14-فبراير-2024
مجزرة مخيم جباليا

(Getty) آثار الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا

في اليوم الـ131 من العدوان، تعرّضت مناطق متفرقة من قطاع غزة لقصف مدفعي وجوي عنيف ومكثّف، تزامن مع معارك عنيفة بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية، التي تواصل التصدي لقواته المتوغلة في مختلف محاور القتال.

واستشهاد وأُصيب عدد من الفلسطينيين فجر اليوم الأربعاء، بينهم نساء وأطفال، في قصف طال موقعًا شرق مدينة دير البلح، ومنزلًا في النصيرات، وسط قطاع غزة.

وأفادت وسائل إعلام محلية بسماع أصوات إطلاق نار كثيف شرق المغازي وسط القطاع. فيما أطلقت مروحيات جيش الاحتلال النار على منطقة القرارة شمال شرق خانيونس.

قال الأمين العام للأمم المتحدة إنه من بين 700 ألف شخص يعانون من الجوع في العالم، يعيش 4 من كل 5 منهم في قطاع غزة

وبينما تستمر الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار في القطاع، أفادت وسائل إعلام عبرية نقلًا عن مصادر سياسية، بأن المباحثات التي شهدتها العاصمة المصرية القاهرة بشأن وقف إطلاق النار، أمس الثلاثاء، انتهت دون تحقيق أي انفراج.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، أمس الثلاثاء، إن عدد ضحايا العدوان المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، ارتفع إلى 28.473 شهيدًا و68.146 مصابًا، معظمهم من الأطفال والنساء.

وأضافت، في بيان مقتضب عبر منصة "تلغرام"، أن قوات الاحتلال ارتكبت خلال الساعات الـ24 الماضية، 16 مجزرة بحق المدنيين في قطاع غزة راح ضحيتها 133 شهيدًا و162 مصابًا. كما أكدت وجود العديد من الضحايا إما تحت الركام أو في الطرقات تمنع قوات الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم.

مستشفيات خانيونس تحت الحصار والقصف

وأعلن المتحدث باسم الوزارة، أشرف القدرة، في عدة بيانات مقتضبة، أن الوضع في مجمع ناصر الطبي في خانيونس، الذي تحاصره قوات الاحتلال منذ عدة أيام، يزداد سوءًا. وقال إن الأخيرة أبلغت إدارة المجمع بإخلاء النازحين والإبقاء على المرضى والكوادر الصحية.

وأضاف القدرة أن قوات الاحتلال دمرت السور الشمالي لمجمع ناصر الطبي، واستهدفت مدارس محيطة به ما أدى إلى اشتعال النيران فيها وانتقالها إلى مخزن الأجهزة الطبية للمجمع الذي احترق بالكامل، بالإضافة إلى مخزن المهمات الطبية الذي احترق بنسبة 80 بالمئة.

ولفت القدرة إلى أن مياه الصرف الصحي لا تزال تغمر قسم الطوارئ بالمجمع وتعيق عمل الطواقم الصحية. كما حذّر من كارثة صحية نتيجة ازدياد تكدس النفايات في مختلف أقسام المجمع، الأمر الذي قد يؤدي إلى انتشار الأوبئة وتلوث جروح المرضى.

وأشار القدرة إلى أن الكوادر الصحية والمرضى والمرافقين في المجمع هم في دائرة الخطر الشديد، مؤكدًا أن قوات الاحتلال تطلق النار على النازحين أثناء خروجهم من المجمع. وأوضح كذلك أن إدارة المجمع لا تستطيع نقل الشهداء والموتى من المرضى إلى ثلاجة الموتى بسبب الخطر الشديد.

وطالب القدرة المؤسسات الأممية بالعمل الفوري على حماية مجمع ناصر الطبي ومنع الكارثة الصحية والإنسانية التي يتعرض لها النازحون والجرحى والطواقم الطبية داخله. كما أعلن، مساء أمس الثلاثاء، استشهاد 3 مواطنين وإصابة 10 آخرين، داخل المجمع، برصاص قناصة قوات الاحتلال.

وفي سياق متصل، أعربت منظمة "أطباء بلا حدود" عن قلقها إزاء الوضع في مجمع ناصر، حيث قالت في منشور على منصة "إكس"، الثلاثاء: "قلقون للغاية إزاء الوضع في مستشفى ناصر في خانيونس جنوبي قطاع غزة".

وأشارت المنظمة إلى طلب جيش الاحتلال إخلاء المجمع من النازحين والإبقاء على شخص واحد من الكوادر الطبية لكل مريض، مؤكدةً أن: "الناس يخشون المغادرة من المستشفى لأنهم سمعوا تقارير عن إطلاق نار على الأشخاص الذين يغادرونها"، كما شدّدت على أنه: "ينبغي منح أولئك الذين يريدون المغادرة الحق في الخروج الآمن".

ولا تختلف الأوضاع في مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عما هي في مجمع ناصر. وكانت المتحدثة باسم الجمعية، نبال فرسخ، قد أشارت في حديث إلى "التلفزيون العربي" إلى اضطرار 8 آلاف نازح لمغادرة المستشفى في ظل استمرار القصف.

لا يوجد ما يكفي من الطعام بغزة

أما على الصعيد الإنساني، فتشهد الأوضاع تدهورًا مستمرًا في ظل شح الطعام ومنع قوات الاحتلال إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع، الذي أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس الثلاثاء أن لا أحد فيه لديه ما يكفي من الطعام.

وقال غوتيريش إن: "من بين 700 ألف شخص يعانون من الجوع في العالم، يعيش 4 من كل 5 منهم في هذا القطاع الصغير". وشدّد على أن: "العوائق التي وضعتها إسرائيل تحد من توزيع المساعدات الإنسانية".

وجدّدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، الثلاثاء، التحذير من أنها لن تتمكن من مواصلة أنشطتها في قطاع غزة إذا لم تتراجع الدول التي قامت بتعليق تمويلها للوكالة عن موقفها.

وقالت مارتا لورينزو، مديرة مكتب "الأونروا" التمثيلي في أوروبا، إن الوكالة ستضطر إلى وقف عملياتها بغزة في غضون بضعة أسابيع إذا استمرت الدول التي علقت دعمها المالي للوكالة في قرارها.

وفي حديثها عن رفح والعملية العسكرية التي تعتزم "إسرائيل" تنفيذها في المدينة، أشارت إلى إن عدد سكانها بات أكبر بست مرات مما كان عليه قبل الحرب، وأكدت أن: "الكلمات تعجز عن وصف الظروف" في المنطقة.

وشدّدت كذلك على أن الأهالي المحاصرين في تلك المساحة الصغيرة يعانون من الجوع والأمراض. وحذّرت من أنه: "إذا أوقفنا عملياتنا فسنرى المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، حتى في أوروبا".

اجتياح رفح يؤدي إلى مذبحة

وفي السياق نفسه، حذّر المفوض العام لـ"الأونروا" فيليب لازاريني، الثلاثاء، من التداعيات الكارثية للعملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة بمدينة رفح، مؤكدًا أنه: "لم يعد هناك أي مكان آمن على الإطلاق"، يمكن للنازحين من المدينة اللجوء إليه.

وقال لازاريني إن: "الناس قلقون ويخافون من عملية عسكرية محتملة واسعة النطاق. إذا وقع الهجوم، فإلى أين سيذهب المدنيون؟"، وأكد كذلك أنه: "لم يعد هناك أي مكان آمن على الإطلاق في رفح، وهناك خوف من أن عدد القتلى والجرحى قد يرتفع مرة أخرى بشكل كبير".

وشدّد على أنه: "من غير الممكن توقع انتقال أكثر من مليون نازح يعيشون في أوضاع مكتظة للغاية في محافظة رفح مرة أخرى، كي تتمكن القوات الإسرائيلية من مواصلة تمشيطها بحثًا عن مقاتلي حماس"، وفق تعبيره.

من جهته، حذّر نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، من خطورة العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، التي قد تؤدى إلى وقوع "مذبحة". وقال، أمس الثلاثاء، إن: "أكثر من نصف سكان غزة محشورون في رفح ويواجهون الموت".  

وشدّد غريفيث، في بيان، على أنه: "ليس لدى سكان رفح سوى القليل من الطعام، وبالكاد يحصلون على الرعاية الطبية، ولا مكان آمنًا يذهبون إليه". وأضاف: "اليوم أدق ناقوس الخطر مرة أخرى، العمليات العسكرية في رفح يمكن أن تؤدي إلى مذبحة".

المقاومة تواصل التصدي لقوات الاحتلال

ميدانيًا، تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية التصدي لقوات الاحتلال المتوغلة في مختلف محاور القتال في قطاع غزة، واستهداف جنودها وآلياتها. وكانت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، قد أعلنت، الثلاثاء، اشتباك مقاتليها مع قوة صهيونية راجلة مكونة من 7 جنود من مسافة صفر في منطقة عبسان الكبيرة، شرق مدينة خانيونس، وإيقاعهم بين قتيل وجريح.

وقالت الكتائب إن مقاتليها تمكنوا من تفجير عبوة مضادة للأفراد في قوة صهيونية مكونة من 5 جنود تحصّنت داخل أحد المنازل في المنطقة نفسها. كما تمكنوا من الاستيلاء على طائرة استطلاع من طراز (Skylark) كانت في مهمة استخباراتية للعدو شرق حي الزيتون في مدينة غزة.

وفي منطقة القرارة، شمال مدينة خانيونس، استهدفت "كتائب القسام" ناقلة جند صهيونية بقذيفة "الياسين 105"، وقالت: "فور وصول قوة النجدة لإنقاذهم تم استهداف ناقلة جند ثانية بقذيفة أخرى". كما فجر مقاتلوها 3 عيون أنفاق مفخخة في قوات صهيونية راجلة في المنطقة نفسها، حيث قاموا أيضًا باستهداف دبابة صهيونية من نوع "ميركافاه" وجرافة عسكرية من نوع "D9" بقذائف "الياسين 105".