22-نوفمبر-2017

الروائي محمد الأمين بن ربيع (فيسبوك)

جاءت "جائزة الطاهر وطّار للرواية"، التي أطلقتها "جمعية نوافذ ثقافية" نهاية عام 2016 وقامت بتوزيعها قبل أيّام، لتنفض الغبار عن شيخ الرّواية الجزائرية، الذي تنكّر له المشهد الجزائري بمجرّد رحيله عام 2010، إذ لم تحمل مؤسّسة ما اسمه، ولم تبادر جهة ما بإطلاق ملتقى يدرس تجربته، وكان ختامها إقدام خليفته في رئاسة "الجمعية الثقافية الجاحظية" على بيع مقرّها في المزاد العلني.

روايتان تاريخيتان هما "قدّس الله سري" و"مؤذن المحروسة يؤذّن في فلورنسا" تفوزان بجائزة الطاهر وطار للرواية

تلقّت جائزة الطاهر وطار انتقاداتٍ كثيرة، منها أنها لم تحدّد مجالًا زمنيًا للأعمال المشاركة، إذ يمكن للروائي المشاركة فيها برواية صدرت قبل سنوات، وقد أقدم الرّوائي واسيني الأعرج على الاعتذار عن رئاسة لجنة تحكيمها، بحجّة أن الجهة المنظمة لم تنسّق مع عائلة الفقيد، وصعوبة العثور على رعاة ماليين، لم يمنع القائمين عليها من المضّي بها قدمًا حتى انضمّت إلى جملة الجوائز المكرّسة في الجزائر، مثل جائزة آسيا جبّار، التي تشرف عليها وزارة الاتصال، وجائزة علي معاشي، التي تشرف عليها رئاسة الجمهورية.

اقرأ/ي أيضًا: منصّة رقمية للجوائز الأدبية في الجزائر

قبل أيّام، أعلنت لجنة التحكيم، التي ضمّت وجوهًا وازنة، هي الأكاديمية آمنة بلّعلى والروائي والجامعي فيصل الأحمر، والناقد والجامعي مخلوف عامر، والروائي والجامعي سفيان زدادقة، والباحث والمترجم إبراهيم صحراوي، عن فوز الرّوائيين الشّابين محمّد الأمين بن ربيع عن روايته "قدّس الله سرّي"، وبلقاسم مغزوشن عن روايته "مؤذّن المحروسة يؤذّن في فلورنسا".

اقتحمت رواية بلقاسم مغزوشن فترة يتيمة روائيًا، هي السّنوات الأولى، التي تلت انتهاء الحكم العثماني للجزائر، على يد الفرنسيين عام 1830، حيث اقتفت طريق آخر دايات الجزائر الدّاي حسين وحريمه، بعد أن أمضى اتفاقية الخروج، من نابولوي إلى ليفورنو فبيزا فلورانسا فباريس فالإسكندرية، التي توفّي فيها عام 1838.

ويبرّر بلقاسم مغزوشن، الذي كتب أولى رواياته باللغة الإنجليزية عام 2007 ونشرها عام 2010، توجّهه إلى الرّواية التاريخية، بكون التاريخ الأكاديمي يغيّب الإنسان، "فكأنّه كتلة جليدية لا يفرح ولا يتألّم". من هنا، يقول محدّث "الترا صوت"، لا بدّ من مقاربة فنية للتاريخ ترصد عواطف كائناته ووجدانها. فهي مقاربة تسدّ ثغرات إنسانية مهمّة، وتنفض الغبار عن جزئيات منسية. من يعلم، مثلًا، أن الدّاي حسين كان لا يترك عرضًا مسرحيًا في منفاه إلا حضره؟".

وعن تخصّصه في الفترة العثمانية بالجزائر، 1516 ـ 1830، يقول صاحب رواية "المحروسة لا تشبه غرناطة": "إن ثلاثة قرون من هذه التجربة الإنسانية والسّياسية والعسكرية والتجارية تستحقّ من الأعمال السّردية بعدد سنواتها على الأقلّ. فهي مليئة بأساطير البحر الأبيض المتوسّط، وبنوادر القصبات، التي شكّلت النواة الأولى للعديد من المدن الجزائرية".

تتناول رواية "قدّس الله سرّي" لمحمّد الأمين بن ربيع حقبة بعيدة نوعًا ما، هي بدايات القرن العشرين

من جهتها، انزاحت رواية "قدّس الله سرّي" لمحمّد الأمين بن ربيع إلى حقبة بعيدة نوعًا ما، هي بدايات القرن العشرين، حيث رصدت علاقة جمعت بين شاب جزائري مهمّش ومهشّم، يعيش على هامش الحياة غير عابئ بكل ما يدور حوله. غير أن هذه العلاقة التي تجمع بينه وبين أدريان مورياك الفرنسية القادمة إلى الجزائر بحثًا عن الحرية والانطلاق، تجعل حياته تأخذ منحى آخر، فيصبح أكثر إقبالًا على الحياة وتشبثًا بمفرداتها رغم أنه خبر تجربة البرزخ وكان على بعد أنفاس من الموت، ثم عاد مجددًا ليحكي ما رآه خلال برزخه.

اقرأ/ي أيضًا: سؤال الحداثة بين الرّؤية الغربية والتلقّي العربي في الجزائر

يقول محمد بن ربيع لـ"الترا صوت" إن روايته هي سرد مضاد، حاول أن يعيد الاعتبار للجزائري البسيط من خلال جعل الغربي يتأثر به حدّ الولع، ويرغب في الاندماج معه. "فاستقدام أدريان مورياك إلى الجزائر وتبنّيها لاسم شمس النهار ما هو في الحقيقة إلا محاكمة لفرنسا، التي جاءت تحمل شعار الحضارة والتمدّن، موهمة الأهالي بأن نور هذين المبدأين سيضيء ما حوله، لكن في الحقيقة لم يكن بعد هذا الوهج إلا الغروب والظلام".

 

اقرأ/ي أيضًا:

نورة طاع الله.. حين يتضخّم الوهم في كتاب

القائمة القصيرة لـ"جائزة الملتقى للقصّة القصيرة العربيّة"