16-يوليو-2018

توسعت المظاهرات في العراق بشكل أخاف السلطات (Getty)

لم تتوقف الاحتجاجات في البصرة جنوب العراق، بل وصلت إلى أكثر من أربع محافظات أخرى، في ميسان وذي قار وكربلاء، بالإضافة إلى النجف، مكان المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق، حيث كانت تظاهراتها الأشد والأكثر تصعيدًا منذ يوم الجمعة 13 تموز/ يوليو الجاري.

اقتحم المتظاهرون في البصرة، فندق شيراتون الذي كان يتواجد فيه رئيس الوزراء حيدر العبادي، لكنه خرج منه هاربًا

وقد اقتحم المتظاهرون في البصرة، فندق شيراتون الذي كان يتواجد فيه رئيس الوزراء حيدر العبادي، لكنه خرج منه هاربًا. فيما قال مصدر من هناك لـ"ألترا صوت" إنه قد "قيل للمتظاهرين حين دخلوا الفندق، إن العبادي ذهب إلى قيادة عمليات البصرة، لكنه كان موجودًا"، واستطاع الخروج بعد مغادرتهم.

 وقام المتظاهرون بغلق ميناء أم قصر، وقطع طريق بغداد البصرة، واستمرت الاحتجاجات بأشكال تعبيرية شتى، فيما لم تُجد كل دعوات التهدئة من قبل الحكومة، والوعود التي كان أبرزها الاستعانة بإيران لتوفير الكهرباء، حيث وصل وفد وزاري إلى العاصمة الإيرانية طهران، لبحث إعادة خطوط استيراد الطاقة الكهربائية إلى الخدمة، بعد الأحداث التي شهدتها البلاد احتجاجًا على تردي الخدمات والكهرباء والماء الصالح للشرب.

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات البصرة في العراق.. النار لا تأتي إلا بالنار!

وفي النجف، دخل المتظاهرون إلى مطار النجف الدولي ومكتب المحافظ ومبنى مجلس المحافظة احتجاجًا على سوء الخدمات، ما أفرز عن حدوث مناوشات بين القوات الأمنية والمتظاهرين، توقفت بسببها حركة الطيران بالكامل في المحافظة. وقد أقدم المتظاهرون على حرق مقرات الأحزاب، ومنها حزب الدعوة الإسلامية الحاكم، وتيار الحكمة، ومقر حزب المؤتمر الوطني، ومقر حزب الفضيلة، ومقرين تابعين لفصائل الحشد الشعبي، كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، وقد وجه الأخير نيران سلاحه على المتظاهرين لإبعادهم عن المقر، وقتل منهم وأصاب!

وفي السياق نفسه، انتقلت حمى التظاهرات إلى محافظة ميسان احتجاجًا على تردي الخدمات والأزمات المتراكمة، حيث أسفرت عن اقتحام المتظاهرين مبنى المحافظة، ثم مهاجمتهم مقر حزب المجلس الأعلى الإسلامي، وهو حزب يملك فصيلًا مسلحًا مقربًا من إيران، ثم انتقلوا إلى مقر حزب الدعوة الإسلامية في ميسان فأحرقوه، وبعدها إلى مقر تحالف الفتح، الجناح السياسي لفصائل الحشد الشعبي فقاموا بالهجوم عليه وتمزيق الصور المعلقة عليه، ما أسفر عن سقوط متظاهر قتل بسلاح حماية مقر الفتح.

أما في ذي قار، فقد سقط عدد من المصابين أثناء محاولة القوات الأمنية منع المحتجين من اقتحام منزل محافظ المنطقة، غير أن عددًا من المتظاهرين قاموا بحرق الإطارات أمام منزله بالفعل. واستمر الاحتجاج في مناطق متنوعة، ما أسفر عن إعلان حظر تجوال شامل، في محاولة للسيطرة على حالة السخط الجمعي الحاصل في المحافظة.  

وفي بابل، اقتحم المتظاهرون مكتبًا لحزب الدعوة في مدينة القاسم، جنوب المحافظة، ومكتبًا لحزب الفضيلة، ثم تصاعدت وتيرة الاحتجاجات حتى وصل المتظاهرون في المدينة إلى مكتب حركة البشائر، التابعة لائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي فقاموا باقتحامه. ولم يجد المتظاهرون غير مقرّات الأحزاب للتنفيس عن حالتي السخط والإهمال التي يشعرون بها، فأحرقوا بعضها، ولم يستطيعوا الاقتراب من بعضها بسبب الرصاص الحي الذي قوبلوا به.

كل شيء يسير نحو التصعيد

وانطلقت التظاهرات هذه المرة في جنوب العراق، مجمع جمهور الأحزاب الشيعية، وموطن قواعدها في الاستقطاب الانتخابي، واندلعت في فترة حرجة، أي قبل تشكيل الحكومة، وأثناء الأيام التي يتم الاتفاق فيها على الكتلة الأكبر.

وحتى الآن، فإن الكتل السياسية جميعها متفاجئة مما يحدث، بعد أن فشلوا في كل الخطوات التي قاموا بها أمام المتظاهرين.

 انتقلت حمى التظاهرات إلى محافظة ميسان احتجاجًا على تردي الخدمات والأزمات المتراكمة

وقد أطلقت الحكومة العراقية الوعود السخية للمحافظات بهدف احتواء الطاقة الاحتجاجية لدى الناس، لكن المحتجين ردوا بحرق المقار الحزبية، ما كان، حسب مراقبين، أشبه بلحظة "انسداد" بين النظام والناس. فيما يمضي كل شيء إلى التصعيد.

 ولم يستجب المتظاهرون لأي من القيادات الحزبية أو الدينية، بمن فيهم أولئك الذين دأبوا على أن يكونوا ذوي شأن وكلمة مطاعة.

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة.. نار القمع والإفقار تأكل عاصمة اقتصاد العراق!

ومنذ 15 عامًا لم تعص أوامر علي السيستاني، المرجع الشيعي الأعلى في العراق. كان كل ما يقوله يُنفذ، لمكانته المعنوية والدينية، لكنه اليوم دعا إلى أن تكون التظاهرة سلمية، فلم يسمعه أحد، خاصّة في محل إقامته بالنجف، فقد كان المتظاهرون يسيرون نحو مقار الأحزاب الأكثر سطوة على مستوى الطائفة.

وصلت الاحتجاجات في العراق  إلى مرحلة أبدت السلطات تخوفًا واضحًا منها

وكان من اللافت في التظاهرات، حرق مقر عصائب أهل الحق، الفصيل المقرّب من إيران، والذي يخاف منه الجميع، بسبب سلاحه القوي والمنفلت. لكن المتظاهرين تجاهلوا نفوذ الفصيل، وحاولوا مهاجمة مقاره وحرقها. وهو ما يجعل مراقبين، يقولون إن الاحتمالات مفتوحة على تصعيد لم يألفه النظام السياسي من قبل. 

السلطة خائفة من توسع الاحتجاج

وقد وصلت الاحتجاجات إلى مرحلة أبدت السلطات تخوفًا واضحًا منها، فعمدت إلى قطع الإنترنت في جميع المحافظات خوفًا من أن ينظّم المزيد من الناس أنفسهم في تظاهرات، ومحاولة لإخماد الحركة الاحتجاجية الملتهبة. لكن المتظاهرين لم يتوقفوا بسبب قطع الإنترنت، فقد استخدم ناشطون موقعًا خاصًا بالأفلام، بقي متاحًا على الإنترنت، وقاموا بالتعليق على روابط الأفلام، وصاروا ينسقون من خلالها، حول ساعات الخروج والتظاهر، وآخر الأخبار.

وحتى الآن لا توجد إحصائية دقيقة عن عدد القتلى والجرحى من المتظاهرين في المحافظات، لكن الأكيد أنهم قوبلوا بوحشية ورصاص حي، وكذلك بغازات مسيلة للدموع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سباق تركيا وإيران على مياه العراق.. عطش الرافدين على الأبواب!

احتجاجات الكهرباء في كربلاء.. أيادٍ حزبية وراء الفوضى وتشويش الحراك