يمر عيد الأضحى المبارك هذا العام على الكثير من المسلمين في العالم العربي حاملًا معه الكثير من الهموم والأعباء والغصات، وتحديدًا في تلك الدول التي تشهد أزمات سياسية واقتصادية ونزاعات عسكرية. ومع هبوط أسعار العملات الوطنية مقابل الدولار باتت أسعار اللحوم على كافة أنواعها باهظة الثمن وتشكل عبئًا كبيرًا على كاهل المسلمين، وخاصة إبان عيد الأضحى حيث يشتهر بكونه عيدًا دينيًا ذات عادات خاصة ومحددة، ومن إحداها التضحية بالبقر والأغنام وإطعام الفقراء المساكين وشراء كسوة العيد.
يحل عيد الأضحى هذا العام بينما زادت مستويات الإشكالات والكوارث الاقتصادية في عدد من الدول العربية كاليمن وسوريا ولبنان والأردن ما يؤثر بشكل مباشر على عادات العيد المتعارف عليها، ومن بينها تقديم الأضحية
غير أن ما يصبغ العيد هذا العام كونه بترافق مع انهيار مالي كبير في العديد من الدول العربية، في الوقت الذي تسعر المواشي وفقًا للدولار الأمريكي، مما خلق فجوة كبيرة في القدرة الشرائية عند المسلمين العرب حيث أحرق الغلاء جيوب المواطنين وصارت بورصة أسعار المواشي فاحشة لا بل خيالية. ففي اليمن مثلًا، يشكو المواطنون من أن مبيع المواشي بالدولار حصرًا، وقيمة الدولار الواحد تساوي ألف ريال، بينما كانت تساوي قيمة الدولار الواحد في عام 2014 حوالي 215 ريالًا يمنيًا. في الوقت الذي لا يملك الكثير من المواطنين إمكانية الدفع بالعملة الصعبة في بلد هدمته الحروب الأهلية والتدخلات الخارجية حيث أن نسبة 80% من شعبه تعيش تحت خط الفقر وفقًا لتقرير متلفز نشرته قناة الجزيرة.
اقرأ/ي أيضًا: الناشطون في لبنان يحتفلون بهزيمة قوى السلطة في انتخابات نقابة المهندسين
أما في الأردن فقد زادت أسعار المواشي لهذا العام، وصرح رئيس جمعية مربي المواشي، زعل الكواليت، كما نقلت قناة اليرموك الفضائية، وقال "كان سعر كيلو الأضحية حوالي 3 دنانير العام الماضي وسيصل هذا العام إلى 4 دنانير، مما يعني زيادة بنسبة 25%". وعن أسباب ارتفاع الأسعار أشار الكواليت بالقول "سعر الأضحية يصل إلى 250 دينار ويعود ذلك إلى أسباب عدة منها ارتفاع الطالب العالمي على الأضاحي وخاصة بعد تراجع حدة انتشار فيروس كورونا وارتفاع كلفة النقل والأعلاف وبسبب موجات الجفاف"، وأشار إلى أن كثير من الأردنيين سيلجأون إلى الجمعيات الخيرية للحصول على اللحوم بأسعار زهيدة.
وفي سوريا بلغ سعر كيلو اللحوم حوالي 10 دولارات أي ما يساوي 31 ألف ليرة سورية بحسب ما أفادت المواطنة وفا علام لألتراصوت، وأشارت إلى أن هذا السعر باهظ جدًا وليس في متناول الجميع، وتابعت بالقول "صارت الأضاحي رفاهية وكماليات في ظل غياب الأساسيات الحياتية الاخرى كالكهرباء عن المواطنين في سوريا".
هذا في حين يستقبل اللبنانيون عيد الأضحى في ظروف استثنائية، في ظل أزمة اقتصادية وسياسية حادة وانتشار فيروس كورونا والتوجه لإعادة إغلاق البلاد، بعد تسجيل إصابات كثيرة في الأيام الأخيرة. وقد تفاقمت الأزمة الاقتصادية والمالية، ما أدى إلى تسجيل ارتفاع متواصل في أسعار المواد الغذائية، ومنها اللحوم والماشية كالغنم والأبقار، ما يؤثر سلبًا على عدد الأضاحي هذا العام. وبفعل تزاحم الأزمات العديدة في لبنان، شهدت سوق الأضاحي تراجعًا كبيرًا في حركتها التجارية بسبب ضعف السيولة المالية لدى المواطنين، وتحديدًا بسبب انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي.
عن تجربته قال المواطن اللبناني محمد جعفر لألتراصوت "من عاداتنا العشائرية أن نذبح في كل عيد أضحى، وكانت عائلتنا فقط تقوم بذبح ما يقرب من 10 أغنام في العيد، بينما هذا العيد اجتمعت العائلة لذبح غنمتين فقط لا غير"، وأضاف "صار من المتعذر توزيع اللحوم على الفقراء حيث أصبح استهلاك لحم الأضاحي محصورًا بالعائلة الكبيرة".
ومن جهته قال صاحب إحدى الشركات، ويدعى إبراهيم المصري، 40 سنة، ويسكن في مدينة بيروت "اشتريت خروف بسعر 275 دولارًا دون تكلفة الذبح والتنظيف، وتكلفة الخروف المذبوح الجاهز للاستهلاك تصل إلى 320 أي ما يعادل 7 مليون ليرة لبناني للخروف الواحد حيث أن سعر صرف الدولار الواحد بات يساوي 22 ألف ليرة لبنانية"، وأضاف "الرواتب في لبنان منخفضة، فالعسكري متوسط راتبه مليونان ليرة شهريًا، والحد الأدنى للأجور لا يتعدى مليون ليرة لبنانية، مما يعني أن التضحية صارت حكرًا على من لديهم الدولارات الطازجة فقط"، وسخر ابراهيم من الوضع الحالي وقال "عقبال ما نضحي بالسياسيين يلي عنا، هيدي بتكون أحلى تضحية".
وقد قال تاجر لحوم من لبنان لموقع ألتراصوت، وذلك خلال اتصال هاتفي "تراجع شراء الأضاحي بنسبة كبيرة تصل إلى 75% عن السنوات الماضية، وهناك هبوط حاد في بيع الأضاحي لدى التجار"، وأشار إلى أن "المغتربين الذين وفدوا إلى لبنان أو الذين يرسلون أموالًا من الخارج إلى ذويهم، ساهموا إلى حد ما في دعم الأضاحي لكنه لم يصل إلى المأمول منه كما كان في الأعوام الفائتة"، وتابع بالقول مستغربًا "هناك بعض الأشخاص يتشاركون الأضاحي حيث اشترى شخصان أضحية واحدة وتقاسموها سويًا وهذه حادثة لم أكن أشهدها سابقًا".
اقرأ/ي أيضًا:
تواصل الحملات الفرنسية الإلكترونية المعارضة لسياسات ماكرون الصحيّة