23-يناير-2023
مظاهرات تندد بإرهاب الدولة في الهند

مظاهرات تندد بإرهاب الدولة في الهند (Getty)

حظرت الهند فيلمًا وثائقيًا من إنتاج هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) يتحدث عن دورٍ لرئيس الوزراء ناريندرا مودي في أعمال شغب وعنف دمويّة ضد المسلمين حصلت قبل أكثر من 20 عامًا، في ولاية غوجارات. وقد أثار هذا الإجراء عاصفة من الانتقادات داخل الهند وخارجها، إذ وُصف بأنه اعتداء وخيم على حرية الصحافة، كما وصف ناشطون حقوقيون مودي بأنه "مفترس الصحافة". 

وصف مودي في تعليقات عدد من الناشطين والجمعيات الحقوقية بأنه "مفترس الصحافة"

وبحسب ما نقلت شبكة سي أن أن الأمريكية عن أحد كبار مستشاري وزارة الإعلام والإذاعة في الهند، فإن التوجيهات بحظر الفيلم الوثائقي قد صدرت بالاعتماد على "صلاحيات قانون الطوارئ"، والتي تمكّن الحكومة من تطبيق مثل هذه الإجراءات المتطرّفة، بدعوى أن المحتوى الذي يتضمنه الفيلم يشكل “دعاية مغرضة وافتراء يقوض سيادة الهند وأمنها، كما أنه ينال من العلاقات بين الهند والدول الأخرى، إضافة إلى تهديده للأمن العام داخل البلاد". 

وقال كانشات غوبتا، وهو مسؤول رفيع في الحكومة الهندية، وأحد كبار مستشاري مودي، على حسابه على تويتر: "لقد تم حظر مقاطع الفيديو التي تبثها "بي بي سي" والتي تمثل دعاية مغرضة تتنكر على شكل" وثائقي" على يوتيوب، وتمثل انتهاكًا للقوانين والسيادة في الهند." 

أمّا المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الهندية، أريندام باجشي، فقد انتقد الوثائقي ووصفه بأنه "مادة دعائية مصممة من أجل الترويج لرواية تفتقر إلى المصداقية". 

مودي متورط في أعمال عنف طائفية

الفيلم الوثائقي الاستقصائي الذي يحمل عنوان: "الهند ومسألة مودي" (India: The Modi Question)، يسلط الضوء على الفترة التي كان مودي خلالها رئيسًا لوزراء ولاية غوجارات الغربية عام 2002، عندما اندلعت أعمال شغب بين الأغلبية الهندوسية في الولاية والأقلية المسلمة من المواطنين هناك، وراح ضحيتها زهاء 1000 شخص معظمهم من المسلمين. 

وقد صعد ناريندرا  مودي وحزبه الحاكم "بهاراتيا جاناتا" اليميني المتطرف إلى سدّة السلطة في الهند في عام 2014، بالاتكاء على خطاب شعبوي قوميّ هندوسي معادٍ للمسلمين، في الدولة التي يبلغ عدد مواطنيها زهاء 1.3 مليار نسمة حاليًا، ويشكّل المسلمون حوالي 20% منهم. وكان مودي قد نفى فيما سبق اتهامات وجهت ضدّه بأنه تعمّد الإخفاق في وقف أعمال العنف في عام 2002، كما لم يجد فريق تحقيق خاص عينته المحكمة العليا الهندية بعد مضي 10 سنوات على الواقعة، أي دليل يشير إلى أنه يتحمل المسؤولية.

من جهتها، ردّت بي بي سي على الاتهامات الموجهة ضدّها عبر بيان نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء فيه إن الفيلم الوثائقي "خضع للبحث الدقيق وفقًا لأعلى معايير التحرير". وأضاف البيان أن الفيلم أخذ في الاعتبار "مجموعة واسعة ومتعددة من الأصوات والشهود والخبراء، بما في ذلك ردود أعضاء في حزب بهاراتيا جاناتا. 

وأوضح بيان "بي بي سي" أن الحكومة الهندية رفضت الرد عندما اتصلت بها بي بي سي لطلب استيضاح حول حظر الوثائقي وشنّ حملة ضدّ الشبكة ومصداقيتها في الهند. 

تطهير عرقي

الوثائقي الذي أنتجته الشبكة يعتمد على تحقيق استقصائي يعرض تقريرًا سريًا أعدته الحكومة البريطانية، كان على شكل "برقية دبلوماسية". ويتحدث هذا التقرير، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، عن أعمال العنف التي حصلت عام 2002، والتي اشتملت على جرائم  تحمل "كل بصمات التطهير العرقي"، من بينها عمليات "اغتصاب على نطاق واسع وشكل منهجي بحق النساء المسلمات".

وقالت بي بي سي إن جاك سترو، الذي كان وزيرًا للخارجية البريطانية في عام 2002، وشارك في الوثائقي، قد أشار إلى أن مودي قد أدى "دورًا استباقيًا [سلبيًا]، حيث أمر بسحب الشرطة وحرّض المتطرفين الهندوس بشكل ضمنيّ".

وقد بُث الجزء الأول من الفيلم الوثائقي على "بي بي سي" في المملكة المتحدة في 17 كانون الثاني\يناير الجاري، ومن المقرر بث الجزء الثاني يوم غد الثلاثاء، 24 من الشهر نفسه. وقد عرضت أجزاء منه على يوتيوب، منها مقاطع مسجّلة نشرها مستخدمون في الهند وخارجها دون تصريح من البي بي سي، قبل أن تنتشر بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي وتحدث ضجّة في الهند.  

يذكر أن قرار حظر الفيلم الوثائقي يأتي في خضم تزايد التضييق على وسائل الإعلام وخنق حرية الصحافة في ظل حكومة مودي في الهند

يذكر أن قرار حظر الفيلم الوثائقي يأتي في خضم تزايد التضييق على وسائل الإعلام وخنق حرية الصحافة في ظل حكومة مودي في الهند، حيث يتعرض الصحفيون ووسائل الإعلام المستقلة والمعارضة إلى مضايقات حكومية وملاحقات قضائية مستمرة. وقد أدى ذلك إلى تراجع الهند ثماني درجات في مؤشر حرية الصحافة، لتكون في المرتبة 150 بين 180 دولة، وهو أسوأ ترتيب لها على الإطلاق منذ بدء المؤشر.