04-سبتمبر-2018

يحذر ناشطون من أن قمع السلطة للتظاهرات قد يؤدي لمزيد من العنف (Getty)

البصرة مجددًا، بركان من الغضب الشعبي الذي يكاد ينفجر، بعد أشهر من مواجهة مطالب المدنيين السلميين بالرصاص والغاز المسيل للدموع، وسقوط عشرات القتلى والجرحى بين صفوف المحتجين الذين يحاصرهم العطش

اتهم ذوو الكعبي القوات العراقية بقتله برصاصة اخترقت كتفه الأيمن، مؤكدين أنه قضى أثناء نقله إلى المستشفى جراء نزيف حاد

شهدت المدينة العراقية التي يتصاعد غليان تظاهراتها، مساء الإثنين، الثالث من أيلول/سبتمبر، مقتل أحد المتظاهرين وهو شاب يدعى مكي ياسر الكعبي، حيث واصلت القوات الأمنية العراقية استخدام الرصاص الحي لتفريق تظاهرات واسعة، قطعت على إثرها الطرق وأحرقت الإطارات.

اتهم ذوو الكعبي القوات الأمنية بقتله برصاصة اخترقت كتفه الأيمن، مؤكدين أنه قضى أثناء نقله إلى المستشفى جراء نزيف حاد، في حين طالبت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، القضاء بالتحقيق الفوري بمقتل الكعبي خلال المظاهرات، وإحالة المتسببين بمقتله إلى المحاكمة.

وكانت قوات الرد السريع "سوات"، قد شرعت بفتح النار بصورة مباشرة على المحتجين مساء الإثنين، في أحياء العباسية والبريهة وشارع السعدي وسط البصرة، لتفريقهم، وهو ما أظهرته مقاطع مصورة، كما قامت القوات ذاتها بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المنازل في تلك الأحياء لمنع اختباء المتظاهرين الفارين من النار.

اقرأ/ي أيضًا: آلاف حالات التسمم في البصرة.. مشهد مكتمل لمدينة منكوبة

لم تنج المستشفيات أيضًا من أعمال العنف، إذ تم رمي بوابة مستشفى السعدي في مركز المحافظة بغاز الفلفل والقنابل المسيلة للدموع، لمنع وصول الجرحى من المحتجين، أثناء تواجد العديد من المرضى من غير المحتجين بداخلها، فيما نفذت حملات اعتقال عشوائية طالت العشرات من المحتجين، رافقتها اعتداءات وضرب عنيف بالعصي والهراوات والأنابيب المعدنية، قبل أن ينقلوا إلى جهات مجهولة.

جثمان يتظاهر

ومع ساعات صباح الثلاثاء الأولى، تجددت التظاهرات، يقودها موكب تشييع جثمان "الكعبي" الذي انطلق من الطب العدلي واتجه باتجاه مبنى المحافظة، حيث أظهرت صور والدة القتيل في صدارة التظاهرة وهي تحمل صورة لولدها، مرتديًا زي المقاتلين ضد تنظيم داعش.

إلى ذلك، أفادت مصادر لـ "ألترا صوت"، أن القوات الأمنية استخدمت الرصاص لتفريق مشيعي الكعبي عند وصولهم إلى مبنى الحكومة المحلية، في حين أظهرت مقاطع فيديو تداولها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من القوات الأمنية وهم يطلقون الغاز المسيل للدموع لإجبار المشيعين على الانسحاب من أمام المبنى.

خلفت هذه المشاهد غضبًا شعبيًا عارمًا، ليس على مستوى محافظة البصرة فحسب، حيث دعا مواطنون وناشطون الى إطلاق تظاهرات واحتجاجات واسعة في محافظات الوسط والجنوب لمؤازرة البصريين في مطالبهم المشروعة، ومحاسبة المسؤولين عن سوء الخدمات والمنشغلين بمصالحهم من السياسيين.

وحذر ناشطون من أن السلطة هي من تتحمل المسؤولية في حال خرجت الاحتجاجات عن السلمية واتخذت مسارًا عنيفًا، بعد ما مارسته من عنف تجاه مطالب مشروعة وحراك سلمي كفله الدستور.

انفجار الغضب

وقد يكون رصاص القوات الأمنية قد اخترق بالفعل صبر المحتجين وسلمية حراكهم، حيث هددت عشيرة القتيل بحمل السلاح ضد الحكومة المحلية، انتقامًا لدم ولدهم الذي قتل خلال التظاهرات، ودعوا جميع عشائر المحافظة إلى مؤازرتهم، في حين قالت مصادر محلية لـ"ألترا صوت"، إن عشائر البصرة بعثت برسالة لقائد عمليات المحافظة، هددت من خلالها بحمل السلاح والمقاومة، إذا استمرت القوات الأمنية في استعمال القوة المفرطة ضد المتظاهرين.

خلت نواحي الكرمة والتميمية بحسب مصادر محلية، من العناصر الأمنية، بعد طردهم من قبل العشائر والأهالي، إثر لجوئهم للعنف في الليالي الماضية

وكانت حركة عصائب أهل الحق، إحدى مليشيات الحشد الشعبي، قد هددت، قبل أيام، قيادة العمليات بالمواجهة المسلحة في حال استمرت باستخدام القوة ضد المحتجين.

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة.. نار القمع والإفقار تأكل عاصمة اقتصاد العراق!

في المقابل، خلت نواحي الكرمة والتميمية بحسب مصادر محلية، من العناصر الأمنية، بعد طردهم من قبل العشائر والأهالي، إثر لجوئهم للعنف في الليالي الماضية، في حين أغلق جسر الكزيزة الذي يعتبر المنفذ الرئيسي لطريق بغداد - البصرة، من قبل الأهالي، لمنع وصول قوات عسكرية من خارج المحافظة.

من جانبه طالب محافظ البصرة أسعد العيداني، الثلاثاء، رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بنقل قائد عمليات البصرة خارج المحافظة، وفقًا لما أكدته وكالات أنباء محلية، حيث أرسل العيداني كتابًا رسميًا للقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، يطالب من خلاله بنقل قائد عمليات البصرة الفريق الركن جليل الشمري لمكان آخر خارج المحافظة، بناءً على طلب أهالي المحافظة.

ويذكر أن الاحتجاجات في البصرة قد تأججت قبل نحو أسبوع، على خلفية انقطاع المياه في عدد من المناطق، وتلوث مياه الشرب في مناطق أخرى، ما أدى بحسب مفوضية حقوق الإنسان في العراق، إلى تسمم نحو ثلاثين ألفًا من سكان البصرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

احتجاجات البصرة في العراق.. النار لا تأتي إلا بالنار!

تظاهرات البصرة تتوسع في العراق.. سخط الجنوب يوحد الشارع