01-يونيو-2017

الصالحية (الترا صوت)

أسواق على الرصيف وفي الأزقة الخلفية والجانبية، وأسواق طارئة داخل أسواق مشروعة تضارب وتنافس، وأحياناً تَلدُ السوق المشروعة سوقها الظل لكي تمنع العابرين من صيد زبائنهم خارج المحال التجارية.

يعرف الاقتصاد الموازي تطورًا وازدهارًا في سوريا وهو يمثل ما يجاوز 40% من ناتجها المحلي

هذا الاقتصاد الموازي غالبًا ما ينتج في الدول التي يعاني مواطنوها من البطالة وعدم قدرتهم على تأمين حاجياتهم عبر الطرق المشروعة كالتوظيف والعمل الخاص النظامي فيعمدون إلى وسائل أخرى للرزق لا رقابة عليها، وفيها هامش كبير للربح والغش.

اقرأ/ي أيضًا:  "المعاش" في لبنان.. نكتة موسم الأعياد والغلاء

البسطات، تشكل النسبة الكبرى من منتجات السوق الموازية في سورية، وهذه السوق قسم منها يرتبط بمنشآت ثابتة ومحددة جغرافياً مثل مراكز الصرافة، ملاهٍ ليلية، ورش.. والبعض الآخر غير مرتبط بمكان جغرافي محدد (الباعة الجوالون، خدم البيوت، مدرسون خصوصيون..) والفساد الحكومي مساهم كبير في إنتاج هذا النموذج الاقتصادي الذي يعكس هشاشة النظام الاقتصادي في الدول العربية بالمجمل ويبدو واضحاً في سوريا حيث يشكل هذا النمط الاقتصادي ما يجاوز 40% من ناتجها المحلي.

كل أسواق العاصمة السورية الكبرى الآن تعج بهؤلاء الباعة الذين يراكمون بضائعهم أمام المحال التجارية وعلى الرصيف، وهؤلاء هم من الموظفين الحكوميين الذين باتت دخولهم لا تكفيهم الأيام الأولى من الشهر، ومن العاطلين عن العمل الذين لا يريدون الذهاب باتجاه الجريمة ولكنهم يحبذون الجنح من مخالفات الغش والتدليس، ومنهم مخبرون أمنيون يعملون بينهم، وآخرون يشغّلهم أصحاب السوق الأخرى المنافسة.

سوق الحميدية أكبر أسواق العاصمة وأعرقها يعج بمواسم من السوق الموازية التي تعتاش على بيع الألبسة والألعاب والمشروبات، وهي سوق لا تخلو من اللصوص والمجرمين والنشالين، وكذلك يشتغل فيها ما يعرفون بـ(الشقيعة) وهم العاملون في المحال الكبرى الذين يسحبون السياح (سابقاً) والزبائن إلى محالهم، وأيضاً يوجد هامش من مخالفات أكبر كالصرافة والدعارة.

يعمل الكثير من السوريين في السوق الموازي لمواجهة شبح البطالة وعدم قدرتهم على تأمين حاجياتهم عبر الطرق المشروعة وبتواطئ من السلطات

هؤلاء هم عرضة لفساد آخر تشارك فيها الحكومة عبر موظفي التموين والرقابة والشرطة، في شبكة فساد ترتشي وتعيش على هذه السوق الهجينة الكبرى، وعادة ما تصادر شرطة المحافظة البضائع ثم تفرج عنها في الشوارع الخلفية مقابل مبالغ كبيرة تساوي أحياناً ثمنها، وبعض هؤلاء يعملون بموافقة كبار ضباط شرطة المحافظة و(على عينك يا تاجر) كما يقول المثل الشعبي السوري.

أسواق أخرى كالجسر الأبيض والصالحية لا تختلف عن السوق الكبير الشعبي (الحميدية) إلا في نوع البضائع والباعة الجوالين الذين هم من وسط مختلف حيث الأسواق الأغلى والأرقى، والبضائع المهربة، وأما في أسواق البالة المهربة الأجنبية فحجم المال المدفوع لإدخالها و"شرعنتها" أكبر، وكذلك قيمة الرشوة لاستمرارها، فزبائنها هم الموظفون وشباب الجامعات والباحثون عن ماركات معاصرة.

اقرأ/ي أيضًا:  رمضان الشام.. شهر الغلاء واستذكار الغائبين

أما أفقر تلك الأسواق الموازية فهي المنتشرة في محيط مركز انطلاق حافلات النقل العامة (الكراجات) وفي الحواري الفقيرة والمزدحمة، وهي أسواق البرامكة والميدان وباب السريجة وساروجة وأسواق الضواحي المحيطة بالعاصمة، وهذه الأسواق تشهد حالات فوضى وغش وبضائع منتهية الصلاحية، وغياب أدنى أنواع الرقابة الصحية والأمنية.

بالرغم من كل هذه السوق الفوضوية إلا أنها عماد أرزاق السوريين الإضافية والتي تساعدهم على مواجهة الغلاء وانهيار قيمة الليرة السورية، وظروف الحرب القاسية، وفسحة للفساد الكبير الذي يتسع في ظل انهيارات أخلاقية واجتماعية واقتصادية.

باب السريجة (الترا صوت)

سوق البرامكة (الترا صوت)

 

اقرأ/ي أيضًا: 

!حتى مواقع التسوق عبر الإنترنت تبيع الآثار السورية

عربات الجر.. مصدر رزق للسوريين في تركيا