04-يوليو-2017

صورة بشار الأسد على العملة السورية الجديدة (تويتر)

عادةً ما تحتفي الدول بمبدعيها ومفكريها ممن قادوا إنجازات هامة واختراعات قدمت تحولات كبرى للأمة عبر تاريخها، وأحد أشكال هذا الاحتفاء طباعة صورهم على عملاتها النقدية المحلية في محاولة لتخليد أسمائهم. كصورة العالم الإيطالي غاليليو على العملة الإيطالية، وصورة كوبرنيكوس على العملة البولندية وبنجامين فرانكلين على فئة 100 دولار أمريكي، وهكذا قائمة الأمثلة تطول بين أدباء ومفكرين وعلماء ومخترعين وحتى سياسيين وحكماء أثروا بنهضة أممهم.

أدرج النظام السوري صورة بشار الأسد على إحدى العملات الجديدة، في حركة فسرت كتهديد جديد للشعب ولإعطاء انطباع أن حكمه متواصل للأبد

أما صور بعض الملوك والرؤساء فتدرج غالبًا على الورقة النقدية الأكثر قيمة في البلاد، كدلالة على الإنجازات الاقتصادية الهامة في عهدهم أو شيء من هذا القبيل. ولكن في سوريا اليوم، وبعد ست سنوات من الدمار والقتل والتشريد، يدرج بشار الأسد صورته على العملة الجديدة المطروحة يوم 2 تموز/ يوليو الجاري، وقد فسرها الكثيرون كتهديد جديد للشعب وكسر لشوكته، ولإعطاء انطباع أن حكم الأسد متواصل للأبد.

اقرأ/ي أيضًا: في الشام.. البشر ليسوا سعداء هنا

هذا ما راح كثر ينددون به بسخرية أحيانًا واستفسار أحيانًا أخرى، لماذا يضع اليوم صورته لأول مرة منذ عام 2011 وبعد صورة والده على ورقة نقدية بقيمة 1000 ليرة سورية قديمة؟ وُضعت صورته على الوجه الأمامي للورقة النقدية، وعلى الوجه الخلفي صورة مجلس الشعب، الذي لم يعد يمثل أي طيف أو حضور للشعب.

ورقة نقدية بقيمة الألفين تعكس هشاشة اقتصاد الحرب، إن صح التعبير، هذا ما يمكن ملاحظته بشكلٍ أولي. فهذه القطعة الجديدة تساوي ثلاثة أو أربعة دولارات فقط، أيّ لا تقدر بقيمة طباعتها من جديد حتى، إلى جانب أنها ومقارنةً بغلاء الأسعار والتدهور المستمر لليرة السورية لا تكاد تكفي مصروف يوم واحد لأسرة صغيرة في سوريا.

ولتفسير ذلك الأمر، قال دريد درغام، حاكم بنك سوريا المركزي، بحسب ما نقلته وكالة الأخبار الرسمية، إن "السنوات الماضية شهدت ارتفاعات كبيرة بالأسعار مما زاد من سرعة تداول النقود الورقية وتلفها، فتطلب ذلك طرح أوراق مختلفة جديدة والعمل على أدوات دفع إلكتروني مناسبة". وإن "المصرف قام منذ سنوات بطباعة أوراق نقدية جديدة، إلا أنه فضل بسبب ظروف الحرب وتقلبات سعر الصرف خلالها عدم طرح فئة الـ2000 قبل أن يتأكد من أن الظروف أصبحت ملائمة لذلك".

نعلم أن طباعة النقود من قبل البنك المركزي عملية ليست بالبسيطة اقتصاديًا. فكل وحدة نقدية مطبوعة لا بد أن يقابلها رصيد من احتياطي النقد الأجنبي أو رصيد ذهبي، أو سلع وخدمات حقيقية تم إنتاجها في المجتمع، حتى تكون النقود المتداولة في السوق ذات قيمة حقيقية وليست مجرد أوراق مطبوعة، فكيف حصل كل ذلك أمام استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية وعدم ثباته منذ وقت طويل على قيمة محددة؟

في الأثناء، سارع نشطاء لإطلاق هاشتاغ #الحيوان_بألفين مستخدمين التسمية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتصف العام، ناعتًا بها الأسد بعد قصفه للأطفال في خان شيخون بالكيماوي، حيث انتشر هاشتاغ الحيوان حينها، ليعود اليوم مستحضرًا نفس التسمية يرددون من خلال الهاشتاغ أن "هذه الألفين ماهي إلا قيمة لهذا الشخص الذي لا يوفر جهدًا للقتل والتشريد في هذه الحرب".

سخر السوريون من صورة بشار الأسد على الورقة النقدية الجديدة حيث غيروها بصور بعض الحيوانات أو بصور شخصيات كرتونية

كما وقارن بعضهم بين صورة حافظ الأسد على فئة الألف ليرة سابقًا، وصورة بشار الأسد على الألفين، معللين ذلك بأنه قد بِيع بسعر أعلى من سعر والده.

وظهرت حملة "تتنكر" للعملة الجديدة وتدعو لمقاطعتها خصوصًا في مناطق المعارضة والمدن التي يستقر بها الثوار خاصة.

 

اقرأ/ي أيضًا: بسطات سوريا.. اقتصاد الظل والبسطاء والفساد

 

 

 

 

ولجأ آخرون لابتكار طريقة أخرى للسخرية من صورة الأسد، وهي تطبيق صور للحيوانات بدل صورته على العملة وتداولها على صفحات فيسبوك ونشرها على أوسع نطاق في إطار التهكم والرفض، فمرة كانت الصورة لقرد ومرة أخرى لحمار أو صورًا لشخصيات كرتونية، تلك الصور تقول ربما ما عجزت عنه الكلمات. 

 

 

 

 

 

 

هكذا تداول السوريون حول عملتهم الجديدة، بطريقتهم الخاصة الرافضة والمتهكمة، هذا ما بقي بإمكانهم فعله مع ازدياد ضائقتهم يومًا بعد يوم وقتامة الصورة مستقبلًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وداعًا بكداش.. صيف دمشقي دون بوظة بالفستق

رمضان الشام.. شهر الغلاء واستذكار الغائبين