14-فبراير-2024
طفل فلسطيني أمام خيمة في مخيم مؤقت برفح

(Getty) يعاني النازحون في رفح من الأمراض وندرة الأساسيات

نشرت مجلة "تايم" الأمريكية، الثلاثاء، تقريرًا حول العملية العسكرية البرية التي يعتزم جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذها في مدينة رفح، أقصى جنوب قطاع غزة، المكتظة بالنازحين.

وانطلقت المجلة في تقريرها من التأكيد على أنه لا يوجد مكان آمن في غزة، مؤكدةً أن هذا الأمر كان واضحًا منذ الأسابيع الأولى من الحرب، عندما طلبت "إسرائيل" من سكان شمال قطاع غزة التوجه إلى الجنوب استعدادًا لبدء العملية البرية في القطاع، وقد استجاب مئات الآلاف من الفلسطينيين على أمل النجاة بأرواحهم من القصف الذي أودى بحياة أكثر من 28 ألف فلسطيني حتى اليوم.

وذكرت أن الهجوم الإسرائيلي على جنوب قطاع غزة، خانيونس، قد دفع بالمزيد من النازحين إلى مدينة رفح، حيث يحتشد أكثر من نصف سكان القطاع الذين يخشون من أن يجدوا أنفسهم في مرمى النيران مع إعلان "إسرائيل" نيتها الهجوم على المدينة، التي وصفها رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بأنها المعقل الأخير لـ"حماس".

يعيش النازحون في رفح في خيام بالية من النايلون، ويعانون من الأمراض وندرة الأساسيات مثل المياه النظيفة والأدوية

وكان مسؤولو الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية قد حذّروا من أن الهجمات على المدينة ستكون كارثية بالنسبة للمدنيين الذين يحتمون بها. وجاءت تصريحاتهم عقب مقتل أكثر من 100 فلسطيني في هجوم إسرائيلي على المدينة المحاصرة، بحسب المجلة، بين مصر التي ترفض فتح حدودها أمام الفلسطينيين لاعتبارات عديدة، و"إسرائيل"، والبحر الأبيض المتوسط.

وقال أحد سكان رفح إن المدينة: "لم تعد قادرة على استيعاب المزيد"، مؤكدًا أن: "الوضع يزداد سوءًا"، إذ تضاعف عدد سكانها الذين بلغ عددهم 280 ألف شخص قبل الحرب، خمس مرات على مدى الأشهر الأربعة الماضية (1.4 مليون تقريبًا)، مما جعل منها بحرًا من الخيام.

الأوضاع الحالية في رفح

وأكدت المجلة أن المدينة التي تُعد من أكثر المدن اكتظاظًا بالسكان في غزة قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، إذ كانت تضم 280 ألف شخص في 37 كيلو متر مربع؛ أصبحت اليوم الملاذ الوحيد لحوالي 1.4 مليون شخص. وبحسب يوسف حمش، مسؤول المناصرة في "المجلس النرويجي للاجئين" في غزة، فإنه: "لا يمكنك العثور على أربعة أمتار مربعة فارغة في رفح".

ووصل الازدحام بالمدينة لدرجة أن الخيام امتدت إلى الشوارع، حيث اضطرت عشرات الآلاف من الأسر إلى الإقامة في خيام مؤقتة من النايلون، يواجهون الأمراض المتفشية بفعل الاكتظاظ، ويعانون من ندرة الأساسيات مثل المياه النظيفة والأدوية. ولذلك يقول حمش إن احتمال حدوث توغل عسكري في المدينة هو: "أمر جنوني حتى للتفكير فيه"، لافتًا إلى أن "الناس مرعوبون" من هذا الاحتمال.

كيف سيؤثر الهجوم الإسرائيلي على رفح على الوضع الإنساني في غزة؟

أوضحت "تايم" أن التأثير على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، هو من بين أكثر المخاوف المحيطة بالهجوم الإسرائيلي الوشيك على رفح، التي تدخل المساعدات الإنسانية إليها أولًا، وعبر معبرها كذلك. وعن تداعيات الهجوم على عمليات الإغاثة، تقول شاينا لو، مستشارة الاتصالات في "المجلس النرويجي للاجئين": "إذا وقعت أعمال عدائية في رفح، فإن ذلك من شأنه أن يعيق عمليات الإغاثة بشكل خطير".

وشرح بوب كيتشن، نائب رئيس قسم الطوارئ في لجنة الإنقاذ الدولية، خطورة العملية بقوله: "إذا لم يُقتلوا في القتال، فإن الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين سيكونون معرضين لخطر الموت من الجوع أو المرض". وأضاف في بيان: "لن تكون هناك منطقة آمنة واحدة يمكن للفلسطينيين الذهاب إليها بعد أن دمرت منازلهم وأسواقهم وخدماتهم الصحية".

هل سيتمكن المدنيون من إخلاء رفح؟

أما بخصوص مسألة الإخلاء، فقالت المجلة إنه على الرغم من ادعاء مكتب رئيس وزراء الاحتلال بأن مثل هذا التوغل يتطلب إخلاء المدنيين، لكنه لم يتم توضيح خطط الإخلاء هذه حتى الآن.

وأشارت شاينا لو إلى أنه لكي يلتزم الإخلاء الإسرائيلي بالقانون الدولي، يجب: "ضمان مرور آمن للأشخاص الذين يتم إجلاؤهم، ويجب أن يحصلوا على ضمانات بشأن سلامتهم بمجرد وصولهم إلى المكان الذي يُطلب منهم الإخلاء إليه، وعليهم أن يلتزموا بالقانون الدولي". وذلك بالإضافة إلى ضمان عودتهم إلى ديارهم بمجرد انتهاء العملية، وأن العودة كذلك ستكون آمنة.

لكن ذلك لم يحدث، ولم يتلق السكان حتى اللحظة مثل هذه الضمانات. في المقابل، تسود حالة من الارتباك والخوف بين الناس بشأن ما قد يحدث لهم عند الاجتياح، وإلى أين سيذهبون حينها، وما إذا كان هذا الكابوس الطويل سينتهي يومًا ما.