09-فبراير-2023
getty

اعتبرت منظمة أمنيستي عمليات الهدم المستمرة امتدادًا للانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان التي شهدتها منطقة جامو وكشمير (Getty)

دعت منظمة العفو الدولية الأربعاء 8 شباط/فبراير الحكومة الهندية إلى وقف عمليات الهدم في كشمير على الفور وتعويض المتضررين، معتبرةً أن عمليات الهدم تلك استمرار للانتهاكات الوحشية التي تقوم بها الهند في مجال حقوق الإنسان،  وجاء بيان المنظمة ردًا على قيام السلطات الهندية بهدم المنازل والشركات في سريناغاروبودجام وأنانتناغ وبارامولا في جامو وكشمير، وهي عمليات مستمرة منذ الرابع من شهر شباط/فبراير الجاري.

دعت منظمة العفو الدولية الأربعاء 8 شباط/فبراير الحكومة الهندية إلى وقف عمليات الهدم في كشمير على الفور وتعويض المتضررين

وجاء في نص بيان أمنستي "أن عمليات الهدم المستمرة هي امتداد للانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان التي شهدتها منطقة جامو وكشمير، المنطقة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في الهند، تاريخياً، يمكن أن ترقى عمليات الهدم هذه إلى عمليات الإخلاء القسري التي تشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان".

وأضاف بيان العفو الدولية أنه "بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والهند دولة طرف فيه، لكل فرد الحق في السكن اللائق الذي يتضمن حظر عمليات الإخلاء القسري، وحيثما كان هناك ما يبرر عمليات الإخلاء، ينبغي أن تتم وفقا للمبادئ العامة للمعقولية والتناسب، وأن تشمل ضمانات الإشعار المعقول والكافي، فضلًا عن توفير سبل الانتصاف القانونية لانتهاك الحقوق، وتقديم المساعدة القانونية للأشخاص الذين يحتاجون إليها".

ونقلت أمنستي عن رئيس مجلس مكتبها في الهند آكار باتيل قوله: "يجب على السلطات الهندية أن توقف على الفور حملة الهدم وأن تضمن وضع ضمانات ضد عمليات الإخلاء القسري على النحو المبين في المعايير الدولية لحقوق الإنسان قبل تنفيذ أي عمليات إخلاء"، مردفًا القول: "يجب على السلطات الهندية تقديم تعويض مناسب لجميع المتضررين دون تمييز، وضمان حصول ضحايا عمليات الإخلاء القسري على سبل انتصاف فعالة ، ومحاسبة المسؤولين".

.

وأشارت أمنستي إلى أنه، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام فإن العديد من السكان يقولون "إنهم لم يتلقوا أي إخطارات مسبقة من الإدارة"، كما يقول العديد منهم إن "لديهم وثائق تثبت ملكيتهم لممتلكاتهم، لكن السلطات لم تمنحهم فرصةً لتقديم مطالباتهم قبل تشغيل الجرافات على منازلهم".

وفي سياق متصل، يواصل المئات من المسلمين المقيمين في منطقة بانبهول بورا التابعة لمديرية هالدواني في ولاية أوتار خاند شمالي الهند احتجاجاتهم المستمرة منذ أيام، رفضًا لقرار قضائي صادر عن المحكمة العليا بولاية أوتار خاند بهدم أكثر من 4000 منزل  لصالح إقامة مشروع سكة حديد. 

وسيؤثر قرار الهدم في حال تنفيذه على 50 ألف شخص، جلّهم من الأقلية المسلمة التي سبق واستهدفت ممتلكاتها بالهدم في قرارات مماثلة في أوتار براديش وماديا براديش ونيودلهي وجوجارات ومناطق أخرى، تحت ذريعة "التعدي غير القانوني" على أملاك عامة، وذلك على الرغم من أن سكان المناطق توارثوا العيش في مساكنهم عبر عقود.

وفي التفاصيل منحت محكمة هندية سكان منطقة بانبهول بورا مهلة أسبوع لإخلاء مساكنهم التي يعيشون فيها منذ عقود قبل إزالتها، وعبّر سكان المنطقة عن رفضهم لقرارات المحكمة بالنزول إلى الشارع في احتجاجات انطلقت منذ أيام، رفعوا فيها شعارات تطالب بنقض القرار الذي يضعهم أمام مستقبل غامض ويضحي بتعليم أبنائهم في المنطقة بجعلهم يقيمون في العراء في ذروة فصل الشتاء. 

وشارك المحتجين في احتجاجهم سياسيون من حزب الكونغرس المعارض، في الوقت الذي دان فيه مجلس الهنود المسلمين في أمريكا قرار المحكمة الهندية الذي وصفه "بالانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان في ظل سلطة حزب الشعب الهندي الحاكم برئاسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي".

وذكر المجلس في بيانه أن "الحكم يهدد 4365 منزلًا، تسكنها نحو 4500 عائلة معظمهم من المسلمين"، مؤكدًا في ذات السياق أنّ "الجرافات والمعدات الثقيلة ستزيل المنازل وبحراسة نحو 7 آلاف شرطي و15 مجموعة شعبية".

كما اعتبر بيان المجلس أن ادعاء المحكمة أن السكان استوطنوا المنطقة بشكلٍ غير قانوني وأن الأرض التي يقطنونها ملك لسلطات السكك الحديدية ادعاءً باطلًا، مشيرًا إلى أن "آلاف الأسر في المنطقة تدفع فواتير الكهرباء ومختلف الخدمات والضرائب وغيرها من الوثائق والاعتمادات التي تقنّن سكنهم فيها".

وتحظى ولاية أوتار خاند بأهمية دينية لدى الهندوس وتضم عددًا كبيرًا من المعابد الهندوسية، كما تعد منطقةً مهمةً جيوسياسيًا حيث تقع بمحاذاة نيبال ومنطقة التبت الصينية.

.

وبحسب ميدل إيست آي فإنه في قضية الهدم الحالية تبنت وسائل الإعلام الهندية "رواية شائنة تصور المتظاهرين المسلمين على أنهم ‘عصابة جهادية‘ بنشر نظرية المؤامرة التي تم نشرها ضد المسلمين في مناطق أخرى أيضًا من الهند، باستخدام الادعاء الكاذب بأنهم يحتلون أراضي هندوسية بشكلٍ غير قانوني".

وبحسب ذات الموقع "تعتمد سياسة حزب بهاراتيا جاناتا بشدة على الدفع بإعادة تصور الأرض الهندية كأرض هندوسية مقدسة تحت تهديد دائم بالانتهاك من قبل المسلمين".

ويضيف تقرير ميدل إيست أي بأن  هذه الرواية التي اكتسبت شعبيةً كبيرةً في السنوات الأخيرة، لها جذور أعمق بكثير. فقد أكدت الشخصيات المهمة التي أرست أسس القومية الهندوسية وخاصة فيناياك دامودار سافاركار وإم إس غولوالكار، على "الإزالة الثقافية للمساحات الإسلامية كخطوة ضرورية نحو تحقيق الأهداف القومية".

وأشار التقرير إلى قيادة القوميين الهندوس "حملات ضد صلاة المسلمين في الأماكن العامة واستخدام مكبرات الصوت في المساجد للأذان".

سيؤثر قرار الهدم في حال تنفيذه على 50 ألف شخص، جلّهم من الأقلية المسلمة التي سبق واستهدفت ممتلكاتها بالهدم في قرارات مماثلة في أوتار براديش وماديا براديش ونيودلهي وجوجارات

يشار أخيرًا إلى أنه في السنوات الأخيرة، أصبحت سياسة الهدم جزءًا لا يتجزأ من الخطاب الإداري لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، وقد دفع ذلك شبكة "سابرانغ" الصحفية الحقوقية إلى اعتبار أن عام 2022 كان عام "عدالة الجرافات" لكثرة وقائع إزالة منازل المسلمين في مختلف الولايات الهندية خلال الشهور الماضية، وفقًا لتقرير صادر عن الشبكة 30 كانون الأول/ديسمبر الماضي.