27-أبريل-2023
Getty

ظهرت عشرات الحالات التي كشف فيها عن وجود عملاء لروسيا وبالأخص في أوروبا (Getty)

منذ أن شنت روسيا حربها في أوكرانيا في شباط/فبراير من العام الماضي ، لم يمر أسبوع تقريبًا، حسب الغارديان البريطانية، دون أنباء عن كشف جواسيس أو عملاء أو مخبرين روس في مكان ما من العالم.

وخلال الفترة الماضية حُكم على حارس أمن بالسفارة البريطانية في برلين بالسجن 13 عامًا، كما يجري التحقيق مع جاسوس مزعوم داخل جهاز المخابرات الألماني بشبهة نقل معلومات إلى موسكو، وقبل فترة قصيرة تم القبض على تسعة أشخاص في بولندا بتهمة تعقب شحنات أسلحة إلى أوكرانيا والتخطيط لأعمال تخريبية.

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، ظهرت حالات كثيرة لاعتقال عملاء روسيا في الدول الغربية

وفي الأسبوع الماضي فقط، أصدرت السلطات الأمريكية لائحة اتهام ضد أربعة مواطنين أمريكيين وثلاثة روس متهمين بتنفيذ "حملة نفوذ أجنبي لعدة سنوات في الولايات المتحدة نيابة عن المخابرات الروسية".

والقائمة تطول وتطول، حسب الغارديان، أمّا بخصوص حالات كشف الجواسيس الروس، فهل يعتبر ذلك مؤشرًا على أن روسيا رفعت وتيرة التجسس ضد أهدافها في الغرب؟ أم إن الأمر لا يعدو كونه تعبيرًا عن نجاعة أمنية في كشف جواسيس موسكو في العواصم الغربية؟

Getty

صحيفة الغارديان، التي خصصت تقريرًا مطولًا لتتبع كشف شبكات التجسس الروسية، اعتبرت أنّ الأمر الأكثر لفتًا للنظر، في هذا الملف ربما هو إلقاء القبض على "نخبة من الجواسيس الروس المختبئين والمدربين على تبني هويات أجنبية مزورة للاندماج في المجتمعات الغربية من أجل سرقة الأسرار والمعلومات الأمنية الحساسة في تلك العواصم".

وفي هذا الصدد من اللافت للنظر أنه "لم يتم الكشف عن أي حالة من هؤلاء الجواسيس الروس المتقمّصين لهويات أجنبية بشكلٍ علني في الغرب منذ عام 2011، ولكن في العام الماضي 2022، تم الكشف عن سبع حالات  تشمل النرويج والبرازيل وهولندا وسلوفينيا واليونان".

ويمكن العثور على جزء من الإجابة، حول السؤال الآنف الذكر الخاص "بتساقط الجواسيس الروس" بلا شك في تضاؤل فرص روسيا للتجسس التقليدي، فخلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب في أوكرانيا، ووفقًا لإحصاءات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية طُرد أكثر من 450 دبلوماسيًا من السفارات الروسية، معظمهم من أوروبا.

وكان معظم المطرودين أشخاص تعتقد الدول المضيفة أنهم ضباط استخبارات يعملون تحت غطاء دبلوماسي. حيث دأبت أجهزة المخابرات الروسية على ابتعاث عملائها إلى الخارج تحت غطاء دبلوماسي، ويُعتقد أن حملة الطرد تلك أعاقت بشكل كبير قدرات جمع المعلومات الاستخباراتية لصالح الروس.

ونقلت الغارديان عن مسؤول استخباراتي أوروبي تعليقًا على ذلك قال فيه: "كانت الفترة التي أعقبت الحرب، مع كل عمليات الطرد، تحديًا مصيريًا لنظام المخابرات الروسي الذي حاول تعويض عملاءه العاملين تحت غطاء دبلوماسي بأساليب عمل تجسس أخرى".

لكن على الرغم من كل النجاحات الأخيرة في القبض على الجواسيس الروس خلال العام الماضي، يقول خبراء المخابرات الغربية إن روسيا لا تزال تشكل تهديدًا استخباراتيًا أوسع من أي دولة أخرى.

أصوات من تحت الركام

وبالعودة إلى نقطة الجواسيس غير التقليديين الذين تلجأ إليهم موسكو في حالات كثيرة، وخاصة عندما تواجه صعوبات كالتي واجهتها مؤخرًا بطرد جماعي لدبلوماسييها، حيث عمدت موسكو إلى تنشيط جواسيسها غير التقليديين مع ما يتضمنه ذلك من خطر بكشفهم في ظل ضعف الاحتياطات المتبعة في حمايتهم.

فقد اتضح  أن وحدة المخابرات العسكرية الروسية كانت تزود هذا النوع من العملاء بجوازات سفر صادرة في نفس مكتب جوازات السفر في موسكو وبأرقام تسلسلية وثيقة الصلة ببعضها، مما يجعل من الممكن لوكالات المخابرات، والمؤسسات الصحفية مثل Bellingcat تحديد العديد من النشطاء وجعلهم غير مجديين من الناحية التشغيلية.

طُرد أكثر من 450 دبلوماسيًا من السفارات الروسية، معظمهم من أوروبا، وذلك بعد الحديث عن قيامهم في عمليات تجسس

وأشارت الغارديان إلى أن الجواسيس الروس المعتقلون حديثًا يمكن استخدامهم في مقايضة السجناء الغربيين المعتقلين في روسيا مثل بول ويلان الأمريكي المدان بالتجسس، ومراسل وول ستريت جورنال إيفان غيرشكوفيتش الذي تم اعتقاله مؤخرًا. 

من الصعب تقييم ما إذا كانت الاعتقالات الأخيرة قد قضت على شبكة روسيا أم أنها مجرد غيض من فيض، لكن الراجح أن الكشف عن تلك الشبكات قد يكون مجرد البداية لتساقط بقية "الأحجار".