15-يونيو-2020

قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الداعية لانفصال الجنوب (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

في إطار الصراع الدائر للسيطرة على العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بين الرياض وأبوظبي الحليفين الأساسيين في تحالف مشترك يخوض الحرب اليمنية الدائرة خلال السنوات الماضية، قامت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي بالاستيلاء على شحنة من مليارات الريالات اليمنية كانت في طريقها للبنك المركزي اليمني في عدن، في أحدث تصعيد جديد منذ إعلانهم في مناطق الجنوب الخاضعة لسيطرتهم حكمًا ذاتيًا.

قامت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي بالاستيلاء على شحنة من مليارات الريالات اليمنية كانت في طريقها للبنك المركزي اليمني في عدن، في أحدث تصعيد جديد 

وقال البنك المركزي اليمني في بيان، إن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي استولت على حاويات من الأموال عند خروجها من ميناء عدن، فيما أشار مسؤول في الحكومة اليمنية الشرعية إلى أن موكب الحاويات كان ينقل أوراقًا نقدية قدرها 64 مليار ريال يمني، ما يعادل 256 مليون دولار أمريكي، طُبعت في روسيا لحساب البنك المركزي.

اقرأ/ي أيضًا: ما مستقبل التواجد الإماراتي في اليمن بعد اتفاق الرياض؟

فيما أشار مصدر في البنك المركزي إلى أن سبع حاويات محملة بالنقود المطبوعة في روسيا "تمت قرصنتها من ميناء عدن، وتحويل مسارها إلى معسكر جبل جديد، الذي يضم مقر قيادة القوات الانفصالية المدعومة إماراتيًا"، لافتًا إلى أن الحاويات التي وصلت خلال الأسابيع الماضية كانت ضمن دفعة تضم 400 مليار ريال، وأغلبها من فئة مائة أو مائتي ريال يمني، وأنها لم تحصل على الصفة القانونية للتداول بعد، وهي المرة الثانية التي يستولي فيها المجلس الانتقال على أموال مطبوعة كانت في طريقها للحكومة اليمنية خلال العام الجاري.

في الأثناء قال المجلس الانتقالي في بيان له إن "التحفظ على هذه الأموال يهدف إلى تصحيح مسار عمل البنك، وضمان اتخاذه إجراءات جادة وفعالة لكبح جماح ارتفاع سعر الصرف الأجنبي أمام العملة المحلية وإعادة التوازن إلى مستويات مقبولة تتناسب مع الكلفة الاقتصادية للعملة"، متهمًا حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي بإغراق السوق بعملة مالية دون غطاء، مع إهمال تنمية الموارد المحلية كالضرائب والجمارك وعوائد الاتصالات، ورسوم مرور الأجواء للطيران، وعوائد مبيعات نفط وغاز مأرب ومنفذ الوديعة.

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي قد أعلن انقلابه على الحكومة اليمنية المدعومة من الرياض في آب/أغسطس الماضي، وقامت قواته بالسيطرة على مدينة عدن، التي اتخذتها الحكومة اليمنية عاصمةً مؤقتة لها بعد سيطرة جماعة أنصار الله الحوثي المدعومة من طهران على العاصمة صنعاء، ردًا على رفض عبد ربه هادي مطالبهم بإقالة الحكومة، وإلغاء قرار رفع الدعم عن الوقود في أيلول/سبتمبر من العام 2014، مما أدخل البلاد في صراع عسكري بالوكالة أسفر عن عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، فضلًا عن الأوبئة التي اجتاحت المدن اليمنية بسبب الحرب الطاحنة.

ومع تصاعد الاشتباكات بين قوات الحكومة من جهة، وقوات المجلس الانتقالي التي تنادي بالانفصال من طرف، أعلن الانتقالي الجنوبي في نيسان/أبريل الماضي إقامة حكم ذاتي في المناطق الواقعة تحت سيطرته في الجنوب، بما فيها العاصمة المؤقتة عدن بدعم من أبوظبي.

على الرغم من تقليص أبو ظبي لتواجدها العسكري بإعلان انسحابها من اليمن العام الماضي، فإنها احتفظت بنفوذها من خلال دعمها لآلاف المقاتلين الجنوبيين الانفصاليين، الأمر الذي يهدد بتجديد الصراع بين الشريكين الأساسيين في الحرب اليمنية، مما سيكون له ارتدادت سلبية ستزيد من معاناة المدنيين الذين يعيش أكثر من 80 بالمائة منهم تحت خط الفقر بحسب عديد التقارير الأممية.

وكانت مناطق الجنوب قد دخلت مرحلة جديدة من الصراع في أيار/مايو الماضي، بعدما أعلن الانفصاليون سيطرتهم على مؤسسات الضرائب، جمارك المعلا، جمارك المنطقة الحرة، ضرائب كبار المكلفين، هيئة الموانئ، شركة النفط، وشركة مصافي عدن، التي تتبع في هيكليتها الإدارة للمؤسسات الرسمية التي تشرف عليها الحكومة في العاصمة المؤقتة.

وبعدما أعلن المجلس الانفصالي إقامته لحكم ذاتي في الجنوب، أصدر قرارًا بتحويل إيرادات المؤسسات الرسمية في عدن إلى حسابات تجارية في البنك الأهلي اليمني، بعدما كانت المؤسسات الحكومية ترصد إيراداتها في حسابات رسمية بالبنك المركزي، في وقت يجري الحديث عن توجه مؤسسات أخرى لفتح حسابات تجارية لها في البنك الأهلي.

بينما وقعت الحكومة اليمنية مع المجلس الانتقالي اتفاقًا في العاصمة الرياض في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، لحل الإشكالات العالقة بينهما عقب سيطرة المجلس الانتقالي على عدن، وإلى جانب البنود الرئيسية فإن الاتفاق تضمن ملحقات للترتيبات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وأخرى للترتيبات الأمنية بين الطرفين، غير أن المجلس الانتقالي انقلب على اتفاق الرياض، المشكوك بدوره الحقيقي، ببسط سيطرته على النسبة الأكبر من مناطق الجنوب مطالبًا بالانفصال عن الشمال الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وفي أحدث ورقة تقدير موقف صادرة عن مركز أبعاد للدراسات والبحوث اليمني، وهو مركز بحثي مستقل غير حكومي، توقع المركز في الورقة البحثية أربعة سيناريوهات يمكن للحكومة اليمنية التعامل معها بعد فشل الاتفاق الموقع بين المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية في الرياض، مشيرًا إلى أن السيناريو الأول يدخل في إطار "المضي قدما في اتفاق مع الحوثيين، قد يؤدي إلى اعتبار السعودية هزمت في حرب اليمن ضد مليشيا مسلحة واحدة تابعة لإيران".

اقرأ/ي أيضًا: خروقات المجلس الانتقالي في جنوب اليمن.. اتفاق الرياض الذي ولد ميتًا

وتوقع السيناريو الثاني أن تدعم أطراف الصراع اليمني المتعددة "تفكيك اليمن بإيجاد سلطات متعددة ودويلات صغيرة جنوبًا، مقابل دولة للحوثيين شمالي البلاد، ووقف دعم الحكومة الشرعية"، مضيفًا أن السيناريو الثالث قد يتوقع "دعم الحكومة اليمنية وحلفائها المحليين الذين تثق بهم السعودية للحفاظ على اليمن كدولة واحدة مكتملة، والتفكير لاحقًا بأي أهداف مختلفة، والتوجه لنزع سلاح المليشيات الثقيل في الشمال والجنوب لحماية حدودها ودعم الدولة اليمنية".

 أشار مصدر في البنك المركزي إلى أن سبع حاويات محملة بالنقود المطبوعة في روسيا تمت قرصنتها من ميناء عدن، وتحويل مسارها إلى معسكر جبل جديد، الذي يضم مقر قيادة القوات الانفصالية المدعومة إماراتيًا

في حين توقع السيناريو الرابع أن السعودية "قد تضطر لبناء شرعية موازية للشرعية الحالية وتكون مقبولة من الإمارات وحلفائها جنوبا، وإيران وحلفائها شمالا"، وأوضح المركز في نهاية الورقة أن السيناريو الأخير "هو المتوقع حدوثه إلى حد ما في ظل تعقيدات الوضع اليمني ومستجدات الصراع الإقليمي والدولي، الذي أتاح للاعبين جدد الدخول إلى الملعب اليمني".