17-نوفمبر-2017

الجزائرية نورة طاع الله

لم يكد المشهد الأدبي الجزائري ينسى الفتاة، التي قالت إنها كتبت 5000 قصيدة، وإنها تحمل مشروع إنقاذ الشعر الغزلي في الجزائر، وحظيت بحوارات في منابر إعلامية كثيرة، بما استفزّ نخبة من الكتّاب معتبرين ذلك تشجيعًا على الرّداءة وتمييعًا للذّوق الأدبي وانتهاكًا لحرمة الإبداع، حتى طلعت عليه المحامية نورة طاع الله قائلةً إنها ألّفت كتابًا تنوي أن تدخل به موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لنيل لقب صاحبة أضخم كتاب معاصر، أسمته "بوّابة النّجاح: فوائد وحكم وأقوال وعبر".

يتكوّن الكتاب، بحسب نورة طاع الله، من 10551 صفحة، ويحتوي على 100000 حكمة ومقولة

يتكوّن الكتاب، بحسب نورة طاع الله، من 10551 صفحة، ويحتوي على 100000 حكمة ومقولة، وتقول: "استندت فيها إلى الواقع والتجارب والقضايا في عصرنا هذا. وقد قمت بتلخيص واقعة ما أو حدث ما أو قضية ما في شكل جملة جاءت في ثوب حكمة ومقولة. إذ حاولت التطرق إلى جميع جوانب الحياة والكتابة عنها بلغتي وأسلوبي البسيط وبينت الإيجابيات و السلبيات وما وصلنا إليه والورود الضائعة منا والأشواك الحاضرة".

اقرأ/ي أيضًا: "الجاحظية".. إرث الطاهر وطّار في المزاد

وقالت نورة طاع الله إنها كانت قادرة على إضافة صفحات أخرى للكتاب، الذي فضّلت ألا تراجعه وألا تغيّر فيه شيئًا حتى يبقى كما كتبته، لو أنها وجدت مطبعة تستطيع أن تطبع كتابًا بعدد أكبر من الصّفحات، التي توقف عندها كتابها.

تضيف نورة طاع الله لـ"الترا صوت": "راودتني فكرة الكتاب منذ كان عمري 13 عامًا، ثم عدت إليه على فترات حتى أكملته، وقدّمته لـ"الدّيوان الوطني لحقوق المؤلف" حتى أحفظه، غير أن الناس تعاطوا مع الأمر بسلبية كبيرة، ناسين أن كل كاتب يقدّم نسخة من منتوجه للدّيوان حتى لا تضيع حقوقه". وتبدي طاع الله اعتزازها بما كتبت يداها: "لن يؤثر في عزيمتي انتقاد المنتقدين ولا سخرية السّاخرين، فأنا لم أوذِ أحدًا".

الجزائرية نورة طاع الله وكتابها العملاق
الجزائرية نورة طاع الله وكتابها العملاق

تحوّل الفيديو الذي قدّمت فيه نورة طاع الله كتابها، حيث قرأت قصيدة عمودية غير موزونة تمامًا، وصورتُها وهي تقف خلفه، إلى مادة ساخرة في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". من ذلك تعليق الشاعر والإعلامي نصر الدّين حديد: "إن القارئ الذي يشتري الكتاب عليه أن يطلب من وزارة السّكن أن تمنحه بيتًا خاصًّا بالكتاب". وراسل الرّوائي والشاعر محمد رفيق طيبي صاحبة الكتاب نورة طاع الله ناصحًا إياها بأن تسحب كلّ مادة أو صورة أو مقال عن الكتاب، "حتى لا يُقال إنه يمثل الواقع الأدبي الجزائري".

يبدو أن المشهد الأدبي الجزائري مقبل على مزيد من التجارب التي وفّرت لها مواقع التواصل الاجتماعي فرصة للظهور والانتشار

يضيف محمد طيبي صاحب ديوان "أعراس الغبار": "إنجازك يا صديقتي لا يختلف عن الأزمة الوطنية وفيضان باب الوادي وأحزاب السلطة والمعارضة وزلزال بومرداس. كنت أتصوّر أنك صاحبة مشروع سردي، وقد كتبت روايتك الأولى وسعدنا بك بما حملت من أخطاء فادحة وضعف لكنها تجربة مرّت والسلام. لكن كتابًا مثل هذا يسبب سخرية الآخرين من الثقافة الجزائرية هو اعتداء علينا جميعًا. راجيًا أن تمزّقيه وتحذفي كل ما يرتبط به على شبكات التواصل الاجتماعي". ويختم: :ننتظرك في رواية بحجم مئة صفحة بدل أن تعيشي هذا الوهم".

اقرأ/ي أيضًا: منصّة رقمية للجوائز الأدبية في الجزائر

من جهته يقول الروائي والإعلامي محمّد علّاوة حاجّي لـ"الترا صوت" إن ظهور مثل هذه الوجوه هو ثمرة للميوعة، التي بات يتميّز بها المشهد الجزائري العام، "حيث انتفت القيم الأخلاقية والثقافية والنقدية، التي تجعل كلّ واحد يقف عند حدّه". يسأل صاحب كتاب "ستّ عيون في العتمة": "هل كانت نورة طاع الله ستجد الجرأة على أن تعلن عن نفسها وعمّا أسمته كتابًا بهذه الطريقة وهذا المضمون لو كانت المنظومة النقدية والإعلامية صحية؟".

يبدو أن المشهد الأدبي الجزائري مقبل على مزيد من هذه التجارب، التي وفّرت لها مواقع التواصل الاجتماعي فرصة للظهور والانتشار. وستجد نخبته الجادّة نفسها بين موقفين، إما اعتبار ذلك حقًّا من الحقوق، وإمّا أن تكون صارمة في الغربلة، انطلاقًا من الضوابط النقدية الصّارمة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بسمة الخطيب.. الحكاية بوصفها شراكة مع الأسلاف

الصفحة الثقافية وسؤال الجدوى