استمرت الاحتجاجات المناهضة للنظام الطائفي في معظم المناطق اللبنانية، أمس الخميس واليوم الجمعة، بالتزامن مع إلقاء الرئيس اللبناني ميشيل عون، خطابًا بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لتوليه رئاسة الجمهورية، وصفه عديدون بأن دون المستوى.
بدا خطاب عون بالنسبة للعديد من المتابعين والناشطين، فارغًا ومنفصلًا عن الواقع، ولا يبدو مدركًا لتطور مطالب المحتجين في ساحات الاعتصام
وتجمع المئات من المتظاهرين أمس الخميس، أمام مصرف لبنان مرددين شعارات ضد حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، وهي مسيرة دعت لها مجموعة أطلقت على نفسها اسم "تجمع مهنيات ومهنيين"، وتضم تجمعات من مستقلين ومستقلات ينتمون إلى المهن الصحية "الطب، طب الأسنان والصيدلة"، الهندسة، المحاماة، العمل الاجتماعي، أساتذة الجامعات، الصحافة، الاقتصاد، السينما، الكتابة والتمثيل، وقد انطلقت باتجاه ساحة رياض الصُلح يقودها مجموعة من أساتذة الجامعات والصحفيين والكُتّاب.
اقرأ/ي أيضًا: الانتفاضة اللبنانية مستمرة واستمرار إقفال المصارف والمدارس
وقد ذكرت المجموعة في دعوتها أنها خرجت للتنديد باجتياح ميليشيا السلطة لساحتي الاعتصام في رياض الصلح والشهداء لترهيب الناس وإجبارهم على إخلاء الساحات، ولإدانة تقاعس قوى الأمن في حماية المواطنين، طالبين النيابة العامة فتح تحقيق لمحاسبة المعتدين، كما طالبت بإعادة الأموال المنهوبة وكشف السرية المصرفية عن السياسيين ومن يتصدر المشهد السياسي العام.
وبين التجمع الذي قال عن نفسه بأنه نشأ في قلب الانتفاضة، أن استقالة الحكومة هي الخطوة الأولى والنتيجة الأولى لثلاثة عشر يومًا من التظاهر والاعتصام والصمود، مؤكدين على استمرار ضغطهم من أجل الخطوة التالية وهي تشكيل حكومة مدنية انتقالية لا تتمثل فيها أحزاب السلطة وتحظى بثقة الشعب لتتخذ إجراءات قوية لحماية المجتمع من المخاطر الاقتصادية التي تهدده.
وقد انطلقت المسيرة في تمام الساعة الرابعة إلا ربع نحو ساحة رياض الصلح بصحبة مجموعات النشطاء والحركات، وقد أعلنت مجموعة "لحقي" السياسية الاشتراك في المسيرة ودعم مطالبها، بينما ظل عدد من المتظاهرين أمام المصرف للاعتصام أمامه للضغط بإكمال المطالب، مُرددين شعارات ضد حاكم مصرف لبنان والإجراءات الاقتصادية التي اعتبروها السبب في افقار الناس.
وقد عقدت كتلة الوفاء للمقاومة النيابية مؤتمرًا صحفيًا قال خلاله النائب عن حزب الله علي مقداد، المتحدث باسم الكتلة، إنهم يدعون القوات الأمنية وقوات الجيش اللبناني إلى حماية حق المواطنين في التظاهر وكذلك حق التنقل، في إشارة إلى فتح الطرقات والجسور التي أغلقها المتظاهرون للضغط على السلطة، داعيًا مصرف لبنان إلى اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لعدم خروج الوضع المالي عن السيطرة.
ودعا النائب عن حزب الله إلى حوار وطني واسع للخروج من الأزمة التي قال إن استقالة الحريري تساهم في هدر الوقت المتاح لحلها، كما أدان المقداد ما أسماه التدخلات الأمريكية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة والتي رأى أنها السبب الأساسي فيما أسماه الفوضى الحادثة في المنطقة.
وفي مساء الخميس، ألقى الرئيس ميشال عون، خطابًا بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لتوليه رئاسة الجمهورية، قال خلاله إنه عمل منذ توليه على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني لجميع اللبنانيين، وعدد بعضًا مما اعتبرها إنجازاته خلال السنوات الثلاث الماضية، مثل قانون الانتخابات والعمل على عودة النازحين السوريين، والتشكيلات الجديدة في صفوف قوات الجيش والشرطة لمكافحة الإرهاب، وكذلك الإشارة إلى التعيينات الأخيرة في سلك القضاء الذي قال إن عليه تطهير نفسه بنفسه خلال عملية متواصلة ومستمرة.
وأضاف عون في خطابه المُسجل أن عهده قد شهد عودة المالية العامة لكنف الدولة وقانون المحاسبة العامة، ليتم إقرار 3 موازنات بعد 12 عامًا من الصرف العشوائي المخالف للدستور، وكذلك إحالة موازنة عام 2020 للبرلمان دون ضرائب إضافية على المواطنين وبنسبة عجز ضئيلة وغير مسبوقة، مشيرًا إلى رفضه التسويات على الحسابات المالية وإعادة تكوين تلك الحسابات منذ عام 1993 وإحالتها إلى ديوان المحاسبة للتدقيق قضائيًا بصحتها، موضحًا بأن الأزمة الاقتصادية الحالية هي ناتجة عن تراكم سياسات اقتصادية ومالية غير ملائمة واتساع أبواب الهدر والفساد بجانب أزمات المحيط الإقليمي وحروبه، منوهًا إلى إقرار مراسيم استخراج النفط والغاز التي سيبدأ العمل فيها خلال شهرين.
وقد خصص عون جزءًا من خطابه للحديث عن أزمة النازحين السوريين في بلاده، قائلًا بأن هناك أعباء مترتبة على هذا الملف قد قام بعرضها على المنابر الدولية والعربية والتي اكتفت بالكلام المنمق عن الدور الإنساني، وربط الملف بالحلول السياسية مع ضغوط لإبقاء النازحين حيث هم لاستعمالهم ورقة ضغط عند فرض التسويات السياسية، وهذا ما رفضه لبنان والذي قال بأنه اليوم يدفع ثمن هذا الرفض.
اقرأ/ي أيضًا: الحريري يضع استقالته في تصرف رئيس الجمهورية وقمع الاحتجاجات مستمر
وتوجه رئيس الجمهورية بالحديث إلى المتظاهرين مؤكدًا على الاستماع لأصواتهم رغم الضجيج الذي حاول أن يخنقه ويذهب به إلى غير مكانه، مؤكدًا بأن الحكومة المستقيلة قد أقرّت خططًا ومشاريع مهمة رغم مشكلتها كما سابقاتها، المتمثلة في المقاربات السياسية التي هي أكثر من تقنية وتنفيذية.
وقال عون إن الاعتبار الوحيد المطلوب من الحكومة الجديدة سيكون تلبية طموحات اللبنانيين ونيل ثقتهم كما ثقة ممثليهم في البرلمان، وأنه سيتم اختيار الوزراء والوزيرات وفق كفاءاتهم وخبراتهم وليس وفق الولاءات السياسية أو استرضاءً للزعامات، داعيًا اللبنانيين المتظاهرين إلى الضغط على نوابهم لإقرار مجموعة من القوانين منها "إنشاء محكمة خاصة بالجرائم الواقعة على المال العام، إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، استرداد الأموال المنهوبة، ورفع الحصانات ورفع السرية المصرفية عن المسؤولين الحاليين والسابقين وكل من يتعاطى بالمال العام، متعهدًا بإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية".
استمرت الاحتجاجات المناهضة للنظام الطائفي في معظم المناطق اللبنانية بالتزامن مع خطاب لعون وُصف بأنه دون المستوى
وبدا خطاب عون بالنسبة للعديد من المتابعين والناشطين، فارغًا ومنفصلًا عن الواقع، ولا يبدو مدركًا لتطور مطالب المحتجين في ساحات الاعتصام.