26-أبريل-2024
نازحون على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة

(epa) يلجأ النازحون إلى المياه للحفاظ على برودة أجسادهم

في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية الوحشية والتهديد المستمر باجتياح مدينة رفح المكتظة بالنازحين، أكثر من 1.5 مليون نازح؛ يجد أهالي قطاع غزة أنفسهم في مواجهة تحديات جديدة تفاقم من الأزمة الإنسانية الكارثية وغير المسبوقة المستمرة منذ أكثر من 200 يوم.

ورغم الحديث المتكرر عن المجاعة والتحذيرات المتواصلة بشأنها، إضافةً إلى ادعاء "إسرائيل" بزيادة دخول المساعدات إلى القطاع، إلا أن المجاعة تشتد وتضع المزيد من الغزيين في دائرة الخطر إلى جانب الأوبئة والقصف الذي لا يهدأ.

وأمس الخميس، قال نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، كارل سكاو، إن شمال قطاع غزة لا يزال متجهًا نحو المجاعة، داعيًا إلى السماح بدخول حجم أكبر وأكثر تنوعًا من المساعدات إلى القطاع، ومطالبًا "إسرائيل" بالسماح بوصول المساعدات مباشرةً من ميناء أسدود عبر معبر إيريز.

تُشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن المجاعة ستحدث في شمال قطاع غزة بحلول أيار/مايو القادم

وقال سكاو، تعليقًا على ادعاء "إسرائيل" بتحسين وصول المساعدات إلى غزة، إنه ثمة بالفعل زيادة في وصول المساعدات، مشيرًا إلى إحراز بعض التقدم في الوصول إلى شمال قطاع غزة، لكنه سرعان ما أكد بأن: "هذا ليس كافيًا على الإطلاق".

وأضاف سكاو: "نحن بحاجة إلى الحجم ونحتاج إلى تنوع السلع ونحتاج حقًا إلى الاتساق. ما زلنا نتجه نحو المجاعة" في شمال قطاع غزة، حيث من المتوقع حدوث المجاعة بحلول أيار/مايو القادم، وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة في آذار/مارس الفائت.

وشدّد سكاو على ضرورة زيادة المساعدات الغذائية والطبية إلى قطاع غزة لتجنب وقوع المجاعة الوشيكة، وهو ما أكدته أيضًا سيغريد كاج، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة.

وبشأن المجاعة، قالت كاج أمام مجلس الأمن الدولي، قبل يوم أمس الأربعاء: "على سبيل المثال، علاج الأطفال أو النساء الحوامل الذين يعانون من سوء التغذية الحاد لا يتعلق بتناول المزيد من السعرات الحرارية، فهم يحتاجون إلى أغذية علاجية وتكميلية بالإضافة إلى رعاية طبية طويلة الأمد".

وأشارت إلى أن إيصال المساعدات إلى قطاع غزة بحرًا، عبر الميناء العام الذي تقوم الولايات المتحدة ببنائه، ليس بديلًا عن عمليات التسليم البري، مؤكدةً أنها يجب أن تظل محور عمليات الإغاثة في غزة، الأمر الذي شدّد عليه أيضًا كارل سكاو.

وأوضح سكاو أن: "الهدف هنا هو إيصال أكبر قدر ممكن من الطعام إلى من هم في أمس الحاجة إليه وسنحاول إيجاد كل السبل لتحقيق ذلك"، ثم استدرك قائلًا: "لكننا بحاجة أيضًا إلى أن نبقى مستقلين إلى حد ما، حتى نتمكن حقًا من الوصول إلى المجتمعات وتقديم الخدمات بطريقة آمنة". 

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد أكد الأسبوع الفائت أن تأثير التزامات "إسرائيل" بتحسين وصول المساعدات إلى قطاع غزة لا يزال محدودًا حتى الآن، بل ولم يكن لها أي تأثير في بعض الأحيان.

تبدو الخيمة وكأنها مشتعلة

في الأثناء، يواجه أهالي قطاع غزة، خاصةً النازحون في مخيمات اللجوء، أزمة أخرى تهدد بانتشار العدوى والأوبئة وتعرّض حياتهم للخطر، في ظل انعدام الرعاية الصحية نتيجة تدمير الاحتلال للمنظومة الطبية وإخراج معظم المستشفيات عن العمل.

ومساء أمس الخميس، حذّر جهاز الدفاع المدني بغزة من انتشار الأوبئة والأمراض في مخيمات النزوح، جنوب القطاع، بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي جعلت من المكوث في الخيام أمرًا لا يُطاق بحسب مراسل "التلفزيون العربي" بغزة.

وقال جهاز الدفاع المدني، في بيان: "بدت معاناة المواطنين النازحين في مخيمات النزوح بمحافظات جنوب غزة تزداد مع اشتداد موجات الحر"، مضيفًا أن ذلك: "ينذر باتساع انتشار الأوبئة والأمراض فيهم، خاصة لدى الأطفال والنساء الحوامل".

وطالب منظمة الصحة العالمية بـ: "الإسراع في إنقاذ حياة مئات آلاف النازحين الفلسطينيين، والتدخل لإيجاد أماكن بديلة عن الخيام، لاسيما أننا مقبلون على موجات حر شديدة متتالية خلال الأيام القادمة".

وأكمل قائلًا: "نوجه أبناء شعبنا النازحين الصابرين في الخيام باتخاذ اجراءات السلامة قدر المستطاع، والإكثار من شرب الماء، ومحاولة تهوية المكان"، وذلك بالإضافة إلى: "إبعاد الأطفال عن أشعة الشمس خاصة وقت ذروة الحرارة والحرص على مسح أجسادهم بالماء البارد باستمرار". 

وأصبحت خيام النازحين، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، أشبه بـ"فرن". وقد قالت سيدة غزيّة تعيش مع عائلتها في خيمة، لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن: "الخيمة تبدو وكأنها مشتعلة"، مضيفةً: "الجو حار جدًا لدرجة أنك لا تستطيع تحمله، خاصةً مع الأطفال الصغار".

وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" قد حذّرت، الأحد الفائت، من مخاطر ارتفاع درجات الحرارة. وقال نائب مدير عملياتها بغزة، سكوت أندرسون، إن هذا الارتفاع جعل من مكافحة انتشار الأمراض أولوية مثل توصيل الغذاء.

وعدا عن كونه سيفاقم من المشاكل الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على القطاع، فإن ارتفاع درجات الحرارة سيتسبب أيضًا بانتشار الأمراض سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، إذ يجلب الطقس الدافئ الحشرات التي تساعد على انتشار الأوبئة والأمراض المعدية بين النازحين.

وفي سياق متصل، حذّرت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، قبل يوم أمس الأربعاء، من انتشار العديد من الأمراض والأوبئة نتيجة طفح مياه الصرف الصحي في الشوارع وبين خيام النازحين، إضافةً إلى عدم توفر المياه الصالحة للشرب: "الأمر الذي يُنذر بحدوث كارثة صحية خاصةً بين الأطفال". كما أشارت إلى أنها رصدت العديد من حالات الحمى الشوكية ومرض الكبد الوبائي بين المواطنين.