14-فبراير-2024
مخاوف من مجزرة جماعية ترتكب برفح (منصة إكس)

مخاوف من مجزرة جماعية ترتكب برفح (منصة إكس)

في خضم الإصرار الإسرائيلي على اقتحام رفح، المنطقة التي يتواجد فيها حاليًا غالبية سكان غزة، وهو ما يهدد بحدوث إبادة جماعية للنازحين؛ لا يبدو أن هناك أي موقف دولي صارم يوقف هذه العملية التي ستكون لها تداعيات كارثية. 

وفي هذا السياق، حمَّل موقع أمريكي الرئيس جو بايدن مسؤولية المجزرة الجماعية المحتملة التي قد تقع بسبب الهجوم الإسرائيلي المتوقع على رفح.

ولفت موقع "Responsible Statecraft"، إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي مصرّ على تنفيذ عملية عسكرية في رفح، غير أبه بتحذيرات بايدن "الواهنة" من مخاطر تنفيذ العملية.

وشنت "إسرائيل" هجومًا جويًا على مدينة رفح، الإثنين الماضي، أسفر عن استشهاد ما يقرب من 70 مدنيًا. وبقدر ما كانت هذه الحرب مميتة للمدنيين الفلسطينيين حتى الآن، يمكن أن تكون المرحلة التالية للحرب أكثر فظاعة. فقد تجمع أكثر من مليون فلسطيني في رفح، ولم يتبق لهم مكان يذهبون إليه.

حمّل موقع أمريكي الرئيس جو بايدن مسؤولية المجزرة المحتملة التي قد تقع في رفح في حال نفّذت "إسرائيل" تهديداتها باجتياح المدينة

وحتى بعض مؤيدي "إسرائيل" في الولايات المتحدة وأوروبا يخشون من أن تكون العملية العسكرية في رفح كارثية على سكان غزة. فقد قالت الحكومة الألمانية، وهي من أكبر الداعمين للحرب الإسرائيلية، في وقت سابق من هذا الشهر إنّ: "الهجوم على رفح ببساطة غير مبرر".

ويهدد الهجوم الذي تستعد "إسرائيل" لشنّه على رفح، صفو علاقتها مع مصر. وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري إنَّ: "الهجوم سيسفر عن عواقب وخيمة". فيما صرح مسؤولان مصريان لوكالة "أسوشيتد برس" بأنَّ مصر قد تعلق معاهدة 1978 مع "إسرائيل" إذا واصلت هجومها البري، ولكن وزير الخارجية استبعد هذا الخيار.

وبحسب "Responsible Statecraft" قد تكون هذه التهديدات فارغة، لكن حدوث الهجوم سيكون مقياس حقيقي لمدى سوء العلاقات بين "إسرائيل" ومصر. 

أما إدارة بايدن، فأصدرت تحذيرًا شكليًا مفاده أنَّ العملية: "لا ينبغي أن تستمر دون خطة موثوقة وقابلة للتطبيق، لضمان السلامة والدعم لأكثر من مليون شخص لجأوا إلى هناك".

واعتبر الموقع الأمريكي أن هذا التحذير هو كغيره من التحذيرات التي سبقته، ليس له أي معنى، لأنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأنه ستكون هناك أية عواقب إذا تجاهل نتنياهو التحذير.

وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية حثت، في كل مرحلة من مراحل الحرب، الحكومة الإسرائيلية على الالتزام بالقانون الدولي وحماية المدنيين، لكن القوات الإسرائيلية شنت واحدة من أكثر الحملات تدميرًا في القرن الحادي والعشرين أوقعت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين في غضون أربعة أشهر فقط. وافترض نتنياهو بشكل صحيح أنه يستطيع تحمل تجاهل طلبات الإدارة الأمريكية، لأنه وحكومته لا يدفعون أي ثمن عندما يقومان بذلك.

وأفادت تقارير بأن بايدن أصبح أكثر إحباطًا من نتنياهو، ولكن يبدو أن هذه التسريبات حول إحباط بايدن هي للاستهلاك المحلي، إذ لا توجد في الواقع إشارات لتغيير حقيقي في السياسة الخارجية الأمريكية.

وفي بعض هذه التقارير، يقول مسؤولو الإدارة الأمريكية إنّ: "الرئيس ومستشاريه لا يزالون يعتقدون أن النهج المتمثل في دعم إسرائيل بشكل مطلق هو النهج الصحيح". أما تعليقات الرئيس الأسبوع الماضي التي بدا فيها أنه ينتقد الحملة الإسرائيلية، فلا معنى لها طالما أنها لم تؤد إلى إجراءات تهدف إلى كبح جماح نتنياهو، وفق الموقع الأمريكي.

وكان النهج "الثابت" الذي تبناه بايدن في التعامل مع "إسرائيل" وعدوانها على غزة خطأ فادحًا منذ البداية، ومن الواضح أنَّ الرئيس الأمريكي هو من جلب لنفسه هذا الفشل. وقد كشف هذا النهج أنّ نتنياهو يستطيع تجاهل جميع الشكاوي والمخاوف الأمريكية بأمان.

وترك رفض واشنطن استخدام نفوذها في موقف سخيف تمثل في تمكين "إسرائيل" من انتهاك القانون الدولي، بينما تطالب الولايات المتحدة بشكل ضعيف وقف الانتهاكات.

ومكن الدعم الأمريكي غير المشروط للحرب من مواصلة حملة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين. فقد هُجِّروا من مكان تلو الآخر في قطاع غزة. وبينما تستمر إدارة بايدن في القول إنه يجب السماح للسكان بالعودة إلى منازلهم، كان الجيش الإسرائيلي قد دمر البنية التحتية والمنازل بالكامل في معظم أنحاء القطاع، بحيث لا يوجد شيء يمكن للناس العودة إليه لاحقًا.

وشرَّدت الحرب جميع سكان غزة تقريبًا،وكل مكان افترضوا أنه ملجأ في جنوب القطاع سرعان ما صار منطقة حرب جديدة. ولم يعد هناك ملاجئ أخرى، وحاليًا لا يوجد مكان آمن ليذهب إليه الناس في رفح. وإذا كرر الجيش الإسرائيلي ما فعله في مدينة غزة وخانيونس، فسوف تتحول رفح إلى خراب مشتعل، وسوف ترتفع أعداد القتلى المدنيين ارتفاعًا هائلًا.

وبحسب الموقع الأمريكي، فإنَّ الأزمة الإنسانية في غزة حادة بالفعل، والقتال المستمر يؤدي لتفاقمها. ويمثل الهجوم على رفح حكمًا بالإعدام على عشرات الآلاف من الأشخاص، وربما على أكثر من ذلك بكثير. ويقف سكان غزة بالفعل على حافة الهاوية، وهذا الهجوم من شأنه أن يدفع بالعديد منهم إلى القاع.

واعتبر الموقع أنّ الإدارة الأمريكية كانت تملك العديد من الفرص خلال الأشهر الأربعة الماضية لإنهاء دعمها الواسع لهذه الحرب والمطالبة بوقف إطلاق النار، لكن حتى الآن فشل بايدن في الاستفادة من ذلك. وقد يكون وقف الهجوم البري على رفح هي فرصته الأخيرة لمنع وقوع كارثة إنسانية أكبر.

ويتعين على الولايات المتحدة إجراء تغيير جذري في سياستها فيما يخص "إسرائيل" والحرب على غزة. وتحتاج إدارة بايدن إلى التوقف عن تقديم الدعم غير المشروط للحرب، وتحتاج إلى إعادة تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي أوقفتها، وتحتاج إلى تدعيم تحذيراتها "الفارغة" سابقًا بعقوبات جدية، تتمثل في قطع المساعدات وفرض عقوبات تستهدف على كبار المسؤولين الإسرائيليين، إنّ لم توقف الحكومة الإسرائيلية الهجوم.

بالإضافة إلى منع الهجوم البري على رفح، يجب على الولايات المتحدة أيضًا الضغط على "إسرائيل" من أجل وقف كامل ودائم لإطلاق النار، ورفع الحصار الذي أدى إلى خلق ظروف المجاعة في غزة. هذه كلها خطوات كان يجب على الولايات المتحدة القيام بها قبل أشهر، ولكن لا يزال هناك وقت لتصحيح المسار ومنع أسوأ السيناريوهات.