20-فبراير-2023
Cows in Mafraq

يعد قطاع منتجات الألبان من القطاعات القليلة التي تحقق الاكافاء الذاتي في الأردن. (GETTY)

عندما لاحظت الطبيبة البيطرية هدى الزرعيني مطلع هذا العام بدء انتشار مرض الحمى القلاعية بين الأبقار في منطقة الظليل على بعد حوالي 40 كم عن العاصمة عمان، لم تتوقع أن تختلف هذه الموجة عن سابقاتها، فقد حدث وأن تسلل المرض إلى المواشي سابقًا وتمكن مربّوها من السيطرة عليه ومنع انتشاره. بل إنه انتشر العام الماضي بين الأبقار في المنطقة نفسها وتمكن المربون من السيطرة عليه، وهو ما ولّد اعتقادًا لديهم أن أبقارهم حصينة ضد المرض هذا العام.

تقول هدى إنه بعد استمرار أعراض المرض لليوم العاشر بدأ مربو الأبقار بالقلق، فقد لاحظ الجميع أنه أصاب الأبقار في الفم والضرع والظلف مجتمعة، خلافًا لما يحدث في العادة عندما يصيب عضوًا واحدًا فقط. كما أن درجات الحرارة ارتفعت لدى الأبقار المصابة ارتفاعًا كبيرًا وصل إلى 42 درجة، وتبع ذلك موت مفاجئ، الأمر الذي أثار الخوف لدى مربي الأبقار والمواشي.

أعراض الإصابة بالسلالة الجديدة تمثلت في إصابة الفم والضرع والظلف مجتمعة وفي ارتفاع درجات حرارة الأبقار ونفوقها المفاجئ.

تقول هدى إنه "بعد عشرة أيام من الإصابة بدأ الناس بالشعور بالقلق، إذ لم تكن تظهر على الأبقار أي علامات للتحسن، كما أن الأبقار توقفت عن تناول الطعام بعد اليوم السابع تقريبًا من الإصابة، وهو ما أثر على إدرارها للحليب."

وتضيف إنه "بعد خمسة عشر يومًا من إصابة الأبقار الحلوب، بدأ المرض ينتقل إلى بواكير الأبقار"، أي تلك التي بدأت حديثًا في إنتاج الحليب، "ثم إلى العجول التي لم تتمكن من المقاومة فنفقت"، وقد رافقت فترة دخول المرض رياح شرقية نشطة ساعدت في نشره "وأصبح الحال أشبه بوباء أخذ معه كل ما في طريقه."

سلالة جديدة

الأعراض الجديدة التي لم يألفها مربو الأبقار ولم يألفوا شدتها، تعود إلى اختلاف عترة الفايروس المسبب للمرض، أو سلالته، كما اكتشفوا لاحقًا.

وزارة الزراعة صنفت المرض على أنه مرض جديد غير مستوطن في البلاد، إذ إن الفايروس الجديد المسمى بـ SAT2 غير مسجل في الأردن، وهو مسجل في كل من العراق والسعودية والكويت وإثيوبيا، وعليه فقد اتخذت إجراءات عديدة من بينها وقف استيراد الأعلاف الخشنة من العراق وإغلاق أسواق المواشي 14 يومًا ومنع تنقل المواشي بين المحافظات.

الوزارة أكدت أيضا منتصف الشهر الجاري أن اللقاحات الخاصة بهذه السلالة في طريقها للأردن وسمحت للقطاع الخاص باستيرادها.

وزارة الزراعة قالت إن المرض جديد في البلاد، في حين انتقدت نقابة الأطباء البيطريين ضعف استجابة الوزارة لمناشدات المزارعين.

نائب نقيب الأطباء البيطريين، غضنفر أبو زنيد، كان مطلع الشهر قد حذر من السلالة الجديدة وطالب وزارة الزراعة باتخاذ إجراءات من قبيل تفعيل الاستقصاء الوبائي وفتح غرف عمليات لمواجهة انتشار السلالة الجديدة ومنع تنقل المواشي بين المحافظات، لكنه انتقد أيضًا تعامل الوزارة مع الوضع وقال إن النقابة حاولت الاتصال معها لكنها "وجدت الباب موصدًا".

من ناحيته قال رئيس ائتلاف مربي الأبقار، ليث الحاج، لألترا صوت إنه تم إعطاء الأبقار الجرعة الأولى من اللقاح مؤخرًا، ولا يزال المزارعون بانتظار توفير الوزارة للجرعة الثانية.

خسائر إضافية يتحملها مربو الأبقار

وفقًا للحاج، فقد توقف ازدياد أعداد الإصابات لأن حوالي 90% من الأبقار في البلاد أصيبت بالفايروس الجديد، وتعد كل من الظليل والحلابات بؤرًا للمرض.

يضيف الحاج أن نقطة الخلاف مع وزارة الزراعة تتمثل بمعارضة الاستيراد من مناطق كانت قد سجلت فيها سلالات للفايروس لا يوجد لها في الأردن لقاحات، "فقد دخل المرض حسب اعتقادنا من خلال العجول والمواشي المستوردة من دول موبوءة... ونحن نعتقد أن هناك تقصير من الوزارة، فوفقًا للبروتوكول الصحي يجب أن لا نستورد من دول لديها فايروسات جديدة لا توجد لدينا لقاحات ضدها."

ويقدر الحاج الخسائر في قطاع تربية الأبقار بحوالي 35 مليون دينار، في حين قال رئيس جمعية مربي الأبقار إن أكثر من 300 طن من الحليب أتلفت بسبب عدم سلامتها للبيع والاستهلاك. حجم الخسائر يبدو باهظًا في قطاع تقدر الثروة الحيوانية فيه بحوالي 3.8 مليون رأس من الغنم و92 ألف رأس من الأبقار ومليون رأس من الماعز، ويعتمد بشكل كبير على إنتاج الحليب الذي يعد الرافد الأساسي لحوالي 80 مصنعًا للألبان ومشتقاتها، ليشكل أساسًا مهمًا في اكتفاء البلاد ذاتيًا من الحليب ومشتقاته.

المرض انتشر بين حوالي 90% من الأبقار وتقدر الخسائر الناتجة عنه بحوالي 35 مليون دينار.

الحاج يقول إن الخسائر نتجت عن نفوق عدد كبير من الأبقار، بالإضافة إلى توقف إنتاج الحليب لدى جزء من الأبقار وفوات موسم إدرار الحليب لبعضها الآخر.

يضيف الحاج أن وزارة الزراعة ومجلس النواب وعدا بتعويضات لمربي الأبقار، "لكن كان الحديث أن جزءًا من الخسائر فقط سيعوض لأنه ليس بمقدورهم التعويض عن كامل الخسائر... وهذا القرار إن اتخذ بهذا الشكل فسيكون بمثابة حكم بالإعدام على القطاع، لأن الهدف من التعويضات المطلوبة هو تمكينه من الاستمرار ليظل المزارعون قادرين على تسديد التزاماتهم من شيكات قطعت لدفع الرواتب وثمن الأعلاف وغيرها، فالتعويضات الجزئية لن تغني ولن تسمن من جوع."

ألترا صوت حاول التواصل مع وزارة الزراعة للحصول على تفسيرات لتأخرها باتخاذ إجراءات تحد من المرض، ولمعرفة حجم التعويضات التي ستقدمها الحكومة، لكن من دون جدوى.

لكن وزير الزراعة، خالد الحنيفات، أعلن خلال جلسة نظمتها كل من نقابتي الأطباء البيطريين والمهندسين الزراعيين بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، أن لجنة تقصٍ دولية ستشكل وستبحث في أسباب دخول السلالة الجديدة إلى البلاد.