح نباتيًا.. صحة وتوفير".

التحدي الأهم بالنسبة إلى العائلات المصرية هو التعليم، يمكن أن يستغنوا عن أي شيء، عن الطعام والشراب والسهرات الأسبوعية، لكن "نكتفي بوجبة طعام واحدة يوميًا، ولا نريد أن نستغني عن تعليم أبنائنا في مستوى جيد.. نحن نرهن حاضرنا بمستقبلنا.. ومستقبلنا معلّق بتعليم أبنائنا"، وفق السيدة سمية.

على جانبٍ آخر، ذكرت نرمين (30 عامًا)، ربة منزل أنجبت قبل شهر واحد فقط: "أحاول أن أوفر لرضيعي علبة لبن، لكن الأمر صعب جدًا، فمن الصعب إيجادها، كما أنها غالية جدًا".

اقرأ/ي أيضًا: تعويم الجنيه المصري.. خلفيات ونتائج القرار

تعبّر حالة المصريين الاقتصادية عن "ورطة" تعانيها الحكومة الآن، خاصة باعترافها عبر أحد أجهزتها الرسمية أن التضخم بلغ حدًا أقصى

اقترحت بعض زميلات نرمين عليها أن تلجأ إلى "مياه الرز ومياه البليلة" بدلًا من اللبن لكن ذلك ليس بديلًا، قرأت على صفحات الإنترنت أنه "مقوٍّ" لكنه لا يصلح بديلًا. تكتفي، مؤقتًا، بإرضاعه من صدرها، الذي جفّ تقريبًا بسبب ولادتها القيصرية، لكنها في الوقت ذاته تبحث عن عمل لتسدّ احتياجاته من الغذاء، وهو ما تعانيه كل أمهات مصر بسبب الغلاء مؤخرًا، فالبحث عن "علبة لبن" رخيصة.. بات مهمة صعبة. وتضيف نرمين: "أخاف أن يكبر ويعاني من مشكلات في التفكير أو هشاشة عظام بسبب عدم وجود حليب".

تعبّر حالة المصريين الاقتصادية الصعبة عن "ورطة" تعانيها الحكومة الآن، خاصة باعترافها عبر أحد أجهزتها الرسميّة أن التضخم بلغ حدًا أقصى لم يصل إليه منذ سبعين عامًا. ويصدق التقرير على ما نشرته وكالة "بلومبرج" الاقتصادية في تشرين الأول/سبتمبر من العام الماضي عن وصول مصر لأعلى معدّل للتضخم في تاريخها، وكذَّبته مصادر حكومية في ذلك الوقت.

وبشَّرت مصادر حكومية أخرى عن "ارتفاع وشيك" في الأسعار، يبدأ بالبنزين والسولار والغاز، ولن ينتهي بالسلع الغذائية.. وسيطول الجميع.

اقرأ/ي أيضًا: 

تجارب 3 دول دمر قرض "النقد الدولي" اقتصادها

مصر..قروض كبيرة وبرلمان غائب وأزمة دستورية