02-نوفمبر-2019

تزايد قمع المتظاهرين في لبنان وسط تعتيم إعلامي (Getty)

واصل المحتجون في لبنان الجمعة تظاهراتهم واعتصاماتهم في الساحات والميادين لليوم السادس عشر على التوالي مطالبين بتحقيق باقي مطالبهم والانتقال للخطوة التالية بعد استقالة حكومة سعد الحريري، وقد شهدت بعض المناطق زيادة في معدلات العنف تجاه المتظاهرين الذين أغلقوا الطرقات من قبل قوات الجيش والشرطة، وسط تجاهل إعلامي ملحوظ.

واصل المحتجون في لبنان الجمعة تظاهراتهم واعتصاماتهم في الساحات والميادين لليوم السادس عشر على التوالي وسط تزايد في القمع وتعتيم إعلامي

وكان رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، قد ألقى خطابًا مساء الخميس بمناسبة الذكرى الثالثة لتوليه الرئاسة، ورغم كلمات التحية والإشادة بالانتفاضة وشبابها ومطالبتهم بالضغط الشعبي على النواب والممثلين البرلمانيين لإقرار القوانين التي تُحقق أهداف الحراك، فقد شهدت عدة مناطق عنفًا من قبل قوات مكافحة الشغب لإجبار المتظاهرين على فتح الطرقات، وقد عرف جسر الرينغ مشادات بين قوات الأمن التي نجحت في فتح الطرقات رغم اعتراض عشرات المتظاهرين، وهو الحال نفسه الذي حدث عند جسر جل الديب.

 

إلا أن الملفت في الموضوع هو التجاهل الإعلامي الواضح لتلك المشادات، فقد اختفت من على الشاشات اللبنانية التغطية المباشرة للأحداث داخل الساحات والميادين، بجانب التجنب التام لذكر تلك المشادات أو عرض أيً من مظاهر العنف ضد المتظاهرين، وهو ما استنكره مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، بجانب استنكارهم اللجوء للعنف تجاه المتظاهرين في الوقت الذي لم يحدث مثيله تجاه بعض أتباع أحزاب السلطة، الذين اعتدوا على المتظاهرين بالضرب خلال الأيام الماضية وقاموا بحرق الخيام أمام قوات الجيش والشرطة.

اقرأ/ي أيضًا: الانتفاضة اللبنانية تتوسع وخطاب السلطة يفشل مجددًا

وقد شهد الجمعة فتح البنوك والمصارف أبوابها للمرة الأولى منذ أسبوعين على خلفية الانتفاضة الحالية، كما تم خلال ساعات الصباح الأولى اقتحام بعض المتظاهرين لمقر جمعية المصارف اللبنانية، مطالبين بأن تكون الليرة اللبنانية هي العملة الوحيدة التي يتم التعامل بها في لبنان، ورفع السرية عن حسابات المسؤولين ووقف الإجراءات الاقتصادية التي أفقرت الشعب اللبناني، وقد نجحت قوات الأمن في إخلاء المبنى من المتظاهرين واعتقال 4 منهم.

وبينما كان هناك إقبال حاشد من المواطنين في اليوم الأول لعمل المصارف، فوجئ الجميع بقرار الإدارة الأمريكية حجب مساعدات عسكرية إلى لبنان بقيمة 105 مليون دولار، وهو القرار الذي أوضحت مصادر لوكالة رويترز بأنه على خلفية مطالبات إسرائيلية لمعاقبة الجيش اللبناني على عجزه في وقف تسليح حزب الله، خصوصًا من الأسلحة الدقيقة، كما أوضحت المصادر بأن تلك المساعدات كانت عبارة عن نظارات للرؤية الليلية وأسلحة تستخدم في تأمين الحدود كان من المفترض أن يتم تزويد بيروت بها في شهر أيار/مايو القادم.

في السياق، ألقى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، كلمة ظهر الجمعة أنكر فيها اتهامه للحراك بأنه من تمويل السفارات الأجنبية، موضحًا بأنه كان يُحذر فقط من أن يركب أحد موجة الحراك الذي وصفه بأنه نجح خلال الأسبوعين الماضيين في تجنب الوقوع فيما كان يُخطط له البعض للذهاب به إلى الفوضى، مستنكرًا الشتائم والسباب الذي وجهه المتظاهرون لبعض المسؤولين والشخصيات السياسية، والذي وصفه بأنه كان بتحريض من بعض الشخصيات لإدخال البلاد في مشاحنات طائفية وأهلية، وهو ما نجح الحراك في تفاديه وتفادي السيناريوهات الأخرى مثل الانقلاب السياسي أو حالة الفراغ الذي أراد البعض الذهاب بالبلاد إليه، والذي تسبب في إيجاد حالة توتر.

وهي تصريحات تُظهر حسب متابعين، الموقف الصعب لنصرالله، بعد أن أدان علنًا الحراك واتهمه بتهم عديدة، وبعد أن شارك مؤيدوه في قمع وضرب المحتجين.

وأكد الأمين العام على قوة حزبه التي وصفها بأنها الأقوى على الإطلاق في الوقت الراهن، قائلًا: "لسنا قلقين على أنفسنا لأننا أقوياء جدًا ولم يأت زمان على المقاومة في لبنان وكانت فيه بهذه القوة، وحزب الله لم يتصرف بأي من أوراق قوته حتى الآن".

وأشار نصر الله خلال كلمته بمناسبة حفل تأبين السيد جعفر المرتضى، إلى أن العمل الاحتجاجي هو حق لكل الناس، مطالبًا من أراد الاستمرار فيه بعدم إحداث صدام بين الشوارع والقواعد المؤيدة للقوى السياسية، مُحذرًا من الدفع بأخذ الحراك باتجاه طائفي بعد أن أظهر عبوره للطائفية والطوائف.

يظهر الخطاب الأخير حسب متابعين، الموقف الصعب لنصرالله، بعد أن أدان علنًا الحراك واتهمه بتهم عديدة، وبعد أن شارك مؤيدوه في قمع وضرب المحتجين

وعقب كلمة نصر الله، خرج رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، في مؤتمر صحفي ألقى خلاله كلمة هو الآخر طالب فيها بما أسماه "خطوة إنقاذية كبرى"، تتمثل في حكومة مختلفة عن كل الحكومات السابقة التي اشتركت جميعها بنفس الوجوه المعبرة عن نفس الفرقاء السياسيين، الذين كانوا المكون الأساسي في جميع الحكومات، والتي كانت نتيجتها الوضع الحالي المتأزم، موضحًا بأن المطلوب هو حكومة إنقاذ يتم تشكيلها من شخصيات مستقلة ذوي اختصاص غير مرتبطين بحسابات سياسية أو شخصيات سياسية ونظيفي اليد.