28-أبريل-2023
Getty

الاتفاق جاء نتيجة معارضة واشنطن لتطوير كوريا الجنوبية ترسانة نووية (Getty)

يعد الاتفاق على التعاون بين واشنطن وسيول بشأن استخدام الأسلحة النووية وتعزيز المظلة الأمنية الأمريكية لكوريا الجنوبية  محور زيارة التي يقوم بها هذا الأسبوع رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول إلى الولايات المتحدة، وهي زيارة تستمر لستة أيام استهلها بلقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن.

ووافقت الولايات المتحدة على منح كوريا الجنوبية دورًا مركزيًا في التخطيط الاستراتيجي لاستخدام الأسلحة النووية في أي صراع مع كوريا الشمالية. وفي المقابل، وافقت كوريا الجنوبية على عدم السعي وراء الحصول على ترسانة نووية من الأسلحة.

الاتفاق الأمريكي الكوري الجنوبي هو في المقابل اعتراف ضمني بأن نزع سلاح كوريا الشمالية لم يعد مطروحًا

ويهدف الاتفاق الذي أُعلن عنه خلال الزيارة التي يقوم بها الرئيس يون سوك يول لواشنطن، إلى طمأنة كوريا الجنوبية بأن الولايات المتحدة ستستخدم ترسانتها النووية إذا لزم الأمر  لردع أي هجوم نووي من جارتها كوريا الشمالية أو الرد عليه، حتى لو كان ذلك الإجراء يهدد باستهداف مضاد قد يطال المدن الأمريكية، ويُطلق على هذا التوجه اسم "الردع الموسع" حسب نيويورك تايمز.

Getty

لكن الاتفاق الأمريكي الكوري الجنوبي هو في المقابل اعتراف ضمني بأن نزع سلاح كوريا الشمالية لم يعد مطروحًا، علمًا أنه في السنوات الأربع الماضية  نمت ترسانة كوريا الشمالية بسرعة كبيرة لدرجة أن المسؤولين الأمريكيين والكوريين الجنوبيين توقفوا عن محاولة إجراء إحصاء دقيق لها.

وكان لافتًا للانتباه توجيه الرئيسين الأمريكي جو بايدن والكوري يون سوك يول تحذيرًا مشتركًا إلى كوريا الشمالية، مقتضاه "أنّ أي هجوم نووي من جانبها سيؤدي إلى نهاية نظام بيونغ يانغ".

وكرسالة من واشنطن لكوريا الشمالية بأن هذا التحذير ليس مجرّد كلام، فقد قررت واشنطن إرسال غواصة نووية أمريكية إلى مياه كوريا الجنوبية، في سابقة لم تحدث منذ فترة الحرب الباردة، كما أقرّت واشنطن تدابير جديدة مع حليفتها الجنوبية بينها مشاركة المزيد من المعلومات في حال وقوع هجوم كوري شمالي.

Getty

ومع ذلك، شكك محللون ومتابعون في جدوى هذه الإجراءات، مادامت لم تشمل خططا لنشر أسلحة نووية أمريكية في كوريا الجنوبية.

وفي هذا الصدد نقلت وكالة فرانس برس عن شيونغ سيونغ-تشانغ، من مركز الدراسات حول كوريا الشمالية في معهد سيجونغ قوله: "أن تخشى كوريا الشمالية غواصة نووية استراتيجية مزودة بصواريخ باليستية، يصل مداها إلى 7400 كيلومتر، أمر مشكوك فيه".

مضيفًا أن المدى "البعيد جدًا" لصواريخ الغواصة يعني أنها قد لا تكون قادرة على ضرب كوريا الشمالية إذا كانت في مياه كوريا الجنوبية.

أمّا ليف-إيريك إيسلي، الأستاذ في جامعة ايوا في سيول، فعلّق على الزيارة قائلًا إنه لا شك في أن هذه الزيارة "تمثل مؤشرًا كبيرًا جدًا إلى مستوى العلاقات الأميركية-الكورية الجنوبية مع توسيع التعاون الأمني والاقتصادي والثقافي".

أصوات من تحت الركام

على الطرف الآخر، اعتبر مسؤولون أمريكيون أن الاتفاق الجديد بين واشنطن وسيول، "مشابه لتحركات شوهدت آخر مرة عندما أشرفت واشنطن على الدفاع عن أوروبا ضد الاتحاد السوفييتي"، نقلًا عن فرانس برس.

وأردف المسؤولون الأمريكيون أن الهدف من الاتفاق "طمأنة الشعب الكوري الجنوبي القلِق بشأن التزام الولايات المتحدة بما يطلق عليه الردع الموسع، حيث تستخدم أصول أمريكية، بما في ذلك أسلحة نووية، لمنع شن هجمات على الحلفاء".

وكانت استطلاعات للرأي أظهرت حسب فرانس برس أنّ "غالبية الكوريين الجنوبيين يعتقدون أنه يجب على البلاد تطوير أسلحتها النووية الخاصة". وقد وجدت تلك الرغبة صداها لدى المسؤولين الكوريين حيث سبق للرئيس الكوري الجنوبي أن ألمح  إلى أن سيول قد تلجأ إلى خيار التسليح النووي.

إلا أن واشنطن تعارض ذلك الخيار، فثمة اتفاق ضمني على عدم حصول سيول على ترسانة نووية، وحول هذه النقطة بالذات نقلت فرانس برس عن مدير قسم السياسة في مجموعة "إل إم آي كونسالتنغ" والمحلل السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" سو كيم قوله: "ثمة أمر واضح: هناك اتفاق ضمني على أن سيول لن تصبح دولة نووية". مردفًا القول: "لقد وُضع حد لطموحات سيول النووية".

Getty

وحول طبيعة الرد الكوري الشمالي على الاتفاق الأمريكي الكوري الجنوبي، فرجّح الخبراء "أن يكون هناك المزيد من عمليات إطلاق الصواريخ".

وبحسب الجنرال المتقاعد في الجيش الكوري الجنوبي تشون إن-بوم فإن نظام بيونغ يونغ سيقلل في العلن "من أهمية رسالة الطمأنة التي أرسلتها الولايات المتحدة في ما يتعلق بالردع النووي"، لكن خلف الأبواب "سيفهمون الرسالة: إذا استخدموا أسلحة نووية، فستكون نهاية النظام"، حسب قوله.

القلق في كوريا الجنوبية، يدور حول عودة الحزب الجمهوري للحكم من جديد

في ذات السياق نقلت فرانس برس عن رئيس جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول يانغ مو جين قوله إنه "من غير المرجح أن تتخلى كوريا الشمالية عن أسلحتها النووية عبر الرضوخ لهذه التهديدات". معتبرًا أنه بالنسبة إلى العلاقة الأمريكية-الكورية الجنوبية، فإن "التحدي الأكبر هو شيء لا يملك التحالف أي سيطرة عليه: السياسة الداخلية للولايات المتحدة".

فهناك "قلق فعلي"، حسب تقديره، في سيول بشأن عودة الحزب الجمهوري، خصوصا ترامب، إلى البيت الأبيض، إذا استطاع المشاركة والفوز في انتخابات العام 2024، حيث قد يؤدي ذلك السيناريو إن وقع إلى تحول في العلاقة بين واشنطن وسيول.