09-أكتوبر-2022
الهند مسلمات

يتواصل اضطهاد المسلمين في الهند (FT)

نشرت منظّمة هيومن رايتس ووتش تقريراً رصدت فيه تزايد وتيرة ما أسمته "العقوبات غير القانونية" ضد المسلمين في الهند على يد السلطات الهندية.

مدير مكتب جنوب آسيا في هيومن رايتس ووتش: هذه العقوبات غير القانونية أصبحت وكأنها "سياسة دولة"

وقالت المنظّمة أن هذه العقوبات غير القانونية أصبحت وكأنها "سياسة دولة" في تصريحٍ لـ"ميناكشي غنغولي"، مدير مكتب جنوب آسيا في هيومن رايتس ووتش. وقال "غنغولي" أن ما ترتكبه السلطات من عنفٍ ضد المسلمين هو "عقوبة غير قانونية"، مضيفاً أن "المسؤولين يتجاهلون سيادة القانون تجاهلاً صارخاً ليرسلوا رسالة مفادها أن التمييز ضد المسلمين ومهاجمتهم هو أمرٌ ممكن."

وبحسب التقرير فإن العقوبات غير القانونية والتعسّفية قد شهدت تزايداً في عددٍ من الولايات التي يحكمها الحزب الهندوسي القومي "بهاراتيا جاناتا"، حيث يرصد التقرير تدمير منازل بعض المسلمين وممتلكاتهم وجلدهم باستخدام العصي مؤخّراً دون مسوّغٍ قانوني.

يسلّط التقرير الضوء على بعض الحوادث منها ما كان يوم 4 تشرين الأول/أكتوبر في مدينة "خيدا"، الواقعة في ولاية «كجرات» شمال غربي الهند، حيث اعتقلت السلطات 13 شخصاً تحت ذريعة رميهم الحجارة على جمعٍ من الهندوس يؤدّون طقوس رقصة الـ «غاربا» (أحد الطقوس في الديانة الهندوسية) خلال مهرجانٍ هندوسي. وقد أثارت الحادثة جدلاً شعبياً بعد انتشار فيديو لأحد رجال الشرطة الذي يرتدي ملابس مدنية وهو يجلد عدداً من المسلمين فيما كان هناك رجال شرطة آخرين يثبّتون المسلمين على عواميد كهرباء تحت تهليل وصرخات المتفرّجين. ومن الجدير بالذكر، بحسب التقرير، بأن بعض الجهات والقنوات التلفزيونية المؤيّدة للحكومية قد أشادت بفعل رجال الشرطة. وعلى الجانب الآخر أعلنت الشرطة فتحها لتحقيق في الحادثة "فقط" بعد الانتقادات الواسعة التي انتشرت على شبكات التواصل. 

ورصد التقرير حادثةً أخرى مشابهة قبل ذلك بيومين تبعها قيام السلطات بتدمير منازل ثلاث رجال مسلمين دون ترخيص قانوني بحجة عدم قانونيتها في مدينة "خارجون"، الواقعة في ولاية "مدهيا برديش" في وسط الهند.

ويأتي ذلك بعد قيام السلطات بتدمير عددٍ كبيرٍ من المنازل معظمها لمسلمين في شهر نيسان/أبريل الفائت في عدة مدن كان منها حي "جاهانغريبوري" في "ديلهي"، وحدث ذلك عقب دخول بعض الهندوس المسلّحين إلى مناطق مسلمة وهتافهم هتافات معادية للإسلام أمام المساجد دون تدخّل الشرطة وقتها، مما أدّى إلى اقتتالات بين السكان.

وعلى الرغم من تبرير السلطات لعمليات الهدم بأن البيوت المهدومة غير قانونية، إلا أن سلوك السلطات يدلّ على أن هذه القرارات ما هي إلا عقوبة جماعية للمسلمين وتحميلهم لمسؤولية الاقتتالات كما يصفها التقرير. وقد صرّح وزير السكن في ولاية "مدهيا بريش" التابع لحزب بهاراتيا جاتا أن "البيوت المتورّطة في رمي الحجارة على الناس ستتحوّل إلى أنقاض."

وفي حادثةٍ أخرى يرصدها التقرير، دمّرت السلطات ما لا يقل عن 16 منزلاً و29 محلّاً في مدينة "خارجون"، وقد قال أحد المسؤولين المحليين وقتها: "إيجاد المجرمين واحداً واحداً هي عملية تستنزف الوقت، ولهذا قمنا بالبحث في كل المناطق التي حدثت فيها حوادث شغب ودمّرنا جميع المنشآت غير القانونية لنلقّن المتمرّدين درساً". 

ويتحدّث التقرير عن حوادث مشابهة قامت فيها السلطات بتدمير ممتلكات ومنازل المسلمين دون إذن قانوني في مناطق أخرى من البلاد.

يأتي ذلك في سياق إدلاء مسؤولين مختلفين في الحكومة الهندية لتصريحات مستفزة لمشاعر المسلمين، كان منها تصريح أحد المسؤولين في الحزب الحاكم عن النبي محمّد، التي أجّجت احتجاجات عمّت أنحاء الهند في حزيران/يونيو الفائت واجهتها الدولة باستخدام العنف المفرط وفقاً لتقرير آخر لمنظّمة العفو الدولية، حيث أدّى ذلك إلى مقتل إثنين من المتظاهرين، وأيضاً تدمير عددٍ من المنازل، وعلى صعيدٍ آخر قامت السلطات باعتقال القيادي عقب هذه التصريحات.

إضافةً إلى ذلك، لاقت الكثير من سياسات الحزب الحاكم انتقاداتٍ واسعة بصفتها معادية للمسلمين تحديداً، كمنع الحجاب في المدارس بحجة أنه ليس من أساسيات الإسلام، ومنع الصلاة خارج المساجد، هذا غير مهاجمة بعض المتطرّفين الهندوس للمسلمين في صلاتهم، وسنّ قوانين مواطنة جديدة تمنع، وقد تحرم، بعض المسلمين من حقّ الجنسية، وُصفت بأنها معادية للمسلمين وتجريم الزواج بين المسلمين والهنود تحت ذريعة منع ما سُميّ بـ"جهاد الحب"، فضلاً عن قوانين سكنية تهدّد بتحويل مناطق المسلمين إلى مناطق مهمّشة أقرب إلى الغيتوهات.

ويُضيف التقرير أن الأمم المتحدة قد عبّرت للحكومة الهندية عن مخاوفها حول بعض عمليات الإخلاء التي قد تشكّل "صورةً من صور العقوبات الجمعية والتعسّفية بحق المسلمين والمجتمعات الفقيرة بسبب مشاركتها المزعومة في عمليات العنف المدني، مع ورود بعض التقارير بفشل السلطات بالتحقيق في هذه الحوادث، ومن ذلك التحريض على العنف والتخويف، التي ساهمت أصلاً في اندلاع هذا العنف."

وأضافت المنظّمة أن تدمير المنازل غير القانوني للمجتمعات المسلمة يضاعف من احتمالية استضعاف النساء والأطفال والشيوخ والأشخاص من ذوي الإعاقة التي تعيش في تلك المناطق.

تدمير المنازل غير القانوني للمجتمعات المسلمة يضاعف من احتمالية استضعاف النساء والأطفال والشيوخ والأشخاص من ذوي الإعاقة التي تعيش في تلك المناطق

وحذّر "غنغولي" في تصريحاته أيضاً أنه "إن لم تتخذ الحكومة الهندية إجراءاتٍ فورية للحدّ من القوانين والسياسات والتصرّفات القائمة على أساس التمييز والتي تستهدف الأقليات، فإن الجرّافات والعصي ستحلّ مكان القانون."