05-أبريل-2024
جنود إسرائيليون قرب الحدود مع غزة

(epa) فشلت إسرائيل في تحقيق إنجازات عسكرية حقيقية في غزة

قالت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية إن "إسرائيل" تجد نفسها اليوم، بعد ستة أشهر من حربها على قطاع غزة، في مكان آخر مختلف عن ذلك الذي كانت فيه في بداية الحرب.

وأوضحت الوكالة، في تقرير مطوّل، أن الدعم واسع النطاق الذي حظيت به "إسرائيل" عند بداية حربها على غزة أخذ يتلاشى، وحلّت محله العزلة الدولية والانقسامات الداخلية والخلافات المتزايدة مع أقرب حلفائها، عدا عن كونها أصبحت غارقة في غزة.

ورغم الهجوم العسكري الشرس الذي تشنّه "إسرائيل" على القطاع، إلا أن "حماس" لا تزال صامدة رغم أنها ضعفت إلى حد كبير، بحسب الوكالة. وفي المقابل، أدت الحرب إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة، ونزوح أكثر من 80 بالمئة من السكان الذين بات أكثر من مليون شخص منهم على حافة المجاعة. وبينما لا تزال محادثات وقف إطلاق النار في طريق مسدود، لم تقدّم "إسرائيل" لشركائها رؤية مقبولة لليوم التالي لانتهاء الحرب.

تواجه "إسرائيل"، بعد ستة أشهر من عدوانها على غزة، العزلة الدولية والانقسامات الداخلية والخلافات المتزايدة مع حلفائها

وأكد التقرير أن أهداف رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، من الحرب على غزة، أي تدمير "حماس" وإعادة المحتجزين الإسرائيليين في غزة، لا تزال بعيدة المنال رغم تعهداته المتكررة بتحقيق "النصر الكامل" في الحرب.

وأشار إلى أنه رغم وعوده المتكررة باجتياح مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، إلا أن ذلك قد لا يتم بسبب المعارضة الدولية التي يواجهها، سيما من الولايات المتحدة، بسبب تداعياتها على مئات الآلاف من النازحين الذين لجأوا إليها. ورغم زعمه بأن لديه خطة لإجلاء المدنيين من المدينة، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كانت جاهزة وترضي الأمريكيين.

ولفت التقرير إلى أنه حتى لو قامت "إسرائيل" باجتياح رفح، فإنه لا توجد أي ضمانات لنجاح العملية والحرب برمتها على المدى الطويل، خاصةً أن "حماس" تمكنت من إعادة تجميع صفوفها في المناطق التي تركتها القوات الإسرائيلية.

عزلة دولية متزايدة وانقسامات داخلية

ومع تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، ومقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، تلاشى الدعم الدولي الذي حظيت به "إسرائيل" في بداية حربها، مقابل تزايد الإدانات ودعوات وقف إطلاق النار حتى من أقرب حلفائها، نتيجة التداعيات الكارثية للحرب.

وبلغت هذه العزلة ذروتها في 25 آذار/مارس الفائت، عندما أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار رغم اعتراض "إسرائيل"، التي أثار سماح الولايات المتحدة الأمريكية بتمرير القرار غضبها.

وازدادت الأمور سوءًا بالنسبة لدولة الاحتلال بعد مقتل 7 من عمّال الإغاثة في غارة جوية استهدفتهم في مدينة دير البلح وسط القطاع، ما أثار غضب العديد من دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة. كما أدت الغارة الجوية على مبنى القنصلية الإيرانية في سوريا، وإغلاق قناة الجزيرة، إلى زيادة نفور الحلفاء من تل أبيب.

أما على صعيد الأوضاع الداخلية، فقد تلاشت الوحدة التي تشكلت في بداية الحرب، وعاد الانقسام الذي كان سائدًا قبل بدايتها، وذلك في الوقت الذي تتواصل فيه الاحتجاجات الأسبوعية ضد الحكومة الإسرائيلية لأسباب عديدة، أهمها فشلها في إعادة المحتجزين في غزة.

حماس لا تزال موجودة بغزة

ونتيجة ذلك، إضافةً إلى استمرار الحرب دون تحقيق نتائج ملموسة، تراجعت شعبية نتنياهو الذي حمّله كثيرون مسؤولية الإخفاقات الاستخباراتية والأمنية التي سمحت بوقوع هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وقد يواجه ضربة قاصمة من حلفائه المتدينين المتشددين، تؤدي إلى انهيار ائتلافه الحكومي، في حال إجباره رجال الدين اليهود على الخدمة العسكرية الذين كانوا، لعقود طويلة، معفيين منها.  

في المقابل، ورغم مرور ستة أشهر على بداية الحرب، وادعاء "إسرائيل" بأنها قتلت 13 ألف جندي من "حماس" وفككت قدراتها العسكرية، إلا أن الحركة تعيد تجميع صفوف مقاتليها في المناطق التي سبق وأن أعلنت "إسرائيل" انتصارها فيها، عدا عن أنها لا تزال "سليمة" في رفح. ورغم وجود مظاهر بسيطة من السخط تجاه الحركة، إلا أنه لا توجد علامات على وجود معارضة شعبية واسعة النطاق لها.

وقال مايكل ميلشتين، وهو ضابط سابق رفيع المستوى في المخابرات العسكرية الإسرائيلية وهو الآن خبير في الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، إن "إسرائيل" تواجه خيارين غير جذابين: إما قبول صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار وبالتالي بقاء "حماس"، أو تكثيف العمليات العسكرية على أمل تدمير الحركة في نهاية المطاف. كما أكد أن التوقعات بأن النهج الحالي للجيش الإسرائيلي يمكن أن يدمّر "حماس" أو يجبرها على الاستسلام، هو مجرد أمنيات.

وذكر التقرير أن واحدة من التحديات التي تواجه الحكومة الإسرائيلية في الوقت الحالي، هو عدم وجود سياسة لما بعد الحرب على غزة، أو إجماع بشأن مستقبلها. فبينما يأمل نتنياهو بالسيطرة على القطاع وتسليم إدارة شؤونه اليومية لـ"شركاء فلسطينيين محليين"، تقوم الولايات المتحدة وحلفائها بالترويج لخطط ورؤى مختلفة تمامًا.

ودعت الولايات المتحدة إلى عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن نتنياهو يعارض إقامة الدولة وأي دور للسلطة في القطاع.