28-يونيو-2017

المقبرة شبعت دموعاً لم تشهدها منذ العيد الفائت (سامر الدومي/ أ.ف.ب)

إننا في الأيام التي تلي العيد.. ببساطة الناس ليسوا سعداء هنا.. والأولاد لم ينسوا الأراجيح وبنادق القتال البلاستيكية، في بلاد صارت البندقية فيها رمز قتل ودفاع عن النفس، وحتى تلك الحواري الفقيرة فستشهد معارك وهمية غير قاتلة عن أولئك، الذين يخوضون معارك الموت ويموتون كل دفاعًا عن عقيدته في الموت.

المقبرة في فجر اليوم الأول من العيد في سوريا شبعت دموعاً لم تشهدها منذ العيد الفائت

من المقبرة إلى اللعبة

الأمهات أنجزن حفلة البكاء الشديدة، والمقبرة في فجر اليوم الأول من العيد شبعت دموعًا لم تشهدها منذ العيد الفائت، ثمة طقس للنحيب والتفجع على الذين ماتوا وكلهم شهداء حتى أولئك الذين سقطوا بطلقة أو قذيفة طائشة، وكل المتحاربين على الجبهات التي تشتم بعضها وتخوّن حراسها.

تعود الأمهات إلى البيوت التي لم تعرف الفرح لكن طقس العيد يعود للتذكر، فلا بد من حلويات العيد وكعكه، رائحة الكعك هي الدليل الوحيد على قدوم العيد، وثمة أمّ تردد "ما ذنب الصغار في جرائم الكبار".

يمسك الصغار بلهفة على قروش العيد التي لم تعد تكفي لشراء قطعة سكر أو مسدس (ضغط)، أو لعبة لفتاة بشعر صناعي خفيف.. لكنها الرموز التي تستمر.

اقرأ/ي أيضًا: عيد الجزائريين..كل شيء أقل

(عمار سليمان/ الأناضول)

توت شامي.. وسينما

عصائر الشام بأنواعها هي مشروب الكبار والصغار في شوارع العيد التي تمتلئ عادة بالباحثين عن مشاوير مجانية أو شبه مجانية. التوت الشامي والتمر هندي والسوس مشروبات "تبلّ الريق الجاف" في صيف تجاوزت الحرارة فيه 35 درجة. حزيران شهر الصيف والماء، السبيل الذي اختفى من زواريب المدينة.

السينما هي المتعة الثانية التي يبحث عنها اليافعون في دمشق، وبالرغم من تراجع عدد الصالات وغلاء أسعار التذاكر، والأفلام القديمة التي يخرجها أصحاب الدور في موسم العيد إلا أنها لا تزال متعة العيد.

لا تزال السينما هي المتعة التي يبحث عنها اليافعون في عيد دمشق بالرغم من تراجع عدد الصالات وغلاء أسعار التذاكر والأفلام القديمة

(محمد أبازيد/ أ.ف.ب)

مساء الربوة

العائلات الدمشقية اعتادت الذهاب في سيرانها المعتاد.. منطقة الربوة وطريق بردى المنعش هو أهم متنزه حالي لسكان العاصمة بعد أن اختفت الغوطة من خارطة الهواء العليل في ريف العاصمة، ولا تزال هواجس الحرب ومشاهد الدمار طاغية على الطريق الممتد من باب شرقي إلى عمق الغوطة حيث الأشجار فزاعة موت بعد أن كانت ظلالاً وفية.

في الربوة، المطاعم المفروشة وسط الأشجار وشلالات صغيرة متدفقة من النهر الخالد تصب بجوار طاولات المنتظرين لطعام دمشقي وماء بارد لا مثيل لعذوبته وبرودته إلا هنا.

هنا ذكريات كل الدمشقيين، وكل زوار المدينة وعشاقها، والأشجار حُفرت عليها أسماء من مروا، وذكريات الماضي سريعة ومواعيد صارت ذكرى لمن اغتربوا أو هجروا.

اقرأ/ي أيضًا: انتحار في العيد.. لماذا ينهي الشباب حياتهم في مصر؟

(عامر المهيباني/ أ.ف.ب)

ليسوا سعداء

كل أجواء العيد والوجوه التي تحاول الابتسام هنا تقول لسنا سعداء، كل عائلة فيها مفقود أو شهيد أو مهاجر، وحتى العائلات التي لم تفقد أحداً تخشى الفرح فثمة حزانى من الجيران والأصدقاء، وثمة من غادر ولم يبق من أثره سوى رسالة عابرة على (الواتس اب)، والجميع أهلكه الغلاء وضيق الحال، وانتظار الأيام القادمة المجهولة التي لا يعرف أحد أين تسير بهم وبالبلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"كذبة نيسان".. "آكيتو بريخو" في أصلها السوري

لماذا نحتفل بعيد الحبّ؟