27-مايو-2017

غلاء الأسعار يخيم على رمضان الشام (هوليغر ليو/Getty)

لا أحد يحسد السوريين في الداخل على رمضانهم، وهم في كلا المكانين معارضة وسلطة لا يجدون رمضانًا اعتادوه، فقط سيأكلون مما استطاعوا إليه سبيلًا، وبعضهم سيتدبر أمره بما تنبت الأرض فالمكان محاصر، والطرق مقطوعة إلى الغوطة الشرقية ودير الزور والرقة، وأما في ريف حلب وبعض ريف حمص الشمالي فلا طاقة هناك على الحياة.

لا أحد يحسد السوريين في الداخل على رمضانهم، وهم، معارضة وسلطة، لا يجدون رمضانًا اعتادوه خاصة مع الارتفاع الرهيب للأسعار

في أمكنة أخرى كالشام والساحل وقطع متناثرة بيد السلطة سيفعل السوريون ما يتناسب مع جيوبهم المقفرة، والوجبة التي كانت عامرة باللحم ستقتصر إما على نكهة "ماجي" أو قليله، وقليل من الحلويات الرخيصة ربما "مشبك وعوامة" وبعض الفطائر المغطسة بالسكر المحلول بالماء.

اقرأ/ي أيضًا: "البوقالة" تؤنس سهرات الجزائريات في رمضان

باب السريجة

من أهم أسواق العاصمة، وفي رمضان يتحول إلى سوق آخر فالبضائع المضافة في الشهر الكريم تعطي نكهة جديدة للمتسوقين الذين عادة ما يأتون لشراء السمك والخضار والألبان، وأما في رمضان فتتراكم البسطات العامرة بالخبز المعتق بحبة السمسم، والتمور بأنواعها، واللحوم.

تضاعفت الأسعار كثيرًا في السنوات الأخيرة، وكيلو اللحم البلدي يعادل ربع راتب الموظف، وكان موسم رمضان في السابق موسم احتفال باللحم في كل وجبات إفطار رمضان، وشراء 5 كيلو لحم قد يكون باكورة اليوم الذي يسبق دخول الشهر الكريم، ولكن اليوم سعر الكيلو 5000 ليرة سورية لا يطيق دفعها إلا قلة من السوريين الميسورين.

محال لا تعمل بطاقتها إلا في رمضان تقدم العصائر الشامية الخاصة كالجلّاب والتمر هندي والعرق سوس، ويجتمع المتسوقون قبل ساعة من الإفطار أمام المحال فيكاد يضيق السوق على رواده، وهذه زادت أسعارها أيضًا فهي تباع بالكيس فكيس التمر هندي كان ما بين 10- 25 ليرة سورية وصل سعره اليوم إلى 150 ليرة أي تضاعف ما يربو من عشرة أضعاف.

تخرج من باب السوق إلى الشارع الرئيسي فلا تكاد تشعر أنك خارجه حيث سوق آخر من أهالي الريف الدمشقي الذين قدموا ليبيعوا منتجاتهم فشهر البركة رزقه كبير، وهنا تختلط نداءاتهم مع أدعية رمضان الخاصة.. وأما الفواكه فهي الكرز والمشمش والخوخ، والألبان والأجبان الطازجة فمصنوعة بعناية صُنّاعها.

اقرأ/ي أيضًا: رمضان الجزائر.."ضيف خفيف" بعادات وأطباق متميزة

أنواع من الكبة السورية (الترا صوت)

حلويات الفقر

"مشبك وعوامة" هي أشهر حلويات فقراء سوريا اللذيذة، وهي تصنع أمام المارة في الشوارع والأسواق

"مشبك وعوامة" هي أشهر حلويات فقراء سوريا اللذيذة، وهي تصنع أمام المارة في الشوارع والأسواق، وفي رمضان يشتهيها حتى من يقدر على شراء حلويات "داوود" أو حلويات "مهنا" الشهيرتين حيث سعر الكيلو غرام بآلاف الليرات من "المبرومة" والحلويات الدمشقية الشهيرة. ومنذ أن وصلت الحرب إلى إفراغ جيوب السوريين بالعموم صارت حلوياتهم عزيزة عليهم، فالكيلو الذي كان يباع بخمسين ليرة "في عزه" صار 350 ليرة، وأما بلح الشام والهريسة والنابلسية فتتراوح أسعارها ما بين 700- 1000 ليرة سورية، وهي التي كانت تزين الطاولات بعد تناول الفطور حيث سهرات رمضان التي لا تنسى.

مشبك سوري (الترا صوت)

يا ناعم

هو ضيف رمضان الذي يغيب طوال السنة ويأتي مرة واحدة في هذا الشهر، خبز مقلي مغمس بالدبس لا أكثر ولا أقل، وناعم وخفيف الوزن، واسمه "ناعم"، وطقسه في المناداة عليه، فقط كلمتان في فم البائع الفرح "يا ناعم"، يجتمع المارة الذين يتفرجون على مهارة صناعته البسيطة وحركات البائع في رش الدبس على وجه الرغيف "المقمّر".

من أربع أرغفة بـ 25 ليرة إلى أحجام جديدة وصغيرة باتت تكلف 300- 500 ليرة لكيس الناعم، وأصبح الدمشقيون في أغلبهم يعبرون أمامه يستذكرون فرحة صغارهم الصائمين بحضوره بعد الإفطار.

ناعم (الترا صوت)

شهر الغائبين

بعيداً عن وجع الغلاء وقلة الحال، أضحى رمضان شهر استذكار الغائبين، المفقودين، الشهداء، المهاجرين والمهجّرين، الموائد العامرة بالبشر وحيدة في بيوت الشام وسوريا عمومًا، ويرسل الأقارب صورهم في الغربة والمخيمات ومدن اللجوء الجديدة كتعويض عن أيام خوالٍ كانوا جميعهم يتحلقون فيها حول مائدة واحدة.

مخللات سورية مختلفة (الترا صوت)

 

اقرأ/ي أيضًا:

"قطع الطريق".. كرم سوداني فريد في رمضان

رمضان الجزائريين.. أرصفة محتلة